جامعة المنصورة تفوز بجائزة جامعة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    تجديد تكليف سامية عبدالحميد أمينا عاما لجامعة بنها الأهلية    قيمتها 12500 دولار.. جامعة حلوان تحصد جائزة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    محافظ كفرالشيخ يشهد إحتفالية تكريم الأطفال حفظة القرآن الكريم بقرية إبيانه    البابا تواضروس: الصين تسمح بطباعة الكتاب المقدس باللغة العربية    ورشة عمل حول اقتصاديات الذكاء الاصطناعي في الزراعة المصرية بين النظرية والتطبيق    الذهب الأصفر.. 357 ألف طن قمح تملأ صوامع المنيا    وزيرة التخطيط تستعرض أهم ملامح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل    وزيرة البيئة تدعو المجتمع الدولي إلى التكاتف لوقف التصحر في الاحتفال بيوم البيئة العالمي    بمناسبة عيد الأضحى.. جامعة حلوان: منفذ لبيع اللحوم والدواجن بأسعار مخفضة (صور)    طرق وأسعار حجز الأضاحي من وزارة الزراعة (تفاصيل كاملة)    وزير الداخلية لنظيره البريطاني: مستعدون لتبادل الخبرات لمواجهة التحديات    وفاة الممثلة جانيت تشارلز شبيهة الملكة إليزابيث عن عمر يناهز 96 عاما    بحسابات مزورة.. حملة إسرائيلية سرية ضد أعضاء بالكونجرس    حصار واعتقالات في خان يونس.. الاحتلال يشدد قبضته على شارع صلاح الدين    لأول مرة منذ 10 سنوات.. حزب مودي يخسر الأغلبية في الانتخابات العامة بالهند    دينا الرفاعي تعلق على تهنئة فيفا لاتحاد الكرة بشأن الكرة النسائية    لابورتا: تغير "لهجة" تشافي سبب إقالته من برشلونة    صالح جمعة يفتح باب الانتقال إلى الزمالك    استقبال رائع لحجاج القرعة في الروضة الشريفة بالمدينة المنورة| فيديو    تجديد حبس الراقصة دوسة بتهمة نشر الفسق والفجور    "معلومات الوزراء": التقارير المزيفة تنتشر بسرعة 10 مرات عن الحقيقية بمواقع التواصل الاجتماعي    السعودية: خدمات متقدمة لذوي الهمم وكبار السن لأداء مناسكهم بالمسجد الحرام    قبل طرحة بالسينمات.. كل ما تريد معرفته عن فيلم «عصابة الماكس» ل أحمد فهمي    دعاء فكً الكرب والهم والحزن.. ردده الآن في العشر الأوائل من ذي الحجة (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ)    سن الأضحية وشروطها وما يجزئ منها.. 10 أحكام شرعية مهمة يجب أن تعرفها    عبدالغفار يستقبل وزير صحة ناميبيا لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين    رياضة القليوبية تعلن أماكن عرض مباراة منتخب مصر غدًا الخميس    إي اف چي هيرميس تنجح فى إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولى لمجموعة "فقيه للرعاية الصحية"    وزارة الثقافة تُطلق مشروع "أنا رقمي" لتبني المبتكرين والمواهب الناشئة في البرمجة    محافظ كفر الشيخ: انتهاء 42% من أعمال إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    بعد اعتمادها رسميًا.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة الشرقية (احصل عليها الآن)    حكم قص الشعر والأظافر للمضحي في العشر الأوائل من ذي الحجة.. 3 أقوال شرعية يوضحها البحوث الإسلامية    300 عرض مسرحي تقدموا للمشاركة بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    عبدالرازق يلتقي رئيس مجلس النواب الكازاخي    لمناقشة قضايا الجودة.. رئيس «الرقابة الصحية» يستقبل مستشار الرئيس للوقاية (تفاصيل)    البابا تواضروس: عدد كبير من الأقباط طلبوا الهجرة خارج البلاد أيام حكم مرسي    تفاصيل جديدة في اتهام «حمو بيكا» ضد «نور التوت»    رئيس إنبي: اتحاد الكرة حول كرة القدم إلى أزمة نزاعات    حصول 63 مدرسة بالبحيرة على شهادة اعتماد الجودة    «الري»: إجراءات لتعزيز التعاون المائي مع جنوب السودان ودول حوض النيل    إعلام إسرائيلي: الجيش ينتظر قرارا حكوميا لجعل لبنان ساحة حرب رئيسية    اختبارات غناء وتمثيل بالإسكندرية ضمن مشروع قصور الثقافة لاكتشاف المواهب    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    عليَّ ديونٌ كثيرة وعندى مال أرغب فى الحج به فهل هذا جائز؟.. الفتوى بالأزهر تجيب    ل رجل برج الجوزاء.. كيف يمكن أن تكون جوزائيًا وناجحًا؟    الجمعية الفلكية بجدة تكشف تفاصيل ميلاد ذى الحجة بالمملكة العربية السعودية    محمد سراج يكشف.. أسباب عدم الإعلان عن تصميم الاستاد.. سعة الملعب.. والعائق الأكبر    وزير الصحة يطلق المرحلة الثانية لمبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ب9 محافظات    الصحة تثمن تقرير "الصحة العالمية" حول نجاح مصر فى القضاء على فيروس c    النائب طارق عبد العزيز ل"قصواء الخلالي": الرئيس السيسى ركز على مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بمنطقة فيصل    كل ما تريد معرفته عن ستاد الأهلي الجديد| يسع 44 ألف متفرج    إطلاق نار على السفارة الأمريكية في لبنان.. ومقتل المنفذ    منها الحيض.. مركز الأزهر للفتوى يوضح جميع أحكام المرأة فى الحج    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    حقيقة تكليف الدكتور محمود محي الدين بتشكيل الحكومة الجديدة    «شديد السخونة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جندى وعامل ورجل أعمال
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 02 - 2016

بعيدا عن الطافين على سطح الأحداث، تزخر مصر بنماذج من الشرفاء الذين قدموا للوطن خلاصة جهدهم دون مقابل إلا مرضاة
الله ، فتركوا فى مجتمعاتهم المحلية إنجازات قيمة بعيدا عن بريق الإعلام أو طموحات السياسة، تاجروا مع الله بقلب سليم فأنعم عليهم بحب الناس، لم ترتبط بواعثهم الخيرية بالغنى أو الفقر ولا بالمستوى الاجتماعى أو التعليمي. رجال علموا من الدين أصوله التى تدعو إلى الخير والمحبة والإخاء وقضاء حوائج الناس ومساعدة الآخرين والإتقان فى العلم والإحسان فى المعاملة، بعيدا عن أى لافتات دينية أو وطنية أو حزبية. فى جنوب مصر كما فى شمالها نماذج من هؤلاء المصريين البنائين العظام الذين تجرى الحضارة المصرية فى دمائهم، الحضارة التى دشنت أبجديات الحكمة وأدركت منذ فجر التاريخ فلسفة الحياة وعلاقتها بالموت فبنت الأهرامات والمعابد وانطلقت من القيم الإنسانية العليا التى جاءت بها الأديان فربطت خير الدنيا بنعيم الآخرة. ولأن النماذج المشوهة السائدة قد تضاعف الإحساس بنصف الكوب الفارغ فإننا بحاجة دائما إلى أن نتشبث بالنماذج المضيئة، ويكفى فى هذه المساحة أن نذكر ثلاثة من هؤلاء العظام، أولهم ابن دمياط الجندى محمد أيمن البطل الذى أنقذ زملاءه الثمانية من الحزام الناسف الذى كان يحمله أحد العناصر التكفيرية فى قرية المساعيد بمدينة العريش، حيث كان محمد أيمن فى مقدمة القوة، لاقتحام الموقع، وبعدما أحس العنصر التكفيرى الموجود داخل عشة بدخول الجندى البطل إليه، بادر بتفجير نفسه بالحزام الناسف، فاحتضنه الجندى البطل، وجنب رفاقه الموجة الانفجارية الضخمة، التى حولّت جسده الطاهر إلى أشلاء، محمد أعطى عمره كله فى لحظة فارقة فداء لزملائه .والنموذج الثانى رجل الأعمال الذى فارق دنيانا منذ أيام، المهندس صلاح عطية ابن الدقهلية الذى كرس حياته ووظف أمواله لخدمة مجتمعه،مؤسس جامعة الأزهر فى قريته تفهنا الأشراف،أول جامعة بقرية مصرية، الذى اتفق مع شركائه على تخصيص نسبة10% من الربح لإنفاقها فى وجوه الخير وعندما وجدوا حصيلة الربح كبيرة قرروا زيادة النسبة إلي20% من الربح ، وتحقق إنتاج غير مألوف فى الدورة التالية فقرروا زيادة نسبة الربح المخصصة لوجوه الخير إلي30% واستمرت الزيادة إلى أن أصبحت 100%.
وأنشأ صلاح عطية العديد من الأعمال لخدمة المجتمع، منها 6 معاهد دينية أزهرية ومحطة سكة حديد،أعقبها إنشاء كلية جامعية للشريعة والقانون، تلاها كلية للتجارة بنات ثم كلية لأصول الدين وكلية للتربية. وأسهم فى بناء المعهد الدينى بقرية الصنافين بالشرقية، بعد أن حفز أهل القرية لجمع التبرعات. الرجل لم يكتف بالتبرع بأمواله وإنما كان صاحب رسالة عنوانها زرع الخير فى نفوس الناس ، فقد توسع فى إنشاء لجان متخصصة للتنمية داخل القرية، منها لجنة للزراعة تضم مهندسين زراعيين على المعاش، لبحث كيفية زيادة إنتاجية المحاصيل المزروعة، وأخرى للشباب تختص بشغل أوقات فراغهم. وثالثة للتعليم لرفع المستوى التعليمى بالقرية،ولجان المصالحة لتحقيق السلام الاجتماعى بين أهالى القرية.
و فى 11 يناير الماضى توفى صلاح عطية ( 70 عاما) وبقيت أعماله فى قلوب الناس .
النموذج الثالث عامل من إحدى قرى قنا التى تعتز بانتمائها القبلي، لكنه غرد خارج السرب، فأغلبية الذين استمتعوا بأعماله الخيرية لا يعلمون اسم ابيه ولا جده لأن إنجازه الفردى طغى على لقبه العائلى مما جعل الناس تكتفى باسمه الأول الذى اقترن بالماء والخضرة واللون الأبيض وهى ثلاثية فلسفة الشيخ عبد العزيز فى الحياة التى جسدها على قارعة الطريق العام «الأسفلت» فى أعمال بسيطة ولكنها معبرة توفر لعابرى السبيل تحت شمس قنا الحارقة استراحات مجانية ممهورة بماء بارد وظل شجرة ومصطبة ومكان للصلاة. كان لا يبدأ عمله الخيرى إلا بعد انتهاء دوامه الرسمي، متبرعا بجهده ووقته لغرس شجرة ووضع زير بجوارها، ثم تطور الأمر لبناء مصطبة على الطريق السريع مقابل قريته «بخانس» بمركز أبو تشت حيث لم يكن على طول الطريق الذى يمتد عشرات الكيلومترات أى استراحة أو مصدر للمياه أو حتى شجر يستظل تحتها العابرون. وعندما وجده أهل الخير عاكفا على هذا العمل بمفرده وأحيانا بمساعدة ابنه الصغير، تبرع بعضهم بمساعدته على استكمال البناء.لم يكتف الرجل ببناء الاستراحة بالطين وإنما قام بدهانها بما تيسر من الأصباغ الشعبية،ثم تظليلها من البوص(سيقان الذرة) وسعف النخيل لتكتمل الاستراحة بلونها الأبيض وتشمل مسجدا صغيرا و زيرا ومصطبة وشجرة، وفيما بعد أضاف لها مصباحا كهربائيا، وعندما نجحت الفكرة كررها بجوار المقابر فى قريته ، ثم فى مواقع أخرى عديدة على طول الطريق السريع. توفى الشيخ عبد العزيز منذ سنوات وبقيت إنجازاته الخيرية شاهدا على حكمة الرجل.
عمل الخير لا يتوقف على الثروة، وإنما ينبع من الإرادة الذاتية ومرضاة الله، ولا شك أن بمصر الكثيرين من هذه النوعية بعيدون عن الأضواء ، وزاهدون فيها.. واجبنا اكتشافهم وتشجيعهم.
لمزيد من مقالات د. محمد يونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.