نهائي أبطال إفريقيا - ضربة مؤلمة.. الأهلي يفقد علي معلول في الدقائق الأولى    نوران جوهر تتوج ببطولة CIB العالمية للإسكواش    تنفيذ 31 قرار غلق وتشميع لمحال وحضانات ومراكز دروس خصوصية مخالفة    نيويورك تايمز: غزو إسرائيل مدينة رفح لن يساعدها فى حربها ضد حماس    صحيفة: نهج واشنطن فى فرض رسوم جمركية مرتفعة على الصين قد يأتى بنتائج عكسية    واشنطن بوست: أوكرانيا تصارع الزمن قبل برد الشتاء لإصلاح شبكة الطاقة المدمرة    محصول الخير.. تموين سوهاج: توريد 82 طن قمح للصوامع والشون    الإسكان: استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالى    22 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى استعدادا لمواجهة بيراميدز بالدورى    تفاصيل مسابقات بطولة البحر المتوسط فى الإسماعيلية بمشاركة 13 دولة    مصرع طفل صدمته سيارة أثناء لعبه بالإسكيت فى مدينة العاشر من رمضان    فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. فيديو    وزيرة الثقافة وسفير كوريا الجنوبية يشهدان انطلاق الأسبوع الثقافي الكوري    أستاذ قانون عن عدم تقدم العرب بدعوى ضد إسرائيل في "العدل الدولية": تكتيك عربى    مكتب نتنياهو: إذا كان جانتس يفضل المصلحة الوطنية يجيب عن الأسئلة الثلاثة    4 أبراج أساتذة فى حل المشاكل العاطفية.. الجدى والحمل الأبرز    وزارة الحج: دخول السعودية بتأشيرة عمرة لا تمكن حاملها من أداء الحج    الأطعمة المصنعة السبب..الإفراط في الملح يقتل 10 آلاف شخص في أوروبا يوميا    صحتك بالدنيا.. لطلاب الإعدادية.. هدى أعصابك وزود تركيزك فى فترة الامتحانات بأطعمة مغذية.. وأخطاء غذائية شائعة تجنبها فى الموجة الحارة.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على قلبك؟.. طرق الوقاية    جامعة طنطا تعالج 6616 حالة بالقرى الأكثر احتياجا ضمن "حياة كريمة"    مطالبة برلمانية بكشف سبب نقص ألبان الأطفال    الشهابى: الشعب المصرى يقف خلف القيادة السياسية لدعم القضية الفلسطينية    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    تراجع كبير في أسعار السيارات بالسوق المحلية.. يصل ل500 ألف جنيه    قبل مناقشته ب«النواب».. «الأطباء» ترسل اعتراضاتها على تأجير المستشفيات لرئيس المجلس    كبير الأثريين: اكتشاف آثار النهر بجوار الأهرامات حل لغز كيفية نقل أحجارها    تعديل مواعيد مترو الأنفاق.. بسبب مباراة الزمالك ونهضة بركان    مدير «القاهرة للدراسات الاقتصادية»: الدولة تسعى لزيادة تمكين القطاع الخاص    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024 في مصر.. ومواعيد الإجازات الرسمية يونيو 2024    خسر نصف البطولات.. الترجي يخوض نهائي دوري الأبطال بدون مدرب تونسي لأول مرة    مهاجم الترجي السابق يوضح ل "مصراوي" نقاط قوة وضعف الأهلي    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    من بينهم أجنبى.. التحقيقات مع تشكيل عصابى بحلوان: أوهموا ضحايهم بتغير العملة بثمن أقل    شركات السياحة تنهي استعدادها لانطلاق رحلات الحج    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    تاني تاني.. تغيير جلد ل غادة عبد الرازق وأحمد آدم    مطار ميونخ الألماني: إلغاء 60 رحلة بسبب احتجاجات مجموعة "الجيل الأخير"    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    ارتفاع حصيلة قتلى حادث إطلاق النار بوسط أفغانستان إلى 6 أشخاص    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين» (117)
البابا فرنسيس وتجديد الخطاب الدينى
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 03 - 2016

إذا أردت أن تحدث تجديداً للخطاب الدينى فاقرأ هذا الحوار الذى أجراه أندريا تورنيللى مراسل الفاتيكان لدى أشهر جريدة فى ايطاليا «لاستمبا» مع البابا فرنسيس وأصدره مع بداية هذا العام فى كتاب تحت عنوان «الرحمة هى اسم الله». واللافت للانتباه فى هذا العنوان أن لله صفة واحدة هى الرحمة، واللافت للانتباه أيضا أن رؤية البابا فرنسيس لله ليست على غرار المألوف سواء فى علم اللاهوت المسيحى أو علم الكلام الاسلامى. فقد كانت الاشكالية السائدة لدى هذين العلمين محصورة إما فى القول بتعدد الصفات لله أو فى نفى الصفات برمتها عن الله. أما فى حالة البابا فرنسيس فليس ثمة تعدد للصفات أو نفى لها جميعا، إنما ثمة صفة واحدة هى الرحمة. وهنا لابد أن يثار سؤالان: ماذا يقصد البابا فرنسيس بهذا المصطلح؟ ولماذا اقتصر عليه دون غيره من الصفات؟
ولكن ليس فى الامكان الجواب عن هذين السؤالين من غير أن نكون على وعى بالحالة اللاهوتية التى يواجهها البابا فرنسيس منذ أن أصبح بابا روما فى 13 مارس 2013 إثر الاستقالة المفاجئة التى قدمها البابا بنديكت بعد مرور عامين على رسامته. وقد قيل إن سبب هذه الاستقالة المفاجئة مردوده إلى شعوره بالشيخوخة. ولكن الشيخوخة لا تأتى فجأة. وبناء عليه لابد من البحث عن سبب آخر غبر معلن. والسؤال اذن: ما هو هذا السبب غير المعلن؟
كان الفاتيكان يواجه إشكالية حادة هى على النحو الآتى: فى عام 1981 أصدر البابا يوحنا بولس الثانى قراراً بأن يكون الكاردينال جوزيف راتسنجر (الذى أصبح اسمه فيما بعد البابا بنديكت السادس عشر) رئيساً لمجمع عقيدة الايمان المكلف بادانة كل مَنْ يخرج على العقيدة . ومعنى ذلك أن رئيس هذه اللجنة هو بالضرورة مالك للحقيقة المطلقة. إلا أن هذه اللجنة لم تعد بلا منافس إذ أصدر البابا يوحنا بولس الثانى قراراً فى أول يناير 1983 بتأسيس المجلس البابوى للثقافة. وفى أول اجتماع لهذا المجلس أعلن البابا أن ثمة علاقة عضوية بين الثقافة ورسالة المسيحية لثلاثة أسباب: السبب الأول أن الثقافة وسيلة الانسان لتحقيق انسانيته، والسبب الثانى أن الثقافة لها تأثير على الحياة الدينية للمؤمنين، والسبب الثالث أن على المسيحيين فهم ثقافة الآخرين لتدعيم التفاهم الثقافى.
وفى 16 سبتمبر 1986 تسلمت خطاباً من الأب هيرفى كاربيه أمين عام المجلس البابوى للثقافة ينبئنى فيه بأن الكاردينال بول بوبار رئيس المجلس قد وافق على عقد مؤتمر مشترك بين المجلس والجمعية الفلسفية الأفروآسيوية التى شرفت بتأسيسها ورئاستها فى عام 1978. وأهم ما جاء فى الكلمة الافتتاحية للكاردينال بول بوبار قوله: «إننا اليوم أكثر من أى وقت مضى فى حاجة إلى الكشف عن عوامل الصراع بين الجماعات البشرية، وإلى البحث عن حلول تستند إلى العقل والعدالة والحب الأخوى خاصة أن مصر مازالت حتى يومنا هذا نموذجاً أصيلاً لملتقى الثقافات بين الغرب والشرق».
ومع بداية القرن الحادى والعشرين شاعت الأصوليات الدينية التى تتوهم أنها مالكة للحقيقة المطلقة، وبالتالى تكون مهمومة بإدانة الآخر. ويبدو أن المجلس البابوى للثقافة قد دخل فى صراع خفى مع مجمع عقيدة الايمان. ومن هنا كانت المفاجأة فى استقالة البابا الأصولى بنديكت السادس عشر وانتخاب اللاأصولى البابا فرنسيس إذ إن فكرته المحورية فى ذلك الحوار هى رفض الادانة إلى الحد الذى اكتفى فيه بأن اسم الله هو الرحمة ، وبأن الرحمة هنا تعنى أن ليس من حق أى انسان مهما تكن سلطته إدانة أى انسان آخر. وعندما سئل البابا فى الحوار لماذا البشرية فى حاجة إلى الرحمة؟ كان جوابه: لأنها مجروحة، ولا تعرف كيف تضمد جراحها. والجروح لا تكمن فى الأمراض الاجتماعية أو فى الفقر أو الاقصاء الاجتماعى، إنما تكمن فى أننا جميعاً خطاة ومع ذلك يدين كل منا الآخر.
ومع ذلك فإن البابا فرنسيس قال إن ثمة بشرا ليسوا على وعى بأنهم خطاة، إنما على وعى بأن الآخرين الذين ليسوا على شاكلتهم هم الخطاة. وهؤلاء البشر هم الذين يلتزمون بالشريعة ويطبقونها على الآخرين حرفياً بلا رحمة. وهؤلاء فى رأى البابا فرنسيس هم «الفاسدون» الذين لديهم احساس مزيف بأنهم مكتفون بأنفسهم ومن ثم فهم ليسوا فى حاجة إلى الرحمة. وبلغة العصر يمكن أن يقال عنهم إنهم «الأصوليون» أو «مُلاك الحقيقة المطلقة». وفى سياق هذا المعنى يقارن البابا فرنسيس بين الرحمة والعدالة فيقول بأن الله إذا كان محكوماً بالعدالة فإنه لن يكون الهاً بل يصبح مثل بنى البشر أجمعين لا يريد إلا تطبيق القانون. ومعنى ذلك أننا إذا اكتفينا بالعدالة فإن العدالة عندئذ تدمر ذاتها ولهذا فهى فى حاجة إلى الرحمة التى هى أساسية فى العلاقات الانسانية. والسؤال بعد ذلك: إذا لم يكن البابا فرنسيس أصولياً فمَنْ يكون هو؟
أستعين فى الجواب عن هذا السؤال بما ارتأيته منذ زمن من تناقض حاد بين الأصولية والعلمانية من حيث إن الأصولية بحسب تعريفى هى «التفكير فى النسبى بما هو مطلق وليس بما هو نسبى» وإن العلمانية بحسب تعريفى أيضاً هى «التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق». وفى هذا السياق هل يمكن القول بأن البابا فرنسيس إذا لم يكن أصولياً فهل هو بالضرورة علمانى؟ السؤال مثار للحوار إذا كنت تريد إحداث تجديد للخطاب الدينى. أما إذا كنت تريد إحداث هذا التجديد خارج هذا السؤال فأنت وما تشاء ولكن بشرط ألا تقوم بتجريح هذا السؤال.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.