هل تغير أوراق بنما قواعد لعبة الانتخابات الأمريكية؟ هذا التساؤل طرح نفسه بقوة خلال اليومين الماضيين فى ظل الضربة الانتخابية العنيفة التى تلقاها كل من الملياردير المثير للجدل دونالد ترامب المرشح الجمهورى المحتمل للبيت الأبيض ووزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون المرشحة الديمقراطية المحتملة للرئاسة الأمريكية فى الجولة التمهيدية فى ولاية ويسكنسون. فها هو السيناتور بيرنى ساندرز منافس هيلارى اللدود ومرشح الفقراء فى الانتخابات الأمريكية يحقق أول انتصار له فى الانتخابات التمهيدية فى أعقاب الكشف عن تفاصيل فضيحة وثائق بنما للملاذات الضريبية. فعلى الرغم من أن الوثائق لم تشر بأصابع الاتهام إلى أى شخصية أمريكية حتى هذه اللحظة، فإنها بلا شك ستدفع بقضية زيادة الضرائب على الأثرياء لتتصدر المطالب والاهتمامات الانتخابية فى الوقت الراهن. ومن غير المستبعد أن يخضع المرشحون الأمريكيون الرئيسيون للمزيد من التدقيق فيما يتعلق بسجلاتهم الضريبية على مدار الفترة المقبلة، وخاصة ما قبل ظهور النتائج النهائية للانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهورى والديمقراطي. وعلى الرغم من أنه ليس هناك ما يدين عائلة كلينتون أو حتى ترامب، إلا أن المرشحين لا يمكنهما أن ينفيا عن نفسيهما حقيقة أنهما يمثلان النخب الثرية والقيادات الحاكمة القديمة التى تحيط بها الكثير من علامات الاستفهام. كما أنه يؤخذ على كلينتون أنها من المؤيدين لاتفاقية بنما للتجارة الحرة التى رفضها ساندرز من قبل، وهى الاتفاقية التى تحد بشكل صارم من قدرة الحكومة الأمريكية على تضييق الخناق على أى نشاط مشبوه أو حتى غير قانوني. ولا يعنى عدم إدانة كلينتون، انتصارها فى هذه الجولة، فهذا الكشف المفاجئ عن وثائق بنما نقطة فى مصلحة ساندرز بكافة المقاييس، فعدم تورط هيلارى وعائلاتها المباشر فى الفضيحة لا يعنى أنها لم تشارك مباشرة فى وضع هذا النظام العقيم الذى يخدم التهرب الضريبى والتلاعبات التى تصب بشكل مباشر فى صالح الأثرياء والنخب الحاكمة فى مختلف الأنحاء. أما ترامب فوضعه لا يقل سوءا عن منافسته الديمقراطية، فهو الملياردير الذى اعتاد على التلاعب لحماية تجارته وأعماله بكافة الأشكال، ويبدو أن فوز منافسه السيناتور تيد كروز فى جولة ويسكنسون تكشف عن تغير واضح فى قواعد اللعبة الانتخابية الأمريكية. فبعد أن كان الناخب الأمريكى يصب كامل تركيزه على الأمن والهجرة والخطر القادم من الشرق الأوسط، نجحت أوراق بنما بين ليلة وضحاها فى تغيير اهتمام الناخب وتحويله مرة أخرى إلى الشأن الداخلي، وخاصة فيما يتعلق بالضرائب وتهرب الأثرياء من فروضهم الضريبية. وفى ظل وجود العديد من الولايات المترددة التى تمسك فى يديها زمام الانتخابات الأمريكية، أصبح ساندرز هو المرشح الوحيد على الأغلب صاحب الملف الأبيض الخالى من الفساد، بينما يقف فى مقابله كروز الذى سيستفيد وبقوة من احتمالات سقوط ترامب على صخرة بنما لا لشيء سوى لكونه من الأثرياء الذين قد يبذلون كل ثمين لحماية ثرواتهم. .. وما زالت المفاجآت متوقعة فيما تبقى من «تمهيدي» الانتخابات الأمريكية.