إيماناً بأهمية الكتاب في العالم أجمع، قامت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" عام 1995 باختيار يوم 23 أبريل من كل عام ليصبح يوماً عالمياً للكتاب وحقوق النشر والملكية الفكرية، وهو تاريخ بعض الأحداث الأدبية ، مثل وفاة الكاتبين الإنجليزي شكسبير والإسباني ميجيل دي سرفانتس، والهدف من هذا اليوم هو التحفيز والتشجيع علي القراءة للشباب وكبار السن، وترغيبها للأطفال. كان الملهم والسبب الرئيسي لاختيار اليونسكو هذا اليوم هو احتفال سنوى آخر فى إسبانيا، حيث كان المواطنون منذ عام 1436 في يوم 23 أبريل من كل عام يتبادلون الزهور بمناسبة ذكري وفاة أحد القديسين وهو "القديس جورج"، وأطلقوا عليه اسم يوم الزهور وهو شبيه بعيد الحب عند الغرب، فيقوم الأزواج والزوجات بإهداء بعضهم البعض الزهور. هذا الإحتفال تغيرت بعض معالمه الآن فصار إحياء لذكرى كاتبهم ميجيل دي سيرفانتس ، فظل الأزواج يهدون زوجاتهم الزهور، أما الزوجات فصرن يهدين أزواجهن الكتب ويقوم بائعو الكتب بإعطاء زهرة لكل مشتري. وفي مدينة لامانشا يقومون بقراءة رواية دي سيرفانتس "دون كيشوت"- حيث تدور أحداث الرواية بدءا من تلك المدينة- علي مدار 28 ساعة بدون توقف، مع احتفالات تشمل حفلات موسيقية وعروض مسرحية وسينمائية وقراءات شعرية مع عمل لقاءات مع الكُتاب والشعراء. ومن هنا بدأ العالم الاحتفال بيوم الكتاب، فنجد في ألمانيا رئيس وزراء ولاية بافاريا التي بها أكبر ديار نشر يقوم بزيارة المدارس ليقرأ مع الطلاب، وفي ولاية ميونيخ تطبع دار النشر الخاصة بالمواصلات والسكك الحديدية روايات للأطفال وتوزعها عليهم بدون مقابل، وتقوم المكتبات المتنقلة بالذهاب إلي المناطق البعيدة والتي لا يوجد بها مكتبات. وفي النمسا يتشابه شكل الاحتفال مع احتفالات ألمانيا، ولكن تقوم بعض محطات الأنفاق باستحدام مكبرات الصوت لإذاعة حوارات ولقاءات ثقافية بدلاً من الموسيقي في هذا اليوم. أما سويسرا فتقوم بتوزيع كتيبات علي الطلاب والناس في المدارس والجامعات والأسواق لتذكيرهم بذلك اليوم. وفي مدينة هونج كونج بالصين تقوم المكتبات العامة بإقامة مسابقة تحت عنوان "البدن السليم،العقل السليم"، لتشجيع الأطفال والشباب علي القراءة والرياضة معاً. وتحتفل أيضاً كل من بريطانياوايرلندا باليوم العالمي للكتاب ولكن في أول خميس من شهر مارس من كل عام، وذلك لتجنب التداخل مع أعياد أخري يحتفلون بها في اليوم الذي حددته "اليونسكو"، وفي هذا العام جاء الإحتفال في يوم 3 مارس، وتم فيه اختيار 20 كتاب يقوم بتحديدها أمناء وأصحاب مكتبات ومؤلفون، ويتخلي مؤلفون الكتب المختارة عن حقوقهم، كما يقوم الناشرون بدفع تكاليف طباعة كتب ذلك اليوم، أما المكتبات فتوزع هذه الكتب بدون مقابل مادي، مع إقامة العديد من الأنشطة الثقافية، وفي المدارس يذهب الأطفال في عيد الكِتاب مرتدين أزياء شخصياتهم المفضلة في الروايات. وهذا اليوم أصبح معترف به قانونياً في ايرلندا، والإحتفال به صار شئ ملزم للمواطنين كجميع إحتفالتهم الوطنية والدينية. فإذا انتقلنا إلي الدول العربية واحتفالاتنا بهذا اليوم، فسنجدها للأسف الشديد فقيرة جداً بالمقارنة بالدول الغربية، حيث أن تقارير اليونسكو تقوم بعمل إحصائيات مستمرة لتسجيل أعداد نشر الكتب في الدول العربية والأجنبية، وتأتي النتيجة دائماً في صالح الأخيرة. ولكن هذا لا يمنع أنه توجد بعض المحاولات الفردية للاحتفال بيوم الكتاب، كأن يصادف ذلك اليوم إقامة معرض دولي للكتاب في إحدي الدول في نفس الوقت فيحتفلون من خلاله باليوم العالمي للكتاب، أو تقام ندوات ولقاءات في المكتبات ومراكز الثقافة كما يحدث في مصر، حيث أقيمت في معهد ثربانتس قراءة متواصلة لرواية دون كيشوت باللغتين الإسبانية والعربية بحسب اختيار القراء، فيقرأ كل شخص خمس دقائق في قراءة مستمرة من الساعة 12 ظهراً حتي الساعة السابعة مساء، وتقوم المكتبة علي مدار اليوم بتوزيع الكتب والمجلات المكررة لديها، وكذلك في عدة أماكن كالحرم اليوناني ومكتبة مصر العامة في بورسعيد والكتب خان. أما في قطر فقد أقامت دار جامعة حمد بن خليفة للنشر عدة فعاليات للاحتفال بهذا العيد، واختارت "خيال منال" لمؤلفة قصص الأطفال منيرة سعد الرميحي كتاباً لهذا العام، وستقوم دار النشر بتوزيع 4000 نسخة من الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية علي مدارس قطر وأطفالها، وكذلك توزيع نسخ منه لطلاب برامج اللغة العربية الذي تموله مؤسسة قطر الدولية في الولايات المتحدةالأمريكية. وفي المغرب نظمت وزارة الثقافة احتفالية علي مدار شهر كامل من 15 ابريل الماضي وحتي 15 مايو القادم، بعنوان "بالكتاب يرتقي الإنسان"، ويشارك فيها مايقرب من 80 أديب وشاعر يحضرون ندوات ولقاءات وأمسيات شعرية في المكتبات العامة، ويتخذ الاحتفال باليوم العالمي للكتاب في مدينة مكةالمكرمة شكلا خيريا، حيث قام 1800 عضو من أعضاء رابطة باعة الكتب العالمية بإقامة عدة معارض للكتب النادرة والمحاضرات والندوات عن الكتب والقراءة، بهدف جمع التبرعات لأطفال جنوب السودان لإنقاذهم من الأمية، وفي العام الماضي نجحوا في جمع 10 آلاف يورو.