نجح فرانسوا أولاند المرشح الاشتراكي الفرنسي في الإطاحة بالرئيس اليميني المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي, آخر القادة الأوروبيين الذين أطاحت بهم الأزمة الاقتصادية, بعد اليونان وأسبانيا وإيطاليا, ليعود اليسار إلي الإليزيه بعد 17 عاما من الغياب سيطر فيها اليمين علي الحكم في خطوة ربما تغير اتجاه بقية دول القارة العجوز نحو اليسار, وليطوي صفحة في تاريخ فرنسا شهدت تراجعا غير مسبوق في بريقها الدولي, وليصبح أولاند الرئيس السابع للجمهورية الخامسة لمدة خمس سنوات, وهو الرئيس اليساري الثاني بعد فرنسوا ميتران الذي حكم فرنسا في الفترة ما بين 1981 و 1995. وعلي الرغم من أن الفوز جاء بفارق بسيط, إلا أنه شكل استفتاء ضد ساركوزي الذي أصبح أقل الرؤساء شعبية في تاريخ فرنسا خلال الأعوام الخمسين الماضية, نتيجة لاتباعه سياسات اليمين المتطرف التي اعتمدت علي تأجيج مشاعر التنافر بين الفرنسيين الأصليين والمهاجرين, والمسلمين وغير المسلمين والأغنياء والفقراء, إلي جانب إخفاقه في إنعاش الاقتصاد المتدهور, فترك فرنسا أضعف وأكثر انقساما عما وجدها. لقد اختار الناخب الفرنسي أن يضع مصيره في يد أولاند المعتدل الذي أعلن عن عزمه أن يكون رئيسا لكل الفرنسيين دون أي تمييز واتباعه سياسة تعتمد علي النمو للخروج بفرنسا من الأزمة الاقتصادية. ونحن نتابع ما يجري في العالم وفي فرنسا علي وجه الخصوص بلاد الديمقراطية العريقة, نجد ساركوزي يتقبل نتيجة الاقتراع ويدعو الفرنسيين للتوحد خلف الرئيس الجديد الذي جاء بخيار ديمقراطي جمهوري متمنيا له النجاح في مواجهة التحديات التي تعترض البلاد. ولم يخرج مؤيدوه منددين بالتزوير أو محتجين علي النتيجة بالتخريب والحرق والتدمير للممتلكات العامة. نتمني أن تشهد مصر تجربة انتخابات رئاسية جديدة علي الطريقة الديمقراطية, يتوحد فيها الجميع خلف مصلحة مصر أولا وقبل أي شيء.. حلم قد يتحقق "ولو بطلنا نحلم نموت" علي رأي الفنان الرقيق محمد منير. المزيد من أعمدة مها النحاس