الاتفاق التاريخي بين إيران والقوي العالمية الكبري قد يوفر فرصا لإسرائيل في المستقبل', هكذا تحدث رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي جادي ايزنكوت عقب بدء تنفيذ الاتفاق ورفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن طهران. هذا التصريح قد يعيد للأذهان مشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو وهو يرفع صورة القنبلة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في2102 وحملته الشرسة ضد المفاوضات مع طهران وتحديه للرئيس الأمريكي باراك أوباما في انتخابات البيت الأبيض ثم بخطابه المثير للجدل أمام الكونجرس للتحريض ضد إيران وموقف البيت الأبيض المتسامح مع إيران.. عشرات المشاهد كان فيها نيتانياهو البطل الذي صعد إلي خشبة المسرح حاملا سيفه مهددا الجميع بأنه لن يسمح بتمرير الاتفاق النووي مع إيران وأحيانا ينزل سيفه ليرفع' منديلا' ليمسح دموعه علي إسرائيل التي تواجه خطر النهاية والدمار علي يد' الأعداء' في طهران بقنابلهم النووية. ولكن مع إسدال الستار علي المسرحية بنهاية' أوبامية' وتنفيذ الاتفاق, عادت الدولة العبرية للواقعية السياسية وبدأت في حصد ثمار موقفها ضد الاتفاق, فها هي تل أبيب تعلن علي غير العادة أنها ترجح التزام إيران بالاتفاق النووي لتعدد للرأي العام الإسرائيلي المكاسب, فمن ناحية فتحت أمريكا مخازن أسلحتها للجيش العبري لسد الأفواه الصارخة بخطر القنابل النووية الإيرانية, والأهم تحول الدولة العبرية للمرة الأولي إلي حليف حقيقي لدول كبري في المنطقة كانت قبل سنوات تمثل قلب مجموعة' الأعداء' لإسرائيل. لقد حول الاتفاق النووي الدولة العبرية إلي أحد أعضاء محور جديد تشكل في السنوات الأخيرة لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة, هذا المحور الذي لو تحدث عنه أحد في المنطقة قبل01 سنوات فقط لاتهمه الكثيرون بالخبل! ها هي إسرائيل تعيد فتح كتاب شيمون بيريز الشهير' الشرق الأوسط الجديد' لقراءته بعد أن أصبحت بعض أسطره إلي واقع بفضل التقارب الأمريكي الإيراني, فقد منحت طهران والتحولات في المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية الدولة العبرية ما كانت تري هي ذاتها أنها أحلام ومجرد حديث للعلاقات العامة وتجميل الصورة في أوروبا والرأي العام الأمريكي. البعض قد يتحدث في الدولة العبرية عن مخاطر بسبب هذا الاتفاق من زيادة التمويل الإيراني لحزب الله اللبناني وبالتالي رفع احتمالات وفرص قيام الحزب بشن حروب الوكالة علي الجبهة الشمالية لإسرائيل, واستمرار عمل إيران خلف الكواليس للحصول علي الأسلحة النووية, ولكن يسقط هؤلاء عمدا الحديث عن تحول قبلة' حزب الله' من الجنوب إلي الشرق بخوض حرب شرسة بجوار نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد فصائل المعارضة السنية المسلحة, فلم تعد الدولة العبرية سوي ذكري في خطابات حسن نصر الله عن الدولة الصهيونية ومؤامراتها, أما السلاح والمقاتلون فهناك في الشام يدافعون عن قلعة الصمود. وبالنسبة لملف السلاح النووي, فالإسرائيليون قبل غيرهم يدركون أن الاتفاق سيعيد تشكيل المصالح الإيرانية في العالم ويجعل نفوذ الأمر الواقع وجماعات المصالح الساعية لكسب المزيد من النفوذ العالمي وتحقيق الأرباح بفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية سيغيرون تفكير الإيرانيين وأولوياتهم وربما يدفعهم بعد سنوات قليلة إلي نسيان خطاب' الشيطان الأكبر' والهتافات ضد' الصهيونية' لتتحول إلي مجرد لافتات تشير إلي تاريخ مر من هنا. في النهاية, فإن التاريخ اليوم يمر من هنا( الشرق الأوسط) وسينزوي البعض في كتب التاريخ وركن النسيان بينما سيبقي ليس فقط الأقوي بل القادر علي إعادة رسم مصالحه لتتوافق مع العواصف الكثيرة التي هبت عليها. .. فهل سيتكرر الندم العربي التقليدي بعدم القراءة الجيدة والحديث الحزين عن استغلال إسرائيل للظروف؟