ذكر المبعوث الخاص الصينى إلى الشرق الأوسط قونج شياو شنج أن مصر والصين دولتان صاحبتا حضارتين عريقتين وتربطهما صداقة تاريخية راسخة وتحرصان على تعزيز صداقتهما التقليدية وسط الأوضاع الإقليمية والعالمية الجديدة لتوطيد الشراكة الإستراتيجية الشاملة بينهما. وفى بداية عام 2016 الذى يوافق الذكرى ال60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين وبعد عام واحد من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الصين التى تم خلالها الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى شراكة إستراتيجية شاملة، تحمل زيارة الدولة التى سيقوم بها الرئيس الصينى شي جين بينج إلى مصر أهمية كبيرة، وتعد أول زيارة له إلى القاهرة منذ توليه منصبه. وقال المبعوث الصينى فى مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء (شينخوا) إن مصر دولة عربية كبرى ذات تأثير وثقل كبيرين فى المنطقة وهى أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين وستظل دوما تضطلع بدور قيادى فى شؤون العالم العربي، لافتا إلى أنه لذلك، فإن زيارة شى ستعطى دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين وعلاقات الصين مع الدول العربية وستوسع فضاء التعاون الثنائى بشأن الشؤون الإقليمية والعالمية وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الساخنة. ولدى حديثه عن موجات الاضطرابات التى اجتاحت الدول العربية فى السنوات الأخيرة، أكد قونج أن الصين تدعم دائما الدول العربية فى إيجاد طريق التنمية الملائم لخصائصها وتتمسك بعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتحترم خيار شعوبها، وهو ما يعد من أهم مبادئ السياسة الدبلوماسية الصينية ويتوافق مع مصالح الشعب المصري، موضحا أن المزيد والمزيد من الحقائق الموضوعية التى حدثت فى بعض الدول العربية أثبت صدق وصحة هذا المبدأ المتمثل فى أن أى دولة تمر بمحن وصعوبات يمكن أن تجتاز هذه الفترة العصيبة بسرعة أكبر حال كانت التدخلات الخارجية أقل. وشدد المبعوث الصينى أيضا قائلا: "ندعم اختيار الشعب المصرى لطريق التنمية المناسب للظروف الخاصة لبلاده. وتحدونا الثقة بأن شعب مصر، التى تذخر بحضارة عريقة وتاريخ طويل يرجع إلى آلاف السنين، يملك من الحكمة ما يمكنه من تجاوز العقبات والنجاح فى اختيار الطريق المناسب لتنمية بلاده والنهوض بها". وقال إنه مع ارتفاع مكانة الصين الدولية وصعودها إلى مرتبة ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، ثمة آفاق رحبة أمام تعاون البلدين فى مجالات البنية التحتية والطيران والاتصالات .. إلخ، مضيفا أنه "منذ ثمانينات القرن الماضى عندما كنت أعمل فى السفارة الصينية لدى مصر وحتى الآن، قفز حجم التبادل التجارى بين البلدين ليبلغ 11.16 مليار دولار أمريكى فى عام 2014". وأشار إلى أنه لاحظ خلال السنوات الأخيرة أنه رغم مواجهة دول منطقة الشرق الأوسط بما فيها مصر لصعوبات وتحديات فى تنمية اقتصاداتها، إلا أن لديها رغبة متزايدة فى تحقيق تعاون تجارى واقتصادى مع الصين يقوم على الكسب المتكافئ، و"هنا لابد لنا من دعم وتشجيع هذا التيار الجديد". وبالنسبة إلى طموح الدول العربية إلى النهوض الاقتصادي، ألمح قونج إلى وجود تكامل بين اقتصاد الصين واقتصادات الدول العربية، إذ ترغب الدول العربية فى تحقيق التنمية فى مجالات البنى التحتية والسكك الحديدية فائقة السرعة والاتصالات والتكنولوجيا الفائقة وتحتاج من أجل ذلك توافر استثمارات ومساعدات دولية، وهذا يفتح بدوره أسواقا جديدة ويتيح فرصا تجارية أمام الشركات والمؤسسات الصينية لتجسيد التعاون بين الجانبين ولاسيما بعدما طرح الرئيس شى مبادرة "الحزام والطريق" التى قوبلت بردود فعل إيجابية من الدول العربية ومن بينها مصر، وقال قونج "سنبذل جهودا هائلة لتنفيذ وتطبيق المبادرة بشكل عملى والبحث عن مدخل عملى للتعاون". وحول تغير الأوضاع فى المنطقة وتزايدها تعقيدا، أعرب المبعوث عن ثقته بأن مصر لعبت وستظل تلعب دورا قياديا فى الشرق الأوسط وكان وسيظل لها تأثيرات سياسية واقتصادية وعسكرية على المنطقة. وقال إن الصين ومصر تدعمان سياسة كل منهما الأخرى بشأن المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية الساخنة، فمصر والصين لديهما موقف متقارب يتمثل فى أن الشؤون الداخلية للدول العربية لا يمكن أن تحل إلا من قبل الشعوب العربية أنفسها. وأوضح أنه قال فى الكلمة، التى ألقاها نيابة عن الصين فى المؤتمر الدولى حول ليبيا الذى عقد فى روما فى منتصف ديسمبر الماضي، إن الصين تتمسك بإيجاد حلول شاملة لقضايا المنطقة، منوها إلى أنه لابد من اهتمام المجتمع الدولى بكافة القضايا الساخنة مثل القضية الفلسطينية، وقضايا سوريا واليمن وليبيا والسعى إلى تسويتها، فضلا عن ذلك لابد من أخذ أمرين معا فى الاعتبار عند تسوية جميع القضايا: أولهما دفع إجراء مفاوضات ومشاورات بين الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاقات، وثانيهما المساعدة فى تحقيق التقدم الاقتصادى والاجتماعى ومنح مساعدات إنسانية للاجئين. وتابع قائلا إن كلمته لاقت موافقة من وزير الخارجية المصرى سامح شكرى الذى كان قال له فى المؤتمر إن هذا الاقتراح حول الحلول الشاملة جيد جدا. وأكد قونج أن الصين تستعد لاضطلاع بدور أكبر وأكثر نشاطا فى قضايا منطقة الشرق الأوسط، ما يلقى ترحيبا من المجتمع الدولي، لافتا إلى أن الصين ستلعب دورا إيجابيا وعادلا فى دفع تسوية قضايا المنطقة عبر الحلول السياسية ودفع تحقيق السلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية فى المنطقة، ما سيصب فى صميم المصلحة المشتركة لدول المنطقة والصين. ووصف قونج الدور الصينى بأنه يهدف إلى إطفاء لهيب النار ودعم إجراء المشاورات والحوار لإيجاد حلول سلمية، وهو دور مرحب به من الأطراف المعنية. وأعرب عن اعتقاده الشخصى بأن مبادرة "الحزام والطريق" قد تكون أهم اقتراح لتسوية قضايا المنطقة بطريقة سلمية، مؤكدا على رغبة الصين فى أن تلعب دورا إيجابيا وضرورة أن تضطلع الأممالمتحدة بدورها القيادى فى هذا الصدد. وفى الختام، ذكر قونج أن تسوية القضايا يجب أن يكون شاملا، أى إنه بالإضافة إلى السعى لتحقيق وقف إطلاق النار، ثمة حاجة إلى توفير مساعدات إنسانية وتقديم يد العون فى إعادة الإعمار لتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعى وتحسين مستويات المعيشة.