صحيفة الأهرام هي أقدم واعرق صحيفة عربية تأسست في27 ديسمبر سنة1875 م. ونحن إذ نحتفل بمرور140 سنة علي إنشائها, لا يمكن أن ننسي تلك النخبة من الأدباء والمفكرين الذين قدمتهم الأهرام لقرائها عبر مقالات دورية في شتي مجالات الحياة, خاصة في الأدب, والسياسة, والاقتصاد, والفن, والرياضة. وقد تطورت الأهرام منذ وقت مبكر, فلم تعد مجرد صحيفة, بل أصبحت مؤسسة صحفية وثقافية كبري لا تضاهيها أي مؤسسة أخري في عالمنا العربي, فهي تحوي بداخلها العديد من المجلات المتخصصة ومراكز الدراسات والترجمة. ونعتقد أن قيمة الأهرام الحقيقية ترجع لتاريخها وتقاليدها المهنية التي توارثتها الأجيال الصحفية من القائمين عليها, والعاملين بها, فقد نشأت مع ميلاد الأهرام مجموعة من التقاليد الأصيلة التي سارت عليها, ولم تتخطها طوال تاريخها الطويل, ومع تقلبات العصور, وهو ما منحها الاعتراف بقدرها وثقة القراء والمثقفين في آرائها, فهي جريدة محافظة ذات أصالة في الشكل والموضوع عبر عمرها المديد, ولعل هذا ما جعلها مفتوحة أمام جميع الكتاب والآراء, يلتقون علي صفحاتها, ولا يختلفون في احترامها وإجلالها, فكانت لسان جميع الأحزاب والسياسيين, أو هي لسان مصر بجميع تياراتها. ولقد وصف الدكتور طه حسين الأهرام بأنها ديوان الحياة المعاصرة; فالأهرام ليست صحيفة امتد بها العمر, ولكن مرور الزمن يزيدها أصالة, ومن ثم فهي صحيفة تحمل علي ظهرها تاريخا سياسيا, واجتماعيا, واقتصاديا, وثقافيا, محليا ودوليا; فشمولها للأحداث جعلها ديوانا للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته. وفي المجال العلمي والسياسي, نستفيد نحن كباحثين مما يقدمه الأهرام اليومي عبر صفحاتها من آراء وتحليلات للأحداث, بل إنه توجد مجلات متخصصة تصدر عن مؤسسة الأهرام مثل مجلة الساسة الدولية, ومجلة الديمقراطية, تقوم بنشر مقالات وأبحاث علمية, وعرض ملخصات لبعض الكتب المهمة تمثل جميعها مصدرا من المصادر التي قد يستعين بها أي باحث في كتاباته, ومثل ما يصدره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من دوريات محكمة ينهل منها أي باحث في العلوم السياسية والقانون الدولي وغيرهما من المجالات ذات الصلة بتلك الدوريات. والحقيقة أنه علي مدي السنوات, شكلت الأهرام وجدان المواطن المصري, واستقي منها معرفته وثقافته في شتي المجالات اقتناعا بمصداقيتها, ومهنيتها, وحيادها. وأخيرا, لا يسعنا إلا أن نعترف لمؤسسة الأهرام بأنها أسهمت ولاتزال- بالدور الأكبر في البنيان الثقافي للمجتمع المصري.