إذا كنت تريد العودة لحبيبتك، أو كنتى تريدين إستعادة زوجك الذى طلقك، أو تريدين موافقة أهلك على الزواج من حبيبك ، فقط أتصلى بالأرقام التالية وستحل مشكلتك فى الحال .. هكذا تطالعنا بعض الإعلانات على شاشات الفضائيات عن أشخاص يدعون أنفسهم شيوخا، لديهم قوى خارقة لحل المشكلات المستعصية على الحل وبغض النظر عن كونهم فاشلين مسبقا، والدليل هو أنهم يداومون على الإعلان عن خدماتهم على كافة القنوات ولو كانوا فاعلين حقا لما احتاجوا لتلك الإعلانات. إلا أن الواقع المؤلم الذى نعيشه هو الذى جعل مثل تلك المهن تظهر، بل وتستمر. لقد فقدنا حقا فرص التواصل مع بعضنا البعض، وبهذا فقدنا طرق العودة مرة أخرى بعد الفراق، فمن يتخاصم الأن يتطرف فى الخصام دون الإبقاء على أى فرصة للعودة ، حتى وإن تعذب من هذا الفراق ، ومن يطلق يفرط فى أذى شريكه، كأنه كان بالأمس عدوا وليس حبيبا وشريك حياة ، لهذا كان من الطبيعي جدا أن ينشأ " وسطاء " يحاولون " التوفيق " بين المتنافرين والمتخاصمين والمطلقين بطريقة تبدو " لائقة " ولا تؤذى كرامة الطرف الذى يريد العودة ، رغم أنها طريقة غارقة فى التخلف وأغلبها اعمال سحرة ومشعوزين.. لكن ما العمل ؟ فهذه أحدى نتائج ما يسمونه بالحداثة والتطور التكنولوجى الذى لم يصاحبه أبدا تطورا فى الأخلاق ولا فى العلاقات الأنسانية للأفضل .. فلماذا فشلت التكنولوجيا فى تحسين أخلاق الإنسان ؟ أم أن الإنسان الذى طور كل أدواته التكنولوجية لتحسين الخدمات حوله، ترك نفسه مظلمة دون أدنى تطوير ؟! فهل فيما بعد سننسى حتى دور الأديان فى إسعاد الناس وتنظيم العلاقات بينهم لتحقيق العدل والحياة الكريمة، وسنسمع عن بيع تمائم تجلب الحظ السعيد لمن يعلقها فى بيته ؟! هل سنعود إلى عصور الجاهلية الأولى بهذه السرعة؟! وكالعادة سنسأل عن دور المؤسسات الدينية، وأولهم الأزهر الشريف نحو محاربة تلك الظاهرة السيئة، التى يستغلها البعض فى تحقيق أرباحا طائلة على حساب تخريب عقول وبيوت أصحاب العقول المغلقة. كان من المفترض أن يتطور الفكر الدينى ليتناسب مع تطور التكنولوجيا، ليقدم الحلول المرضية لمشاكل هذا العصر. وحتى إذا أحتاج أصحاب المشكلات لمن يتوسط لحلها كان يجب أن يقوم بها مختصون، عن طريق مكاتب استشارات أسرية كالدول المتقدمة، وليس عن طريق أعمال السحرة والدجالين . فإذا زادت تعاسة الإنسان كلما تقدمت أدواته وسهلت عليه الحياة، فهو لا يتقدم إلا نحو الهاوية.