قرأت فى تحقيقات الأهرام أن «25% من المبيدات المستخدمة مغشوشة ومهربة وسامة ومسرطنة»، والغريب أن الحديث فى هذا التحقيق انصب فقط على مبيد فوسفيد الألمونيوم والتركيز على خطورة استخدامه داخل المنازل وحوادث الوفاة من تسرب غازه السام إلى الشقق المجاورة، وقد يكون أداة للانتحار لدى المراهقين، بل ذهب البعض إلى أنه لا يستخدم قانونا فى الزراعة، وطالب آخرون بمنع استيراده واستخدامه، وقال فريق ثالث إن له آثارا ضارة على المواد الغذائية كالحبوب والمواد التى يستخدم فى مكافحة آفاتها. وتعليقا على ذلك أقول: إن مبيد فوسفيد الألمونيوم لا هو مغشوش ولا مهرب، بل هو معتمد فى كل خواصه من وزارة الزراعة وموصى به فى برنامج مكافحة الآفات فى مكافحة حشرات الغلال بالصوامع والمواد الغذائية فى المخازن محكمة الغلق وتحت المشمعات غير المنفذة لأبخرته الغازية وبقدرات عالية، بحيث لا يترك أثارا متبقية ضارة على المنتجات المعالجة بعد الانتهاء من عملية التبخير والتهوية، وبعد انطلاق غاز الفوسفين منه يترك خلفه بقايا رمادية من مادة هيدروكسيد الألمونيوم غير السامة. ويمكن استخدام الحبوب أو المادة الغذائية أو التمور بعد عملية التبخير والتهوية، والتى تستغرق 3 أيام فى المتوسط، ولا يترك أثارا ضارة على إنتاج التقاوى، ويتمتع بقدرة عالية على اختراق المواد المخزونة تصل إلى الحشرة وأطوارها المختلفة داخل الحبوب. ويبدو واضحا أن العيب ليس فى المبيد، لكن فى طريقة استخدامه الخاطئة، وهى مربط الفرس التى تؤذى صحتنا وتدمر بيئتنا، وفوسفيد الألمونيوم مخصص للاستخدام فى المجال الزراعى، واستخدامه داخل المنازل جريمة يعاقب عليها القانون، كما أن التعليمات تنص على عدم استخدامه من جانب غير الممارسين، نظرا لسمعته السامة، كما أن كل المبيدات سامة وتختلف فى درجة سمياتها، والتقيد يعنى أن يقتصر استخدامه على المؤهلين والمدربين بطريقة تجنبهم التعامل مع الأخطاء التى يمكن أن تنجم من استخدامه. إن استخدامنا الفوضوى والعشوائى للمبيدات من أبرز أسباب مشكلاتنا الصحية والبيئية، فلقد أصبحت «صحتنا والمبيدات» كقضية المطرقة والسندان، فلا نحن بقادرين عن الاستغناء عن المبيدات، ولا نحن مقتنعون بطريقة استخدامها. ويرى الخبراء أن استخدام المبيدات فى مصر، بل فى العالم كله رغم ما يثار حولها من تحفظات «شر لابد منه» لمواجهة خطر الآفات، وبالتالى تلافى تعرض الإنتاج الزراعى لأى ضرر، خاصة فى ظل محدودية الأراضى الزراعية وندرة المياه، بشرط أن يكون الاستخدام آمنا بتجريم الاستخدامات التى تتنافى مع ضوابط واشتراطات المنظمات الدولية، والتى أقرتها لجنة المبيدات الزراعية فى مصر. لقد بات ضروريا اعتماد تشريعات وقرارات من أجل التمييز بين أصناف المنتجات الزراعية فى الأسواق من منتجات تقليدية ومنتجات الإدارة المتكاملة للزراعة ومنتجات حيوية ومنتجات عضوية، حيث تتاح للمستهلك حرية الخيار بين هذه الأنواع حسب رغبته. د. عوض حنا سعد الإسكندرية