صدر كتاب "مدرسة الإسكندرية المتأخرة وأثرها فى التراث الفلسفى الإسلامي" للباحث الدكتور حسين الزهرى دكتور الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الدراسات الأكاديمية بمركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، والذى يحاول مؤلفه؛ حسب عرض الباحثة هند جعفر بمركز مخطوطات المكتبة؛ أن يبرهن فى الكتاب أن العلم لم ينته فى الإسكندرية القديمة بحريق مكتبتها ومتحفها فى العصر الروماني، بل ظل العلم السكندرى يؤدى دوره حتى مجيئ العرب إليها، بل وانتقلت علوم تلك المدرسة السكندرية إلى المسلمين ليستفيدوا منها فى بناء الحضارة الإسلامية. ورغم اهتمام باحثى الفلسفة فى الغرب بتاريخ واتجاهات المدرسة الفلسفية السكندرية المتأخرة، إلا أن المعنيين بأثر هذه المدرسة قد تجاهلوا هذه الفترة متحججين بقلة المصادر، وأعنى هنا تحديدًا تناول الدراسات الفلسفية العربية لاتجاهات، وأفكار هذه المدرسة مهضومة الحق فى المصادر العربية.. ولذا تأتى المحاولة الأولى من جانب الدكتور حسين الزهرى لتفتح الباب الذى واربه العرب طويلاً أمام هذه الفترة من عمر الفلسفة. ودارسى الفلسفة من غير المتخصصين دومًا مايقفزون فيما بين المرحلة التى انتهت بالمعلم الأول أرسطو وتلك لها التى جرت أغلب أحداثها فى حلقات الأروقة الرومانية ثم عادت لحواضر الشرق ممثلة فى عدد من الفلاسفة والمتكلمين المسلمين متجاهلين حلقة وصل جرت أحداثها فى الإسكندرية على يد شُراح أرسطو وأفلاطون الذين ساهموا فى نقل فلسفة اليونان إلى روما ومستعمراتها ومن ثم إلى العرب. الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة خماسية تناولها بالتحليل الدقيق د. الزهرى وسوف تُصدرها مكتبة الإسكندرية تباعًا، لتضم بين جنباتها الأفكار الفلسفية لعدد من أعلام هذه المدرسة الكلاسيكية المتأخرة وأثرهم فى الفلسفة الإسلامية وأتى على رأسهم أمونيوس بن هرمياس وأثره فى فلسفة المعلم الثانى أبى نصر الفارابى وسوف يليه عدد آخر هم على الترتيب: سمبليكيوس شارح أرسطو الأهم فى هذه الفترة وتلميذ أمونيوس النجيب وبعده أولمبيودوروس الصغير رئيس المدرسة السكندرية عقب وفاة أمونيوس ومن ثم الدمشقى آخر الأفلاطونيين المحدثين، ليختم المؤلف عمله الشاق بستيفانوس السكندرى المحاضر والفلكى فى بلاط فلافيوس أغسطس هرقل ويتناول الكتاب فى بابه الأول بأسلوب شيق تعانى من ندرته الكتابة الفلسفية العربية، حياة أمونيوس وعصره والظروف السياسية التى نشأت فيها فلسفته والتى تعدت كونه مجرد شارح للفكر الأرسطى وكيف وفَّق ابن هرمياس بين رأى قطبى الفلسفة الكلاسيكية أرسطو وأفلاطون، هو الخط الفلسفى الذى سينتهجه فيما بعد الفيلسوف المسلم أبى نصر الفارابى ويعرض الكتاب فى بابه الثانى بالتفصيل لفلسفة أمونيوس مدققًا فى كل جوانب فِكره من منطق، وإلهيات وطبيعيات؛ ثم يختتم أخيرًا بالباب الثالث الذى يتناول تأثير أمونيوس فى فلسفة الفارابى وكيفية انتقال الفلسفة اليونانية الكلاسيكية وحفيدتها السكندرية إلى بلاد الإسلام وكيف حافظ المسلمون على هذه الفلسفة وقاموا بإثرائها بأفكار جديدة ومتعاملين معها بأفق أرحب مما تعامل به أتباع الديانات الأخرى الذين خلعوا عليها عباءة الوثنية بلا تمحيص ولا تدقيق فى بُنيتها شديدة الخصوصية والعمل بحثى شاق لم يكتف مؤلفه بنقل علوم الأولين ونصوصهم، بل أضاف للعمل من فكره الفلسفى. الكتاب: مدرسة الإسكندرية المتأخرة المؤلف: د. حسين الزهيري الناشر: مركز مخطوطات مكتبة الإسكندرية 2016