في إحدى الجُمُعَات في ميدان التحرير عقب تنحي مبارك قابلت شابا مسيحيا اسمه مينا قال لي: أنا ذهبت إلى الإسكندرية عقب تفجير كنيسة القديسن وكنت مثل غيري من الشباب المسيحي غاضبا جدا. والتقيت بشباب مسيحي هناك وقابلت ضباط الحراسة على الكنيسة ، وعلمت منهم أنهم تلقوا أوامر بالانصراف من موقع الأحداث قبل التفجير بخمس دقائق فقط ، وفي شهادة لزميلة في الأهرام سجلتها عبر الفيديو لاعتصام أمناء الشرطة أمام وزارة الداخلية بعد الثورة قال أحد الأمناء: إن اللواء ط. م. قائد مكافحة الإرهاب بأمن الدولة السابق هو من دبر أحداث تفجير كنيسة القديسين. هذه الشهادات وإن جاءت بعد الأحداث لكنها كشفت للشعب المصري طرفا من أفعال جهاز الأمن الوطني في الأحداث فكانت ثورة يناير أول ما فعلته هو تحطيم وتفكيك هذا الجهاز انتقاما من الشعب على إذلاله والتآمر عليه عبر 30 سنة .
وفي شهادة أحد دكاترة مستشفى الدمرداش في أثناء اعتصام ميدان العباسية - قبل معركة الجمعة - قال: إن فرد الشرطة العسكرية المكلف بحراسة المستشفى اختفى من موقع الحدث قبل اقتحام المستشفى من قبل البلطجية بفترة وجيزة، ولم تجدِ أي استغاثات للدكاترة نفعا للأمن العام ولا بالشرطة العسكرية في إنقاذ المستشفي وتحطيم قسم استقبالها وشق بطن مريض بها لمجرد أنه ملتح، وذبح بعض المصابين من المتظاهرين، الذين لجأوا للعلاج داخل المستشفى، أضف إلى هذا شهادة د. محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب من وجود عربات محملة ببلطجية ملتحين متجمعة أمام قسم شرطة الوايلي ومعهم أسلحة، وتساءل في شهادته: كيف عبرت هذه السيارات أكمنة الشرطة العسكرية والأمن العام ووصلت إلى هذا المكان.
أكد صدق شهادة د. البلتاجي مقطع فيديو على شبكة الإنترنت يظهر فيه أحد ضباط الشرطة وسط مجموعة من البلطجية- ومنهم من له فيديوهات وهو يطلق النار من سلاح ناري على المتظاهرين في العباسية- في موقف ميدان العباسية وهم يظهرون الذعر لمجرد مشاهدة كاميرا تصور من فوق كوبري العباسية كانوا يظنونها تابعة لقناة الجزيرة تبين بعد ذلك أنها تابعة للأمن العام، ويظهر الفيديو تصريح الضابط بأنها لو كانت قناة الجزيرة فسنتخذ وضع أننا ضد بعض.
أضف إلى هذا شهادة أهالي العباسية أنهم في بداية اعتصام العباسية أصابهم الذعر في ليلة دامية وشاهدوا أشخاصا ملتحين يرتدون جلاليب بيضاء يطلقون النار من أسلحة آلية بشكل هيستيري على بيوت وحواري وطرقات العباسية ويسبون الدين لشبابها ويقومون بأفعال بذيئة وإصدار أصوات من حناجرهم تشمئز لها الطبائع السليمة ويتوعدون نساءها بالاغتصاب عبر استفزازات ورعب للأطفال والشيوخ وقاموا بقتل أحد شباب المنطقة وسحله في الشارع وتصريحهم وهتافاتهم بأنهم ينتمون إلى حركة حازمون – وهذا التصريح العلني يثير الريبة حيث ليس من المعقول أن يصرح المجرم باسمه وعنوانه حال ارتكابه للجريمة –وحماهم الأسلحة التي يطلقون النار منها بشكل كثيف وعدم استجابة الشرطة لاستغاثات أهل المنطقة إلى طلوع الفجر.
أما الشهادة التي ثمثل الفاجعة الكبرى فهي شهادة الدكتورة آية محمد كمال طبيبة نفسية بمستشفى تابع للقوات المسلحة أمام لجنة استماع بمجلس الشعب أمس الأول وهي إحدى اللواتي لجأن إلى مسجد النور للاحتماء به – يوم معركة العباسية - حيث تؤكد في شهادتها أنها وجدت أشخاصا مدنيين يدعونها إلى الدخول إلى مسجد النور للاحتماء به من الغاز وطلقات الرصاص وما إن دخلت حتى وجدت رجال القوات المسلحة يقتحمون المسجد بالبيادات (الأحذية) وبالأسلحة ويسبون الدين لمن في المسجد واقتادوا الموجودين فيه من المصلين والراكعين وقارئي القرآن وأجلسوهم في حلقة بجوار الباب. وتستكمل آية كلامها أمام مجلس الشعب: أنها وجدت أحد رجال الصاعقة المصرية ينبطح أرضا ويطلق الرصاص على مصلى السيدات فأصاب امرأة في يدها ومعها اثنتان أخريان وبعد تفتيش المسجد كله وتجميع من فيه في حلقة بجوار الباب حتى جاء أحد اللواءات وأمر الجنود بالخروج وخلع الأحذية وعاودا للدخول مرة أخرى لتلتقط عدسات كاميرا الشئون المعنوية هذا المشهد للجنود داخل المسجد وهم من غير الأحذية - ونسيت كاميرا الشئون المعنوية تسجيل المشهد الأكثر سخونة في موقعة اقتحام المسجد والأهم في الحدث برمته وهو ادعاء رجال الصاعقة أنهم وجدوا 50 بندقية آلية وبعض المتفجرات في دورة مياه المسجد وهذا على أساس أن مشهد الجنود وهم من غير الأحذية أكثر عيبا وأشد جرما من مشهد وجود البنادق والمتفجرات في دورة المياه - واقتادوا بعدها من في المسجد عبر عربات الترحيلات وسط إهانات بذيئة وبصق على الوجوه وضرب بالأحذية والهراوات على الرأس وسب للدين حتى إنها روت أنها تعرضت في سيارات القوات المسلحة للتحرش الجنسي من قبل أحد الجنود.
وأكد صدق شهادتها قائد المقاومة الشعبية في حرب أكتوبر الشيخ حافظ سلامة الذي قال في شهادته على الأحداث: إن جنود طنطاوي اقتحموا المسجد بالبيادات والأسلحة ولم يكن في المسجد أي أسلحة غير المصلين وقارئي القرآن.
هذه الشهادات سواء من ميدان التحرير أو من ميدان العباسية تميط اللثام عن الطرف الثالث الذي سيطر على الإعلام الفاسد من صحف وفضائيات وسخره ليكون طرفا رابعا لإخفاء الحقيقة عن أعين وأذان الشعب، لكنهم نسوا أو تناسوا لبعض الوقت أن الله مطلع على يفعلون ويدبرون، وأنه منتقم جبار، عزيز لا يغلب، وأن الشعب المصري لا يحتاج إلى شهادات توثيقية لتوعيته وسينتفض دون ترتيب لرفع الظلم واسترداد حقه كما فعل في 25 يناير، مصداقا لقول الله تعالى: "فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا".