فتح خبر مقتل نحو 30 مصريا علي يد عصابات الهجرة غير الشرعية بليبيا، ملف هجرة شبابنا بحثا عن فرصة عمل، غير عابئين بما سيلاقونه خارج حدود الوطن، وسرعان ما يكتشفون انهم اشتروا الوهم وانهم لا حيلة لهم سوي الاستسلام لما كتب عليهم ليقضوا نحبهم إما غرقا أو جوعا أو سجنا في بلد غريب بعد أن يضلوا طريقهم، فتتحول هجرتهم إلي الموت. في سوق الاحلام البضاعة كثيرة ورائجة والفرص وفيرة والمشترون من كل الاعمار يلهثون في نهم لشراء الامنيات رغم علمهم بكونها قد تكون سرابا لكنهم يقبلون علي التجربة بعد أن اصبحت الامل الوحيد وطوق النجاه من اليأس الذي بدد آمالهم في الحياة الكريمة، فإما الفوز بتحقيق حلم السفر الذي طالما داعب مخيلتهم، وإما النهاية والفناء في رحلة محفوفة بالمخاطر يطاردهم فيها الهلاك داخل قارب للموت، حيث يجتهد سماسرة الأماني والتسفير في استقطاب ضحاياهم واقناعهم باتباعهم في تكتم خشية افتضاح أمرهم ولضمان عدم التراجع طمعا في مكسب مضمون دون مبالاة بما قد يحدث لهؤلاء المساكين، فحلم السفر لدول اوروبا بات الشغل الشاغل لكثير من الشباب ممن يعانون شظف العيش وقسوة الحياه والاحباط ويجدون فيه الملاذ للفكاك من سطوة الاب والأسرة لنعيم الكسب السريع فينقادون لسماسرة الوهم بحثا عن حياة أفضل بعد أن ضاق بهم الحال بين رحي فقر مدقع وآمال معدومة ليسلكون طريقهم الي المجهول في هجرة غير شرعية. ويؤكد العميد أحمد عبد العزيز رئيس المباحث الجنائية بالشرقية ان حالات الهجرة غير الشرعية يصعب ضبطها لكونها سوقا سوداء خفية تتم بالاتفاق بين الضحية والسماسرة الذين يتواجدون عبر طرق عدة منها المكاتب الوهمية لإلحاق العمالة بالخارج أو مندوبين يتم تجنيدهم وتغييرهم كل فترة للانتشار بين الشباب لاصطياد الضحايا كحلقة وصل وهم غالبا مجهولو الهوية و تجري اتفاقاتهم في سرية بالغة لضمان تكتم الامر وعدم افشائه لكونها جريمة تجري بالمخالفة للقوانين فلا يفصحون عنها الا عندما تقع الكارثة وقد تمتد بعد ذلك بدليل أن أسر المفقودين الثمانية ورغم كل ما يرددونه من جهود للبحث عن ابنائهم لم يتقدموا ببلاغ واحد عن اختفائهم وبالرغم من ذلك فإن الجهود لا تتوقف ويتم دوريا احباط العديد من المحاولات وان كان ذلك لا يثني البعض منهم احيانا عن العودة مرة اخري. وهنا يتبادر السؤال ما الذي يدفع بابنائنا للتضحية بحياتهم والدفع بارواحهم لطريق التهلكة في رحلة غير مأمونه يحفها الخطر ؟ يقول محمد ناجي دبلوم صناعي من مركز منيا القمح وأحد الشباب الباحث عن فرصة للسفر عبر رحلات الموت إن ذلك يعود لعدة اسباب أولها الظروف الاقتصادية السيئة كالفقر والبطالة فكثير من المهاجرين يئسوا من وجود بدائل لكسب العيش بالداخل ففرص العمل محدودة والأجور زهيدة لا تكفي احتياجاتهم ومسئولياتهم فلا يجدون مفرا أمامهم سوي البحث عن طريق آخر بحثا عن الأفضل اجتماعيا و اقتصاديا. أما ايهاب بكري طالب جامعي من مركز مشتول السوق فيعزي تزايد المحاولات حاليا في السنوات الأخيرة في اعقاب ثورة 25يناير الي ما تحياه البلاد من مشكلات نتيجة ضغوط داخلية وخارجية ومؤامرات تحاك في الخفاء واضطرابات وقلاقل تثار بين الحين والأخر مما يدفع الشباب للهروب من هذه الاجواء بالسفر لايطاليا وغيرها من دول أوروبا أملا في الحياة الأرغد. أما الدكتور حامد الهادي استاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق فيحذر من تطور ظاهرة الهجرة غير الشرعية ووقوع المسافرين وخصوصا من الأطفال فريسة للاستغلال من العصابات المنظمة ومافيا الاتجار بالبشر في تلك الدول لوفودهم بشكل غير رسمي ووجودهم دائما رهن المطاردة والملاحقة بسبب انقيادهم وراء احلام كاذبة بتحقيق ثروات طائلة خلال فترات وجيزة في حين أن الحقيقة أنهم يتعرضون لكل درجات الاستهزاء والاهانه والابتزاز ويضطرون للعمل في وظائف حقيرة ويستغرقون فترات طويلة حتي أن منهم يضطر لأعمال غير مشروعة كتجارة المخدرات وربما ارتكاب الموبقات لجمع المال. أما عن الحل فتراه تغريد صابر المحامية بالنقض في فتح الدولة مجالات الهجرة الرسمية للشباب المؤهل للعمل من خلال عقد اتفاقات ثنائية مع الدول الأوروبية الجاذبة لهؤلاء المهاجرين خاصة ايطاليا واليونان والمانيا وفرنسا لتتيح للعمالة المصرية العمل بالخارج بها بشكل شرعي مقنن وتفعيل القانون 12 لسنة 2003 لمكافحة تسفير العمالة عبر قنوات غير شرعية والتوعية بمخاطر تلك الهجرة وتفويت الفرصة علي هؤلاء السماسرة وانقاذ شبابنا من براثن الموت .