ألقت أزمة الألبان الصناعية المدعمة للأطفال بظلالها فى الآونة الأخيرة وهو ما دفع وزارة الصحة المصرية لضخ كميات إضافية، مع تأكيد المسئولين أن مخازن وزارة الصحة تضم كميات تكفى 5 أشهر، وفى تصريح مؤخرا للدكتور أحمد عماد راضى وزير الصحة والسكان للتغلب على الأزمة أعلن الموافقة على مشروع لضمان وصول الألبان الصناعية المدعمة إلى مستحقيها، وستتم زيادة منافذ التوزيع الى 1005 بعد أن كانت 608 منافذ مع مراعاة التوزيع الجغرافى لتكون متوافرة بكل إدارة داخل كل محافظة. بالتأكيد من حق كل أم أن تحافظ على صحة طفلها، ولكن بعض المعتقدات الخاطئة التى سادت فى المجتمع فى السنوات الأخيرة أسهمت فى إيجاد الأزمة وزيادة الطلب على الألبان المصنعة، بحجة أنها تساعد على نمو أفضل للطفل، وهو السؤال الذى توجهنا به للمتخصصين فى التغذية وصحة الطفل لمعرفة رأيهم فى أزمة الألبان الصناعية المدعمة. د. محمد رضوان استشارى التغذية بمستشفى 6 أكتوبر الجامعى يقول إذا نظرنا الى مكونات الألبان الصناعية نجد أنها تحتوى على نسبة من المواد الحافظة والزيوت النباتية المصنعة كمصدر للدهون، والتى تسبب على المدى البعيد حدوث السمنة للطفل، وتزداد معدلات السمنة مع إقبال الأطفال على الأطعمة والأكلات المصنعة فى السنوات الأولى من العمر، وهناك دراسات وإحصائيات تؤكد أن مصر أصبحت ضمن البلاد التى تنتشر بها نسب عالية من سمنة الأطفال، وينصح د.محمد رضوان الأمهات بالعودة الى الرضاعة الطبيعية، فكلما بدأت الأم الرضاعة الطبيعية والغذاء الصحى قلت فى المستقبل مخاطر حدوث زيادة الوزن والسمنة عند الأطفال والمراهقين. د. مى سعد الدين استشارى طب الأطفال بمستشفى أبو الريش الجامعى ، وعضو جمعية مصر للتنمية والصحة المستدامة صاحبة المبادرة القومية للتشجيع على الرضاعة الطبيعية تقول إن أغلبية الأمهات تلجأ الى اللبن الصناعى دون استشارة الطبيب اعتقادا منها أنه يزيد وزن ونمو الطفل، أو بحجة أن لبن الأم غير كاف، ونقول للأمهات إن المقياس الوحيد لمعرفة لبن الأم كاف أم لا هو متابعة وزن الطفل او التوأم.. والسؤال الآن من هى الأم التى يستحق طفلها الحصول على الألبان الصناعية؟ الإجابة هى من حق الأم المريضة، والتى تتناول علاجا وأدوية مثل العلاج الكيماوى أو المصابة بورم فى الثدى أو التى ليس لديها لبن أصلا نتيجة نقص أو خلل فى هرمون البرولكتين، الحصول على اللبن الصناعى.. أو الطفل الذى لديه حساسية من سكر او بروتين لبن الأم أو يكون لديه تضخم فى الكبد او الطحال، كما أن من أسباب الإقبال الشديد على الألبان الصناعية المدعمة هى صرف الألبان مجانا من المستشفيات الحكومية وهو التى تحدد صرفها للطفل بعد توقيع الكشف الطبى أو من الصيدليات المدعمة ويكون سعرها من 20 الى 24 جنيها بينما سعرها الحقيقى من 50 الى 80 جنيها.. وتنبه د.مى سعد الدين الى أهمية نشر ثقافة تقينين استخدام الألبان الصناعية عن طريق عمل دورات تدريبية، وقيام أطباء الأطفال بعمل توعية للأمهات بأهمية الرضاعة الطبيعية، ومتى تلجأ الى الألبان الصناعية للطفل التى تعد صناعة مستحدثة لم تكن موجودة من قبل، حيث كانت الجدات والأمهات تحرصن على الرضاعة الطبيعية، وحاليا أدرك الغرب الأهمية الكبرى للرضاعة الطبيعية للأم والطفل، وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية خاصة فى الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل لضمان المستوى الأمثل من النمو والصحة. وتضيف د. مى سعد الدين أن الأبحاث العلمية أكدت أهمية وفوائد الرضاعة الطبيعية أولا بالنسبة للأم، فهى تقلل خطر الإصابة بسرطان الثدى بنسبة 25%، فكلما زادت سنوات الرضاعة قلت نسبة الإصابة، كما يقل خطر الإصابة بسرطان الرحم والمبيض، وتحمى من الإصابة بهشاشة العظام بنسبة 4 مرات من النساء اللاتى يعزفن عن الرضاعة الطبيعية، وتؤخر التبويض مما يمكن الأم من أخذ فرصة بين كل إنجاب وآخر. وتؤكد الدراسات أيضا أن الأم المرضعة تكون درجة قلقها وتوترها وشعورها بالاكتئاب بعد الولادة أقل كثيرا من الأمهات غير المرضعات، كما تساعد على تعزيز مشاعر الحب والترابط والأمان بين الأم ووليدها.. وبالنسبة للطفل فقد أكدت الأبحاث العلمية أن أول لبن ينزل من ثدى الأم يساعد على تنظيف وليونة أمعاء الطفل، وبالتالى يقلل خطر الإصابة بالصفراء، كما تزيد من نسبة ذكائه وتساعده على تقوية عضلات الفم وعظام الوجه وتكوين وظهور أسنانه، كما تقلل من خطر تعرضه للسمنة والضغط وتساعد على تكوين الجهاز المناعى لدى الطفل وتحميه من الإصابة بالتيتانوس والربو والتهاب الأمعاء والتعرض للإصابة بالسرطان، كما أن نسبة الوفيات بين الأطفال الذين يرضعون الألبان الصناعية تصل الى أكثر من 4 أضعاف الأطفال الذين يرضعون طبيعيا وأن نسبة الإصابة بالالتهابات والنزلات المعوية تزيد أكثر 20% ، ويكون أكثر عرضة الى 200 نوع من الالتهاب.. وأخيرا تقدم د. مى بعض النصائح للأمهات لمساعدتها على إدرار اللبن وهى شرب الماء والسوائل بكثرة قبل موعد الرضاعة، وتعتبر الحلبة أفضل مدر للبن منذ القدم، وتناول مسحوق القرفة بالعسل قبل النوم، والابتعاد عن الضغوط النفسية قدر المستطاع.