"اللومبنبروليتريا" مصطلح يحمل فى طياته دلالات سوسيولوجية، تعبر فى مجملها عن الطبقات ما دون الطبقة العاملة، وهى طبقات هامشية لا تحظى وفقا لظروف نشأتها بأى نوع من الوعي، أو التعليم ولم تمر عبر أى من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وتعيش فى اغتراب وعزلة تامة عما حولها، ولا يمتلك أفرادها أى نوع من المهارات الاقتصادية، ويمتهنون فى الغالب أنشطة تتعلق باقتصاد الظل،فيمارسون التسول والدعارة وتجارة المخدرات والسرقة وغيرها، وتتسم سلوكياتهم بالعنف والعدوانية المفرطة فى غياب تام للوعى وربما الإدراك . اللومبنبروليتاريا وتحت وطأة الضغط الاجتماعي، وبعيدا عن المجاز اللفظى وقسوته، تعبر عن حثالة الفئات الدنيا من المجتمع، وبحكم وضعها المعيشى لا تمتلك أية أولويات أو قناعات أو إنحيازات سوى للقمة العيش. هذا القعر الاجتماعى صاحب الكتلة الشعبية الضخمة نشأ مع تزايد معدلات الهجرة من الريف إلى المدن، واستوطن أصحابه العشوائيات، وفى غفلة وربما تراخى من الأجهزة البيروقراطية، تضخمت الظاهرة، وقد مدها أطفال الشوارع بشريان جديد دائم الدينامية والحيوية، ومع تزايد الضغط تسربت تلك الكتلة إلى ضواحى المدن، وحدائقها العامة وأنفاقها ومحطات القطار،وأسفل الكباري، ومارست نوعا من السيادة، واقتسمت فيما بينها مناطق النفوذ، تمارس فيها أنشطتها المشبوهة،ومع الوقت باتت ظهيرا لكل أشكال الجريمة والبلطجة. شكل هؤلاء عبئا على المجتمع فيظل غياب برامج التنمية الحقيقية، لتأهيلهم ودمجهم بوصفهم ضحايا الرأسمالية المتوحشة وأبرز إفرازاتها، ومع انفجار عاصفة يناير، وتراخى القبضة الأمنية، طفت تلك الكتلة الفوضوية بطبيعتها تعرض المساعدة لتقديم خدماتها للفرقاء على اختلافهم، وقد ظهر هذا الدور فى مرحلة مبكرة إبان ما يعرف بموقعة الجمل، واستفادت جماعة الإخوان المسلمين استفادة كبيرة من تلك الكتلة عبر شراء أصواتها الانتخابية، حيث نجحت فى حشد هؤلاء وتكوين كتلة انتخابية ساعدت على فوز الجماعة فى الانتخابات البرلمانية، كما تم توظيف اللومنبروليتاريا من قبل الإخوان فى المواجهات التى سبقت ثورة 30 يونيو، وباتت الظاهرة الاجتماعية قابلة للاستخدام والتوظيف من قبل أطراف مختلفة. من غير المنطقى أن يقبل أحد على الدولة المصرية الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، أن تصبح واجهتها أمام العالم فى يوم عيد وطنى بحجم 25 أبريل طبقة اجتماعية غير واعية،مستلبة ومغيبة تبيع نفسها لمن يدفع أكثر، حتى ولو كان الشيطان نفسه نظير حفنة من الجنيهات، وبدلا من اعتماد خطط تنموية للتأهيل والتكييف الاجتماعي، جاء البعض يباهى العالم فى ذكرى يوم الكرامة والانتصار بحشد اللومبنبروليتاريا فى مشهد مخز، فكان من الطبيعى أن تجرى فصول المهزلة على النحو الذى تابعناه، والتى ينبغى محاسبة المسئول عنها. لمزيد من مقالات د. سامح محمد إسماعيل