في26 أبريل1986 وقعت حادثة تشيرنوبيل, الحادثة النووية الأخطر في تاريخ الطاقة النووية, وهي حادثة الوحدة النووية الرابعة من إجمالي أربع وحدات نووية, قدرة كل منها1000 ميجاوات كهرباء في أوكرانيا( إحدي جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا) ونتج عن هذه الحادثة حريق بالمفاعل لوجود الجرافيت, استمر لعدة أيام, ونتج عنه انطلاق كميات كبيرة من المواد المشعة إلي الوسط الخارجي وترسبت معظم المواد المشعة في مساحات واسعة من بلاروسيا وأوكرانيا وروسيا الاتحادية. ويوضح الدكتور إبراهيم علي العسيري خبيرالشئون النووية والطاقة وكبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية( سابقا) أن مفاعل تشيرنوبيل يختلف عن جميع مفاعلات العالم, ولا يوجد هذا النوع من المفاعلات إلا في دول الاتحاد السوفيتي سابقا, وهو مصمم لإنتاج البلوتونيوم لأغراض عسكرية إلي جانب إنتاج الكهرباء ويطلق عليهRBMK, وهو نوع من مفاعلات الجرافيت المبردة بالماء, حيث يستخدم هذا المفاعل الجرافيت في تهدئة سرعة النيوترونات اللازمة لإحداث الانشطارات النووية وإنتاج الطاقة, بدلا من استخدام الماء, وقد ساعدت خصوصيات تصميم هذا النوع من المفاعلات في حدوث حادثة المفاعل وفي الضخامة النسبية لعواقب هذه الحادثة, فالمفاعل ليس له غلاف خرساني حاو له( مثل أنواع المفاعلات الأخري) للمساعدة في منع انتشار المواد المشعة, في حالة الحوادث, إلي الوسط الخارجي. وتشير الدراسات والتجارب العملية إلي أنه لو وقعت نفس ظروف حادثة مفاعل تشيرنوبيل في أنواع المفاعلات الأخري ما كانت عواقب الحادثة بحجم عواقب حادثة مفاعل تشيرنوبيل, والدليل علي ذلك أنه قد وقع حادث في الوحدة النووية الثانية بمحطة ثري مايلز أيلاند النووية في الولاياتالمتحدة في مارس عام1979, ولم تحدث بين العاملين أو السكان بالمنطقة المحيطة أي حالات وفاة أو إصابة أو تعرض إشعاعي فوق الحدود المسموح بها. واتهم الخبير النووي وسائل الإعلام, خاصة المناهضين لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء, في الترويج للشائعات والمبالغة في عواقب الحادثة, حتي إن البعض قدر عدد ضحايا الحادثة بمئات الآلاف, وأضاف أن آثار الحادثة المدمرة غطت مساحات شاسعة محيطة بالمفاعل تعدت دائرة نصف قطرها250 كيلو مترا, والآن وبعد الدراسات الدقيقة لعواقب الحادثة قصيرة المدي وبعيدة المدي المباشرة وغير المباشرة, وبعد أكثر من25 عاما من وقوع الحادثة وبعد الدراسات الإحصائية والعملية والتحليلية, فإن لجنة الأممالمتحدة العلمية المعنية بتأثيرات الإشعاعات النووية أصدرت في28 فبراير2011 التقرير التفصيلي الأكثر شمولا والأوسع تقييما والأدق تحليلا, حتي الآن, لمستويات التعرض الإشعاعي والعواقب الصحية لحادثة مفاعل تشيرنوبيل, وكشف التقرير عن مجموعة من النتائج أهمها, من إجمالي600 من العاملين بالموقع وقت حدوث الحادثة تعرض عدد134 لجرعات عالية جدا من الإشعاع, توفي منهم28 في الشهور الثلاثة الأولي ثم توفي19 آخرون في الفترة من1987 إلي2004 لعدة أسباب, لم يثبت أنها بالضرورة بسبب التعرض الإشعاعي الناجم عن الحادثة, أما الباقون فقد استغرقت عمليات شفائهم سنوات عديدة, غير أن بعضهم أصيب بعتامة عدسة العين الكتاراكت في السنوات القليلة التي تبعت الحادثة. ونتيجة لتعرض الصغار والكبار, المقيمين في بلاروس وأوكرانيا وأجزاء من روسيا لمواد مشعة من جراء الحادثة تم تشخيص أكثر من6000 حالة إصابة سرطان بالغدة الدرقية( يمثلون1% من إجمالي الحالات الخاضعة للمتابعة الطبية منذ وقوع الحادثة), من المحتمل أن يكون إصابة بعضهم بسبب استنشاق المواد المشعة وتم علاج معظمهم.