من المؤكد أن مصر بعد ثورتين عظيمتين، تواجه تحديات فى غاية الأهمية والخطورة تضع على عاتق المرأة مسئوليات كبيرة وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسى تحت قبة البرلمان حين قال إن صوت المرأة هو صوت وضمير الأمة. فهى من تقود العمل الميدانى ولديها قدرات هائلة ومهمة فى مواجهة الأزمات، ويبقى دور الدولة فى مساندتها وتحديد مجالات الاستفادة منها فى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ولايمكن تحقيق التنمية الشاملة إلا من خلال تفاعل جميع القوى وتمكين المرأة وإعطائها الفرصة للمشاركة فى الإنتاج والتنمية.. والسؤال الآن: هل تمكين الأنامل الناعمة ممكن للاستفادة من قدراتها الهائلة؟ الدكتورة يمنى الحماقى أستاذ الاقتصاد جامعة عين شمس تقول طبعا ممكن جدا وواجبنا أن نستغل قدرات المرأة المهدرة وهو ما يتطلب نظرة شاملة فى استراتيجية أدماجها فى سوق العمل- أن نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة فى مصر تصل الى 22% وهى فى الحقيقة من أقل المعدلات فى العالم، كما أن مؤشر المساواة بين الجنسين، الذى يصدر من برنامج الأممالمتحدة الإنمائى يشير الى أن موقع مصر يحتل المركز ال 136 من 145 دولة يعنى فى المؤخرة ضمن العشر دول الأخيرة فى نسبة المساواة بين الجنسين- هناك تقرير من صندوق النقد الدولى يقول لو أن نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة المصرية وصلت الى نفس نسبة مشاركة الرجل فسيصبح معدل نمو الناتج القومى يزيد 34 % وهى تعد نسبة هائلة -وهو ما يعنى أن لدينا الكثير الذى يجب عمله لتحقيق تفعيل المشاركة الاقتصادية للمرأة المصرية، والحقيقة إذا نظرنا الى المعوقات سنجد الظروف الاجتماعية ضد المرأة، الأعباء والمسئوليات التى تتحملها مع ضعف الخدمات المقدمة سواء التعليم لأبنائها أو الصحة مما يستلزم جهدا إضافيا من المرأة، وسنجد أن 35% من الأسر تعولها امرأة، مما يؤثرعلى مشاركتها، - كما أنه ليس لدينا برامج تساعد المرأة على النجاح فى بيتها وفى العمل مما يتطلب من الدولة تقديم بدائل لمساعدتها لكى تعمل وهى فى بيتها. بدورها تقول الدكتورة يمنى الشريدى رئيس جمعية سيدات أعمال مصر : نعم ممكن وهو ما أكده الواقع حيث أثبتت العاملة المصرية كفاءة وقدرة وأداء أفضل، وتميزت بالاستقرار فى العمل أكثر من الرجل الذى يبحث وراء زيادة المال وهو ما أهلها لتولى مناصب قيادية، فالمرأة المصرية أكثر جدية والتزاما ومثابرة، وهى من تحدد سقفا لطموحها ودرجتها سواء فى العمل او درجتها العلمية وسواء كانت طالبة علم او موظفة أو أم أو ربة منزل دورها أساسى، وهو ما يجعل تمكينها اجتماعيا واقتصاديا ضرورة لاستتقرار الأسرة والمجتمع. وفى هذه الآونة يعد عمل المرأة فى المشروعات الصغيرة مهم جدا للمجتمع، بشرط وجود حماية سواء من القانون أو توافر المعلومات لأى مشروع ولابد من توافر التمويل والجهات المساعدة فى عملية البيع والتسويق. أما الدكتور محمد الشوادفى عميد كلية التجارة جامعة الزقازيق فيقول: إن الدولة القوية هى القادرة على توظيف مواردها وبخاصة المورد البشرى بشقيه الرجل والمرأة، فلايمكن صناعة المجتمع إلا من خلال تفاعل جميع القوى وتفعيل جميع المؤسسات، وإذا نظرنا الى وضع المرأة داخل المجتمع نجد أن هناك عدة معوقات تعوق دخولها فى مجالات كثيرة. وإذا كانت الدولة المصرية تريد تحقيق التنمية فلابد من تمكين المرأة واعطائها الفرصة لكى تشارك فى الانتاج والتنمية، ومن حيث الظاهر أن المرأة تعمل ومن حيث المضمون فإن معظم قوى المرأة داخل المؤسسات وبخاصة الخدمية والحكومية معطلة لأنها لاتوجد القوى المحفزة لطاقات المرأة وإبداعها فضلا عن التمسك ببعض الثقافات الرجعية التى تعوق تقدمها وأداءها، وخاصة فى شغل الوظائف القيادية، ومن ناحية أخرى فإن عدد الفتيات المتفوقات فى التعليم فى السنوات الأخيرة كان من المرأة أو الفتيات وهذا يؤكد أنه عندما أتيحت أساليب وأدوات التعليم الموضوعية أظهرت تفوقا، مما يؤكد ان المرأة قادرة على النجاح والتفوق، وهذا يجعلنا نتساءل كيف يمكن أن نوجد بيئة مناسبة لاستيعاب طاقات كبيرة مهدرة من المرأة المصرية التى تعلمت ودفعت الدولة مليارات الجنيهات لتعليمها ولم نستفد من هذه الطاقة داخل عجلات الانتاج والتى تقدر بأكثر من 6 ملايين امرأة.. وهذا يتطلب: تحديد مسارات تعليمية خاصة تتفق مع متطلبات سوق العمل، وتغيير ثقافة العمل داخل المؤسسات بما يؤهل للمساواة الفعلية، وعدم التمييز بين الرجل والمرأة فى الاختيار، وضرورة الاستعانة بالمرأة فى المستويات الإدارية العليا، وتمكينها للعمل فى جميع المجالات مما يتطلب ضرورة وضع استراتيجية لتدريبها وتأهيلها وتمكينها.