حسنا فعل وزير النقل، حين قدم اعتذاره واعتذار الحكومة للمصابين فى حادث انقلاب قطار بنى سويف أمس الأول، الذى أسفر عن إصابة نحو 70 مواطنا، معترفا بتدنى وسوء مستوى الخدمة فى مرفق يعد من أهم المرافق الحيوية والخدمية فى البلاد، وشريان رئيسى يصل بين محافظات وأقاليم الجمهورية من شمالها إلى جنوبها منذ أنشأه الإنجليز فى عام 1851، وحتى الآن، كأول خط سكك حديدية فى قارة إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط والثانى على مستوى العالم بعد المملكة المتحدة. الاعتذار أمر جيد، ولكن ماذا بعد الاعتذار؟.. هل نكتفى، كما تعودنا نحن المصريين عقب كل حادث من هذا النوع ببعض الإجراءات الوقتية، فقط لمجرد امتصاص الغضب الشعبى، وإطلاق التصريحات والوعود الوردية وبعض التحركات الشكلية لمداراة عيوب ومشكلات وإهمال عمره عشرات السنوات، ثم سرعان ما يتم نسيان الأمر برمته إلى أن نفيق على حادث أكثر منه ترويعا وأشد إيلاما وأكثر ضحايا، ثم نعود ونكرر نغمات التصريحات الوردية نفسها والتحركات الشكلية ذرا للرماد فى العيون، ونظل ندور فى هذه الحلقة المفرغة من مسلسل الإهمال الذى لا نهاية له. ملف الإهمال فى مرفق السكك الحديدية مترع بالأحداث الدامية، ويضرب بجذوره فى عمق تاريخه، ولا يقتصر على مشكلات الإهمال فى المزلقانات وما تسببه من حوادث، وإنما تشمل المحطات والقطارات والجرارات، بالإضافة إلى شريط القضبان على طوله والإشغالات تلتهم جانبيه، ناهيك عن سرقة بعض مهمات وإشارات السكك الحديدية، بل وصل الأمر إلى سرقة قضبان خط قطارات قنا سفاجا وخسارة ملايين الجنيهات. وعن سوء الخدمة وفوضى التنظيم وانعدام النظافة داخل العربات، حدث ولا حرج، فقد تكون حاجزا أنت وأسرتك بأحد القطارات المكيفة وتركب القطار ثم تفاجأ بأناس غيرك يشغلون مقاعدك، ولا تستطيع أن تجبرهم على إخلائها لك، ولمن معك، أو تجد بائعى الشاى والأطعمة يزاحمونك ويقتسمون معك مساحة العربة طوال الرحلة ولا تستطيع حيالهم شيئا. الأمر جد خطير، ومرفق السكك الحديدية يخدم ملايين الأشخاص فى طول البلاد وعرضها، لذا فلابد من وقفة جادة من جانب وزارة النقل والحكومة لتدارك الأمر، بعيدا عن المسكنات والإجراءات الوقتية قبل فوات الأوان. لمزيد من مقالات رأى الاهرام