غالبا ما تصور الدراما المصرية فى مسلسلاتها وأفلامها وزير الداخلية شخصا صارما، متجهما، يصرخ فى مرءوسيه الذين ينحنون أمامه فى وجهه ويسخرون منه وهم على مبعدة منه..وربما كان فيلم «القط والفأر» آخر هذه السلسلة، وإن كان لا يعنينا السرد الدرامى للشريط السينمائى لأنه ضعيف ويضع شخصيات فى غير موضعها الحقيقى مثل رئيس تحرير الصحيفة الذى جاء دوره ضعيفا ومترهلا لا يعكس الواقع الحقيقى لهذا المنصب المرموق الذى حوله السيناريو الى قزم بدلا من أن يكون عملاقا، ناهيك عن تعهده بترقية ساع لمنصب مدير تحرير تقديرا منه لقرابته لوزير الداخلية فى نفاق مبتذل. الأحداث تصور ببساطة وزير الداخلية شخصا عملاقا، صارما فى عمله ومع ما دونه مرتبة، وهم بالطبع منكسى الرءوس والهامات أمام شخصيته الطاغية. ويتساءل الوزير فى تهكم لافت على شعبه : «لماذا يدعى الناس أن هناك تكدسا وازدحاما مروريا؟»، متناسيا أن التشريفة نظفت الشوارع من أجل سيادته. ويعتقد الوزير الصارم أن بإمكانه معاقبة أى شخص مهما كان منصبه بكشف ملفه المحفوظ بسجلات الأمن، وهذا الشخص العملاق سرعان ما ينقلب لفأر بمجرد أن يسمع كلمة «عفريت» بعد أن أبلغته زوجته بوجود «شبح» فى غرفته وكاد يسقط مغشيا عليه عندما تصور أصوات تجهيزات الخدم فى قصره على أنها صوت صادر من العفريت. الوزير تقوده الأحداث الى مقابر الغفير ليلا يرافقه لواءات الشرطة ومدير مكتبه الذى تسبب فى فزع السيد الوزير عندما أطلق تليفونه المحمول رنة تقترب من أصوات الرياح، ليصرخ به ويحذره من أن المكان موحش بما فيه الكفاية ولا داعى لهذه الرنة المرعبة. الوزير وفى مشهد أساسى فى الشريط السينمائى يضطر للعودة الى الحارة التى تربى فيها، ويتنكر لكل أصدقائه القدامي، إلا سيدة عجوز تذكرته ونادت عليه وصرخت فى وجهه لتدلعه «ياواد ياعباس ازيك ياوله.. انت نسيتنى خد هاتلى كام رغيف عيش من الفرن بسرعة». كاد الوزير يصرخ من هول سخرية المرأة العجوز منه أمام مرءوسيه الذين كادوا يقعون من الضحك لتنقلب ملامح وجوههم فجأة عندما ينظر إليهم ويزايدون عليه بتحويل قسمات الوجه الى «وحوش تكشر عن أنيابها». تنتهى الأحداث بفضيحة مدوية تنهى «فرعنة» الوزير الذى أخفى شخصيته الحقيقية وضعفه النفسى وراء المنصب الزائل، ليبقى الإنسان بقيمته وماحباه الله من نعم حقيقية وليست مظاهر مرتبطة بالكرسي. وليت كل مسئول يتذكرحكاية سجن الباستيل فلا يظلم أحدا ولا يجعل مرءوسيه يبطشون بالبشر خاصة الشباب. لمزيد من مقالات محمد أمين المصري