انتهى مجلس النواب من وضع لائحته الداخلية بعد مناقشات موسعة من الأعضاء لتطابق مواد اللائحة مع الدستور الحالى ، ولكن شهدت المناقشات خلافات حادة بين أعضاء البرلمان ليس على مواد اللائحة بحسب ولكن بشأن عرض مشروع اللائحة على قسم التشريع بمجلس الدولة ، أم اقرارها من مجلس النواب باعتباره صاحب السلطة التشريعية ، وهل صدورها مباشرة من المجلس يعرضها للبطلان لعدم الدستورية الدكتور محمد رضا النمر أستاذ القانون الدستورى يقول : لقد نصت المادة «118» من الدستور على أن «يضع مجلس النواب لائحته الداخلية، لتنظيم العمل وكيفية ممارسته اختصاصاته والمحافظة على النظام فى داخله وتصدر بقانون». وطبقا لهذا النص تعتبر اللائحة الداخلية للمجلس النواب ، قانونا مكملا للدستور طبقا لنص المادة -121- فى فقرتها الثالثة ، والتى تنص على أنه تصدر القوانين المكملة للدستور بموافقة ثلثى أعضاء المجلس، ومن الضرورى القول إن قانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب هو قانون مكمل للدستور، رغم عدم ذكر ذلك صراحا فى الفقرة الثالثة من المادة ، وتقتضى هذه الطبيعة الخاصة باللائحة التى كان يجب أن تعرض الاختصاصات، التى يختص بها مجلس النواب وحده احتراماً لاستقلال البرلمان عن السلطة التنفيذية، الالتزام بأن يعد مجلس النواب مشروع اللائحة ثم يحيلها الى مجلس الوزراء، الذى يحيلها بعد موافقته عليها بدوره الى رئيس الجمهورية مرفقة بمذكرة بتعديلات وملاحظات يراها المجلس المذكور ويتولى رئيس الجمهورية إقرارها وإصدارها، وتشمل هذه الاجراءات أنه من حق الرئيس أن يعترض على مشروع قانون اللائحة، وأن يعيدها الى مجلس النواب للنظر فى تعديل ما أعترض عليه فيها من أحكام، وذلك تطبيقاً للمادة -123- من الدستور التى نصت على أن لرئيس الجمهورية حق أصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده اليه خلال ثلاثين يوماً من ابلاغ المجلس، فإذا لم يرد مشروع القانون فى هذا الميعاد اعتبر قانوناً تم اصداره . مجلس الدولة والتشريع ويضيف الدكتور رضا النمر، أن المادة 190 من الدستور الحالى تنص على أن» مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخري. وطبقا لهذا النص الدستورى فهو يعطى الحق لمجلس الدولة بمراجعة القوانين، وفى هذا الصدد، فإن هناك 3 مسارات ينبغى توضيحها، أولا: مشروعات تقدم من الحكومة بقانون جديد أو تعديل لقانون، ويراجعها ويضبط صياغتها مجلس الدولة، وثانيا: قوانين يصدرها رئيس الجمهورية ويقوم بمراجعتها مجلس الدولة وتقديم الصياغة لها، وثالثا: قوانين يقدمها أعضاء البرلمان وتقوم بمراجعتها لجنة مختصة من النواب بالتشريع دون الرجوع إلى مجلس الدولة، ومن الناحية القانونية فإن مشروع اللائحة الداخلية ينطبق عليه المادة -190-من الدستور، والتى تتحدث عن وجوب عرض أى مشروعات قوانين على قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعتها، وحيث إن اللائحة ستصدر بقانون، ومن ثم فإنه فى الغالب سوف يرسل مجلس النواب اللائحة لمراجعتها بقسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة. مشيرا الى أن المادة -121- من الدستور قد ذكرت صراحه أن القوانين المكملة للدستور، هى القوانين المنظمة للإنتخابات الرئاسية والنيابية و المحلية والأحزاب السياسية والسلطة القضائية والقوانين المنظمة للحقوق والحريات الواردة فى الدستور، نجد أن المادة- 121- من الدستور قد أغفلت ذكر قانون لائحة المجلس الداخلية من بين القوانين المكملة للدستور، وهو نوعا من السهو صدر من لجنه الخمسين التى وضعت مشروع الدستور، فهذا يعد تقييد السلطة مجلس النواب فى إصدار اللائحة الداخلية للمجلس و بإعتبار أن اللائحة الداخلية للمجلس تصدر بقانون، فالمادة - 190- والتى قررت فى الفقرة الأخيرة اختصاص مجلس الدولة بمراجعة وصياغه مشروعات القوانين والقرارت ذات الصفة التشريعية، فهى تلزم مجلس النواب بضرورة عرض هذه اللائحة الداخلية على مجلس الدولة ويترتب على عدم عرض اللائحة على مجلس الدولة بطلانها والطعن عليها أمام المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها قانونا مكملا للدستور خلاف سلطة رئيس الجمهورية بمقتضى المادة -123- من الدستور يحق له الاعتراض على اللائحة باعتبارها قانونا.