تقدح قصيدة الشاعر فاروق جويدة «هذه بلاد لم تعد كبلادي» في الذهن مع كل خبر تبثه وسائل الإعلام عن حوادث مختلفة تقع لأبنائنا المصريين الذين يعيشون في الخارج سواء عاملين أو مهاجرين.. سواء هاربين من جحيم الحياة في بلادهم بحثًا عن لقمة عيش في بلاد أخري أوروبية كانت أو عربية، سمعوا ذات يوم من المغتربين قصصًا لحياة ملونة بغير السواد، أو هاجروا بإرادتهم حينما شاهدوا نمطًا للحياة مختلفًا يبدو في نظرهم يشبه الأحلام. فقد شهد الأسبوع الماضي علي الصعيد الخارجي، العديد من الأحداث التي ارتبطت بمصر وبأبنائها في الخارج، لاسيما التي تعلقت بتكرار حوادث قتل المصريين في الخارج، ففي يومين متتاليين وقع حادثان أولهما مقتل الشاب المصري شريف عادل حبيب «21 عاما» بعد إصابته بحروق بالغة في بريطانيا.. ولم تمر أيام علي مقتل ميخائيل في لندن، حتي فوجئنا بمقتل مواطن مصري آخر في ولاية أنديانا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، يدعي محمد عادل رشدي أمين، يقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ 15 عاما. «شريف» عمره 21 سنة، تخرج فى جامعة جرينتش بعد دراسة الهندسة الميكانيكية، وكان يحلم بالتسجيل يوم مقتله في أشهر أكاديمية عسكرية بالعالم، للتخرج كضابط ينضم بعدها إلي الجيش المصري، إلا أن حلم «شريف»، احترق معه وتبخر وصار رمادا، عندما شب حريق فجر الاثنين الماضي، ، داخل جراج للسيارات مكون من طابق واحد، يقع في حديقة منزل بمنطقة تابعة لدائرة «إيلينغ» في غرب لندن، طبقاً لما نقل عن ضابط إطفاء، ذكر أيضاً أنه تم إنقاذ شريف حبيب، المعروف بلقب «حبيب المصري» من داخل سيارة اشتعلت بالنار في الجراج الذي انهار نتيجة الحريق، ثم وافته المنية عقب وصوله المستشفي لإسعافه. وذكرت رانيا شقيقة «شريف» الصغري (19عاما)، أن شقيقها الحاصل علي الجنسية البريطانية، كان ينوي الالتحاق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، وكان من المفترض أن يذهب لتقديم أوراقه في اليوم الذي توفي فيه، وهي الأشهر بالعالم للدراسات الحربية وكان سيتقدم للتسجيل فيها والتخرج منها كضابط، الذي وصفته بأنه «صاحب قلب نظيف ويقدم الآخرين علي نفسه»، وكان يمارس فنون القتال المختلفة وأنه أتم دراستيه الابتدائية والثانوية في لندن، حيث كان والدهما يعيش في لندن منذ أربعين عاماً ويملك مطعما كبيرا هناك، وكان شريف يزور مصر كل عام ويجلس مع أهل والدته في القاهرة، وكان يأتي إلي محافظة بورسعيد لزيارة أقارب والده، قائلة:»قلب شريف نقي، وكان أقرب شخص في حياتي، كان كل شيء بالنسبة لي، وأخ حامي لي». كما ذكر المهندس فؤاد حبيب»عم شريف» أن عائلته ليست لهاأي علاقة بالسياسة، وصرح أن ابن شقيقه تلقي ضرباً مبرحاً وتعذيباً شديداً قبل إشعال النيران بجسده وإلقائه في جراج حكومي بضاحية «ساوث هول» في لندن، حيث أبلغ موظف الجراج الشرطة التي قامت بنقله للمستشفي ولفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يدلي بأي شيء، وقامت الشرطة بالتعرف علي هويته والاتصال بوالده الذي ذهب للمستشفي سريعا ليتلقي صدمة ومنعت الشرطة الوالد من رؤيته. أكد ناصر كامل، سفير مصر في لندن، أن المصري المقتول في لندن كان يوجد هناك مع أسراته وكان نموذجًا مشرفًا لأبناء مصر في الخارج، مؤكدا أن هناك اتصالات علي أعلي المستويات مع السلطات البريطانية من جانب الدولة المصرية لكشف ملابسات حادث المهندس المصري المقتول في لندن. وأوضح سفير مصر في لندن، أن «حبيب المصري» توفي داخل المستشفي بعد وصوله ب 4 دقائق، مؤكدًا أن الساعات القليلة القادمة ستكشف الحقائق حول مقتل الشاب المصري في لندن، لافتا إلي فشل أجهزة الأمن البريطانية (سكوتلاند يارد)، في العثور علي قاتل الشاب المصري الذي عثر علي جثته محروقة وملقاة داخل أحد جراجات السيارات العمومية، في منطقة «ساوث هول» بالعاصمة البريطانية لندن. ومن جانبه، أمر النائب العام المستشار نبيل صادق، بتشكيل فريق تحقيق لمتابعة مقتل المواطن شريف حبيب، للوقوف علي تفاصيل مقتل المهندس المصري في لندن، كما أمر، مكتب التعاون الدولي بالنيابة بمخاطبة بريطانيا عن طريق وزارة الخارجية، لمعرفة أسباب مقتل الشاب المصري، وبمخاطبة وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني لمعرفة كافة التفاصيل عن الشاب ومخاطبة مصلحة الجوازات وطلب تقرير مفصل من السفارة المصرية بلندن عن الشاب القتيل، وبتشكيل فريق تحقيق لمعرفة كافة المعلومات عن الشاب المصري والتواصل مع مدعي عام لندن لمعرفة التحقيقات التي يتم إجراؤها في القضية. وقد أعربت رئاسة الجمهورية، عن بالغ الحزن وعميق الأسي لحادث مقتل المواطن المصري عادل حبيب وتقدمت رئاسة الجمهورية بخالص التعازي وأصدق المواساة لأسرة المواطن المصري، وأكدت أن السلطات المصرية المعنية تتابع عن كثب التحقيقات التي تُجري بشأن مقتله وصولاً إلي الوقوف علي ملابسات الحادث، وأهابت رئاسة الجمهورية، بالسلطات البريطانية المعنية القيام ببذل العناية الواجبة وتكثيف تحرياتها وجهودها من أجل الكشف عن غموض هذا الحادث واستجلاء أسباب وقوعه، وتحديد الجناة وإلقاء القبض عليهم لينالوا عقاباً رادعاً بموجب القانون، أخذاً في الاعتبار الحق الأصيل لأسرة المواطن المصري الفقيد في التعرف علي أسباب وفاته وتحقيق القصاص العادل. وبين ليلة وضحاها، ولم يختلف الأمر كثيرا إلا في مسرح الجريمة بالأمس كان في لندن واليوم في أمريكا والضحايا مصريون، حيث عثرت الشرطة الأمريكية علي جثة المواطن المصري محمد عادل رشدي بولاية إنديانا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، ملقاة في صندوق قمامة، بعد اختفائه لمدة أسبوع، واستدعت ابنة عمه التي تعرفت علي الجثة وطلبت تسلمها، إلا أن الشرطة الأمريكية رفضت تسليمها جثته. وكشفت معلومات أولية عن الحادث أن هناك 5 أشخاص اقتحموا منزل محمد عادل رشدي أمين، ثم اصطحبوه إلي مكتبه القريب من المنزل، وحطموا المكتب،تم العثور علي جثته ملقاة في صندوق زبالة ، وأشارت المعلومات إلي أن تقرير الطب الشرعي كشف عن سبب الوفاة ضرب مبرح أفضي إلي الموت، والمعلومات تدحض ما أكدته الشرطة الأمريكية التي بأنه لا يوجد أي آثار تعذيب علي جثمان الضحية. وصرح المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن الوزارة استدعت المسئول عن القسم القنصلي بالسفارة الأمريكيةبالقاهرة، لتأكيد أهمية الشفافية وسرعة الكشف عن الجناة في حادث مقتل المواطن محمد محمود رشدي، الذي اختفي يوم 20 الجاري وعثر علي جثمانه في اليوم التالي بأحد صناديق النفايات الكبيرة كما توجه يوم الخميس 28 الجاري القنصل العام المصري إلي ولاية إنديانا، للالتقاء مع المحقق الخاص بالواقعة، وذلك للتعرف علي مجريات التحقيق والوقوف علي خلفية الحادث والإجراءات التي ستقوم بها السلطات الأمريكية في هذا الشأن. باتت ظاهرة الاعتداء علي المصريين في الخارج تطرح العديد من علامات الاستفهام حول أوضاع المصريين في مختلف دول العالم سواء عربية أو أوربية ومسئولية الدولة عن هذه الأوضاع، فربما تلك الحواداث لا تمثل موقفا رسميا أو شعبيا لهذه الدول التي تقع علي أرضها الجريمة وتهدر عليها دماء المصريين، لكنها بمثابة دق ناقوس الخطر لتتحرك الدولة وتقف خلف أبنائها في الخارج من أجل عودة حقوقهم المسلوبة والقصاص من القتلة وتقديم الدعم المعنوي والقانوني والإنساني من منظور إنساني وعادل.