الفيوم تحصد مركزا ثالثا وخامس جمهورية بمسابقة العروض المنهجية للتربية الخاصة والمرحلة الإعدادية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 8 يونيو 2024    إطلاق نار كثيف وقذائف من الآليات الإسرائيلية تجاه منازل المواطنين جنوب شرقي حي الزيتون بمدينة غزة    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارا على أغلب الأنحاء والعظمي بالقاهرة 39 درجة    عيد الاضحي.. تفاصيل أطول إجازة رسمية في مصر لعام 2024    نشرة مرور "الفجر".. انتظام بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    أسعار الدواجن اليوم 8 يونيو 2024    خطة الحكومة لوقف تخفيف الأحمال وتحريك أسعار الكهرباء في 2024    اليوم.. مطارا الغردقة ومرسي علم يستقبلان 27 ألف سائح    الحكومة تتلقي 147 ألف شكوى خلال شهر في جميع القطاعات    استشهاد 6 فلسطينيين في قصف إسرائيلي لمخيم البريج بغزة    الدفاع الروسية: تدمير معدات وأليات عسكرية أمريكية على محور أفدييفكا    حاكم دونيتسك الروسية: القوات الأوكرانية تكثف قصف المقاطعة بأسلحة بعيدة المدى    بعد حادث وفاته..7 معلومات عن رائد الفضاء الأمريكي ويليام أندرس    وزيرة خارجية إندونيسيا تبحث مع سفير مصر بجاكرتا تعزيز التعاون    الأهلى يخوض مباراة وديه اليوم استعدادا لمباريات الدوري    مصطفى شلبي: "بتكسف أشوف ترتيب الزمالك في الدوري المصري"    أبو مسلم: حسام حسن أدار مباراة بوركينا فاسو بذكاء    عقوبة إفشاء الأسرار الخاصة في القانون    مراسم استقبال رسمية لرئيس أذربيجان بالاتحادية.. السيسي وعلييف يصافحان حرس الشرف    أسعار الخضراوات اليوم، البطاطس تبدأ من 9 جنيهات بسوق العبور    شاومينج يزعم نشر أجزاء لامتحان اللغة الأجنبية لطلاب العلمي بالشهادة الثانوية الأزهرية    الصحة: خطة للتأمين الطبي تزامنا مع عيد الأضحى والعطلات الصيفية    بدءًا من اليوم.. تغيير مواعيد القطارات علي هذه الخطوط| إجراء عاجل للسكة الحديد    الجيش الأمريكي يدمر خمس مسيرات حوثية وصاروخين وزورق في اليمن    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال استهدفت مدرسة للأونروا الليلة الماضية غرب غزة    مواعيد مباريات اليوم السبت 8 يونيو 2024 والقنوات الناقلة    ضارة جدا، سحب 28 مشروبا شهيرا من الأسواق، أبرزها الشاي وعصير التفاح ومياه فيجي    طريقة عمل الفايش الصعيدي، هش ومقرمش وبأقل التكاليف    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    مصافحة شيرين لعمرو دياب وغناء أحمد عز ويسرا.. لقطات من زفاف ابنة محمد السعدي    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    سوق السيارات المصرية: ارتفاع متوقع في الأسعار لهذا السبب    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع    "المهن الموسيقية" تهدد مسلم بالشطب والتجميد.. تفاصيل    دعاء ثاني أيام العشر من ذي الحجة.. «اللهم ارزقني حسن الإيمان»    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    الحج بدون تصريح.. السعودية تحذر: غرامة تصل ل 10 آلاف ريال وترحيل خارج البلاد    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على 5000 حاج.. ولا حالات خطرة    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    بولندا تهزم أوكرانيا وديا    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنوير هو الحل
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2016

أسعدتنى كثيراً الدعوة التى أطلقها الأهرام بعنوان «تجديد الفكر قبل تجديد الخطاب» بتاريخ 6 فبراير 2016، والتى تتمحور حول
إعادة طرح قضية تجديد الخطاب الدينى بتحويل الاتجاه نحو تجديد الفكر بوجه عام قبل التصدى إلى تجديد الخطاب الديني.
أنا هنا أحاول الاستجابة إلى تلك الدعوة التى أعتبرها فرصة تاريخية قد لا تتكرر، وأبدأ استجابتى بمحاولة لبلورة القضية موضوع الحوار ثم أطرح مقترحاتى للعلاج.
فى المقال (التقديم) الذى كتبه الأستاذ محمد أبوالفضل تكرر ذكر لفظ «العام» مع ارتباطه بالإصلاح والعقل، وهو يلمح فى ظنى إلى قضية التنوير كما يعرفها أحد أهم مؤسسى التنوير فى أوروبا فى القرن الثامن عشر وهو الفيلسوف الألمانى عمانويل كانط فى مقاله الشهير «جواب عن سؤال ما هو التنوير؟» (1784) حيث عرف التنوير بأنه «خروج الإنسان من حالة اللانضج التى فرضها على نفسه». وحالة اللانضج هى عدم القدرة على إعمال العقل (أو إعمال الفهم) بدون وصاية.
وعدم القدرة ليس مردودا إلى خلل أو تلف فى العقل ولكن إلى حالة الكسل العقلى وعدم القدرة على الحسم وافتقاد الجرأة فى إعمال العقل «كن جريئاً فى إعمال عقلك» هذا وحيث إن دعوة الأهرام موجهة إلى المهمومين بقضايا تجديد الثقافة وهم بالضرورة المثقفون، فإن المسئولية تقع عليهم إما سلبيا أو ايجابيا ونسأل من هو المثقف؟
يقال إن المثقفين هم «إنتليجنسيا» وهذا المصطلح الإفرنجى مشتق من لفظ Intellect أى العقل، إذاً المثقف هو الإنسان الذى يعمل عقله فى أمور الحياة والمجتمع من أجل التغيير بناءً على رؤية مستقبلية، وهذا التعريف يلزم المثقف أن يمارس ما يسمى «الإعمال العام» لعقله من أجل تدريب عامة الناس على إعمال عقولهم والاعتماد على أنفسهم بدون حاجة إلى أوصياء، وهذه هى رسالة التنوير.
لهذا فإذا أردنا تعريفاً جامعاً شاملاً للفظ المثقف فهو «المُنَوِّر» (بضم الميم) والسؤال الآن: هل ينطبق هذا على «المثقفين» المصريين؟
الإجابة عن هذا السؤال تتحدد بمدى قوة أو ضعف التيار المضاد للتنوير، وأعنى به تيار الإخوان المسلمين. وحيث أن هذا التيار قد بلغ من القوة التى جعلته يتغلغل فى كل مؤسسات الدولة ومكنته من أن يستولى على عقول أفراد الشعب المصري، وأن يستولى فى نهاية المطاف على سلطة حكم البلاد من خلال تصويت الجماهير لصالحهم فى الانتخابات.
عندما يثار السؤال الملح، أين المثقفون من تيار الإخوان؟ فإن الجواب هو أن المثقف المصرى خائف، وهذا الشعور بالخوف يأتيه من جهتين من الدولة ومن تيار الإخوان. والسؤال هو لماذا يخاف المثقف من الدولة؟
إذا تصور المثقف أن إعمال عقله ينحصر فى نقد الدولة بدعوى محاربة الفساد، فإن للمثقف الحق أن يخاف من الدولة التى ستسعى للحفاظ على نظامها حتى إذا استلزم الأمر البطش بالمثقفين.
السؤال الثاني، لماذا يخاف المثقف من تيار الإخوان؟
إذا ظن المثقف أن التصدى لهذا التيار يكمن فى الدخول فى سجال فكرى مع هذا التيار بدعوى نشر ما يسمى «صحيح الدين» فإن للمثقف الحق فى أن يخاف من هذا التيار الذى سيوجه إليه تهمه الكفر. وفى الحالتين فالمثقف يتوهم أن رسالته آنية ومباشرة و تقوم على رد الفعل العاجل لما يجرى حوله من أحداث.
لكن السؤال الجذرى هو، هل مهمة المثقف المُنَوِّر نقد الدولة ؟ أظن أن المسألة على خلاف ذلك لأن مهمة المثقف المُنَوِّر تتجه إلى رفع الوصاية عن عقل الجماهير بنشر ثقافة التنوير التى تتمثل فى العقلانية والاعتماد على العقل فى تسيير أمور الحياة وليس على الخرافة. وهذه المهمة لم تتحقق والدليل على ذلك أن الواقع العملى يقول بأن التيار المتحكم فى المجتمع هو التيار الأصولى الدينى المتمثل فى جماعة الإخوان والجماعة السلفية، وأن هذا التيار قد استولى على عقل الجماهير من خلال الفتاوى الفاسدة التى ينشرها بين الناس ومن خلال أجهزة الإعلام.
والسؤال الآن، من المسئول عن السماح للأصولية بأن تكون تياراً جماهيرياً ؟
إنهم المثقفون، ولكنه يحلو للمثقفين إلقاء اللوم على الدولة، وهم بذلك يعفون أنفسهم من المسئولية لكى يستمروا فى أداء الدور الزائف الذى يتصورون أنه دور المثقف وأعنى بذلك التصدى للدولة بالهجوم. وأنا أسمى هذا الدور بالزائف لأن مهمة المثقف «المُنَوِّر» أو بالأدق رسالته، هى رسالة التنوير وهى فى حقيقتها رسالة بعيدة المدى حيث أنها تنشد تغيير ذهنية رجل الشارع من نسق الفكر اللاعقلانى الخرافى إلى عقلانية التنوير.
من هذه الزاوية فإن رسالة المثقف من حيث هى رسالة التنوير تقف عند حد توعية الجماهير بحقيقة التنوير وتدريبهم على ممارسة إعمال العقل من أجل تغيير أحوالهم المعيشية إلى الأفضل اعتماداً على أنفسهم، وليس التصدى للدولة بالهجوم لأن هذه مهمة الناشط السياسي، أو بالأدق الناشط الحزبي، وليست مهمة المثقف، أو بالأدق «المُنَوِّر».
من هنا فإن تجديد الفكر سابق على تجديد الفكر الديني، حيث أن الهدف من تجديد الفكر هو إعادة بناء البنية الذهنية لعقل الجماهير، والتى تستند إلى الفكر الأسطورى الخرافي، مما جعل مهمة التيار الأصولى الدينى مهمة سهلة لأنه يتبنى فهماً وتفسيراً لاعقلانياً للدين ويحرم إعمال العقل ويكفر كل من يختلف معه فى الرأى لأنه يقوم على مبدأ السمع والطاعة. كما ساهم فى انتشار هذا التيار الأصولى اللاعقلانى القنوات الفضائية الدينية بواسطة شيوخ أطلقوا على أنفسهم لقبا ،وبناءً عليه فإنه يصبح من حقنا أن نوجه اللوم إلى المثقف المصرى الذى خان مسئوليته وخان الجماهير فتركها فريسة فى يد أعداء التنوير.
مبرراتى فى توجيه هذا اللوم هو أنه لو كانت جماعة المثقفين قد قامت بمهمتها فى تنوير الجماهير لكانت الجماهير قد تحررت من الفكر الأسطورى الخرافى الذى يجعلهم فاقدى المناعة تجاه الاختراق الدينى .
وأختتم بطرح اقتراح موجه إلى المفكر المتنور الأستاذ حلمى النمنم وزير الثقافة، بتأسيس مشروع قومى تتبناه وزارة الثقافة لنشر ثقافة التنوير. وهذا المشروع ذو شقين. الشق الأول نظرى ويشتمل أولاً على ترجمة تراث التنوير الأوروبى وإعادة طبع تراث التنوير المصرى والعربي. وعقد دورات تدريبية بهدف إعداد المثقف «المُنَوِّر» المطلع على تراث التنوير فى العالم ثم ربطه بثقافة المجتمع المصرى بهدف تحرير عقول الجماهير من الفكر الأسطورى وبث روح التنوير والعقلانية.
أما الشق العملى فيتحدد فى إعادة الحياة إلى قصور الثقافة الجماهيرية التى كادت تتحول إلى أطلال وجعلها مقرات للتنوير ينشر من خلالها فكر ومبادئ وقيم وآداب وفنون التنوير، شريطة أن يتولى الأمر برمته مجموعة من المفكرين والباحثين والأدباء والفنانين المؤمنين إيماناً صادقاً بقضية التنوير وبأنها هى العلاج للمرض الذى يعانى منه العقل العام المصري.
لمزيد من مقالات د. منى ابو سنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.