يظل الفن سفيرا يعبر المكان ويستطيع أيضا اختراق الزمان, خلال العصور السابقة شاهدنا ازدهاره من خلال الرسوم والمنحوتات والكتابات الزخرفية. واصة حين يمتزج مع أهم المعتقدات والأركان الدينية ليأتي أكثر روحانية و يحمل تأثيرا ضاربا بجذوره منذ آلاف السنين, وعن شعيرة الحج المقدسة و في قلب العاصمة البريطانية لندن وتحديدا بالمتحف البريطاني كانت هناك احتفالية كبري علي مدار أربعة أشهر بدأت مع أواخر العام الماضي وحتي نهاية الشهر الماضي, وقد قال د.خالد حافظ وهو الفنان العربي والمصري الوحيد الذي اختير لإلقاء محاضرة خاصة عن الحج داخل المتحف البريطاني: أن تلك الإحتفالية التي جاءت تحت عنوان الحج.. رحلة في قلب الإسلام لتشمل كل الجوانب وبسرد تفصيلي بأدوات الفنون التشكيلية التي أقترنت بأداء مناسك الحج, وعن إختلافها وتطورها كانت المحاضرة التي ألقاها د. حافظ بالمتحف البريطاني في عرض مقارنة فنية بين جداريات الحوائط الملونة علي بيوت الأقصر وجدران المعابد بفنون المصري القديم بإعتبارها أهم مورثات ودلالات الحج في مجتمعاتنا, بالإضافة للمشاركة بأعمال تشكيلية من الرسوم المعاصرة بصعيد مصر تتناول عناصر الحج التي أشتهرت كجزء متوارث بالقري والمناطق الشعبية تعبيرا عن فرحة أداء تلك المناسك ليعرض فيها كل ما يطوف حول الحدث, والمعرض ينقسم إلي ثلاثة أجزاء, الأول يدور حول الإعداد لرحلة الحج والطرق الرئيسية التي سلكها الحجاج للوصول إلي مكة برسوم ومجسمات توضيحية, أما الجزء الثاني فيدور حول مكة ومكانتها الإسلامية والكعبة, أما الثالث فيدور حول الشعائر, فقد ضمت المعروضات التي تجمعت من نحو أربعين مكانا حول العالم, ولعل أهمها ما استعارته لندن من المملكة العربية السعودية حيث وصلت لأكثر من51 عملا أثريا تم تصميمه وتشكيله قديما أثناء الاستعدادات لمواسم الحج السنوية والتي تمثل جانبا مهما من المعرض, لنجد هناك ستائر للكعبة منسوجة بخيوط الفضة والذهب ومن كسوة الكعبة التي صنعت في القاهرة وفي مكة بعد ذلك وإبداعات من السجاجيد المخصصة للصلاة, وهناك أقدم المصاحف المكتوبة بخط اليد, وتعود إلي بدايات القرن الثامن الميلادي, كما تعرض عددا من فنون الفخاريات والخزف والأواني النحاسية التي كانت تستخدم للوضوء والعملات المعدنية, وضم أول الصور الفوتوغرافية للحج, ويستعين المعرض بعدد من الأفلام القديمة الوثائقية التي تمثل رحلة المحمل وتصور الحجاج من الصين وجنوب شرقي آسيا والهند, وهناك خريطة قديمة للعالم بأكمله تتوسطها مكةالمكرمة, الخريطة تترجم لنا مفهوم أن مكة هي مركز العالم. وقد وصل عدد الزائرين لمعرض الحج إلي ما يزيد علي ستة ملايين زائر من مختلف جنسيات العالم, ليسجله المتحف البريطاني كحدث غير مسبوق في كل الأنشطة و المعارض المقامة سابقا.