يعرض في القاهرة حاليا الفيلم الفلسطيني المر والرمان للمخرجة نجوي النجار, وهو ثاني فيلم لمخرج فلسطيني يعرض في مصر بشكل تجاري بعد فيلم هاني أبو أسعد الجنة الآن. وبصرف النظر عن تحقيق الفيلم لنجاح تجاري أو استمرار عرضه لأكثر من أسبوع إلا أن توقيت عرض فيلم فلسطيني الآن يعد أمرا مدهشا, وجاء في وقته تماما, لأن الأفلام الفلسطينية كانت بحق هي الممثل القوي والحقيقي للسينما العربية كلها خلال عام2009, حيث شاركت في أهم المهرجانات العالمية, وحصدت جوائز المهرجانات العربية عن جدارة. في عالم السينما العربية والعالمية أصبحت أسماء مثل ميشيل خليفي وايليا سليمان ورشيد مشهراوي وهاني أبو أسعد تمثل حالة سينمائية فلسطينية تلقي احتراما شديدا في أي مهرجان أو محفل سينمائي, وهناك دائما من ينتظر ماذا سيأتون به من جديد.. وخلال العام الماضي حصد الزنديق لميشيل خليفي الجائزة الكبري في دبي, بينما حصد الزمن المتبقي لايليا سليمان الجائزة الكبري في أبوظبي, اما جائزة مهرجان القاهرة فكانت لفيلم أمريكا للفلسطينية شيرين دعيبسي, وذهبت جائزة مهرجان الدوحة تريبيكا لفيلم المر والرمان. كان جديد الأفلام الفلسطينية في العامين الأخيرين هو دخول المرأة المخرجة إلي عالم الأفلام الطويلة من خلال ثلاث مخرجات هن: آن ماري جاسر ملح هذا البحر, وشيرين دعيبسي أمريكا, ثم نجوي النجار المر والرمان.. ولعل عبقرية الأفلام الفلسطينية بشكل عام أنها لاتقدم الصورة التقليدية للموت والدمار التي نشاهدها يوميا علي شاشة التليفزيون, إنما تنقلنا للحياة معهم داخل وخارج فلسطين, في حياتهم اليومية وأزمة الثبات علي الأرض وتأكيد الهوية, إنها أفلام تقدم الانسان الفلسطيني. تدور أحداث المر والرمان في رام الله حيث زواج قمر وزيد وكل مايرتبط بالعرس من طقوس وعادات وتقاليد وأغان فلكلورية, وكل ذلك نجده محاطا بالمعوقات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي سواء في التنقلات أو التأثير السلبي علي خروج مثل هذه المناسبات بشكل مبهج بدون منغصات.. وقبل أن تمر أيام شهر العسل, تأتي قوات الاحتلال الإسرائيلي للاستيلاء علي أرض أسرة زيد التي تزرع بشجر الزيتون, ويتصدي لهم فيتم اعتقاله.. وترتبك حياة قمر بعد أن سرقت منها أيام الفرح والزواج, وتعود لممارسة عملها كراقصة في احدي الفرق, وتقاوم إغواء مدرب الرقص, وفي نفس الوقت تحاول استرداد حبيبها وزوجها المعتقل, وتكلف محامية إسرائيلية للدفاع عنه, وهنا تبدأ المساومات, فقوات الاحتلال تريد شراء الأرض.. وفي النهاية يخرج زيد من المعتقل, ولكن المشكلة تظل باقية, ويظل صراع الحياة والبقاء عند كل فلسطيني مستمرا من أجل أرضه وهويته. لقد أصبحت السينما عنوانا مهما ومؤثرا وقويا في طرح القضية الفلسطينية, وفي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي, وفي فضح الصهيونية التي اغتصبت بعض الأرض, وتريد ان تغتصب الحياة نفسها من كل فلسطيني, وأن تقلع كل أشجار الزيتون.