دعا المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى إلى مبادرة لتوحيد ما سماه «القوى المدنية الوطنية» فأثار لغطا شديدا بين مؤيد ومعارض وبصرف النظر عن شخص صاحب المبادرة باعتباره سياسيا له أنصار وخصوم فإن التأنى فى مناقشة هذه المسألة قد يوضح لنا الكثير، ونشير إلى أننا فوجئنا بظهور «دعم مصر» الذى تشكل قبل الانتخابات البرلمانية مباشرة وتمكن من تحقيق أغلبية فى مجلس النواب الجديد فى مواجهة احزاب ضعيفة وعدد لا بأس به من المستقلين مما يوحى بأن الائتلاف جاء مؤيدا للحكومة وداعما لها لتمرير ما تريده ولم يكن هذا شيئا غريبا إذ كانت هناك سابقة تاريخية فى فرنسا بعد انتخاب شارل ديجول رئيسا مؤقتا إثر فترة من الاضطراب السياسى وتشكلت جبهة داعمة له وصارت تمثل الأغلبية فى الجمعية الوطنية (البرلمان) خاصة أن ديجول لم يكن سليل حزب معين كما أن خلفيته العسكرية أثارت قلق الاحزاب الموجودة فى الساحة آنذاك، أما الفرق بين تلك الجبهة وائتلاف دعم مصر فهو أن الأخيرة لم تجمع ذوى التوجهات المتماثلة والفكر الواحد بل جمعت الشامى على المغربى بينما كانت جبهة ديجول تضم القوى ذات التوجه الواحد أو لنقل «يمين الوسط» وهى التى ساعدته على المضى قدما فى سياسته تجاه الاصلاح السياسى وطرح دستور الجمهورية الخامسة والاتجاه نحو أوروبا الموحدة والاستقلال عن أمريكا وغير ذلك مما اعاد فرنسا وقتها إلى مصاف الدول الأربع الكبرى ورغم ذلك فقد أقبلت القوى السياسية الأخرى المختلفة فى الرؤى عن رؤى جبهة ديجول إلى تشكيل جبهة اليسار والتى تولى قيادتها فيما بعد «يزان» حتى نجحت من خلال الانتخابات فى الوصول إلى مقاعد السلطة وتولى الحكم فيما بعد. ما أراه هو انه لا مانع فى بقاء ائتلاف دعم مصر بشرط التأكد من أن أعضاءها يؤمنون بمبادئ واحدة واضحة ومعروفة وبالمثل نحبذ إنشاء كيانات أخرى أيا كانت مسمياتها بشرط أن تجتمع على مبادئ واضحة وليس شعارات مبهمة لا طائل من ورائها فالكيان الواحد لا يجمع بين اليمين واليسار أو بين الأبيض والأسود أو بين رواد الاقتصاد الحر والاقتصاد الموجه أو بين أنصار التعليم المجانى والتعليم بمصروفات.. هكذا تسير الدنيا من حولنا وليس تشكيل ائتلافات وكيانات وجبهات حبا فى الظهور أو تكريسا للزعامات. مهندس محسن إبراهيم كريم الإسكندرية