ما أعلنه أخيرا المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ب"أن 600 مليار جنيه تكلفة الفساد فى 2015"، لافتا إلى ارتفاع حجم التهرب الضريبى، والفساد فى المناقصات والصناديق الخاصة يعني أن جهود الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد غير كافية. كان المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، قال إنه من الصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، مضيفا: "ولكننا من خلال التقارير الرقابية التى يشرف عليها أعضاء الجهاز يمكننا أن نقول بأن تلك التكلفة تجاوزت خلال عام 2015 ال600 مليار جنيه والفساد آفة مجتمعية عرفتها المجتمعات الانسانية منذ فجر التاريخ ، وهو مرض عضال تحمله كل الدول والمجتمعات سواء اكانت غنية ام فقيرة ، متعلمة ام جاهلة ، دكتاتورية ام ديمقراطية ، قوية ام ضعيفة ، وهو مما يرتبط ظهوره واستمراره برغبة الانسان في الحصول على مكاسب مادية او معنوية يعتقد في قرارة نفسه انه ليس له حق فيها ومع ذلك يسعى اليها ، لذا فهو يلجأ الى وسائل سرية للوصول اليها منها اقصاء من له الحق فيها ، او الحصول عليها عن طريق الرشوة او المحسوبية اوالواسطة اواختلاس المال العام وغيرها . ويعد الفساد اليوم ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ، ذات جذور عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتدخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينهما ، وسيكون الفساد هو التحدي الأهم والوريث المتوقع للإرهاب والذي ستجد الحكومات والمجتمعات نفسها في مواجهته ، وفي حرب معه ، ستكون على الأغلب أكثر شراسة وتكلفة من مكافحة الإرهاب ولا يقتصر ظهور الفساد على القطاع العام بل هو قد يكون أكثر ظهورا في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني. والفساد في القطاع العام لا يظهر في مفاصل السلطة التنفيذية فقط ، بل يمكن إن يظهر في ميدان عمل السلطة التشريعية من خلال تجميد المشاريع لإغراض المساومة مثلا ، أو في توزيع المناصب الحكومية على أسس حزبية أو طائفية ، أو على مقياس الولاء بغض النظر عن الجدارة أو الكفاءة أو الاختصاص . كما قد يظهر بشكل صارخ في المؤسسات المستقلة بضمنها المؤسسات الرقابية او المتخصصة في مكافحة الفساد. وليست هناك علاقة مباشرة بين نظام الحكم والفساد ، فالفساد موجود في دول انظمتها ديكتاتورية كما هو موجود في دول انظمتها ديمقراطية ، الا ان الانظمة غير الديمقراطية تعد حاضنة صالحة للفساد اكثر من الأنظمة الديمقراطية من الناحية النظرية ، لان الاخيرة ( أي الانظمة الديمقراطية ) تكون في ظلها السلطات متوازية ومستقلة ، وتوفر انتخابات حرة ونزيهة وتداول سلمي للسلطة وحرية تعبير وصحافة حرة وقضاء مستقل محايد عادل وكفؤ لذا تكون ممارسة الفساد عملية صعبة او خطرة ذات نتائج غير مضمونة . وقد صنف الفساد الى فساد سياسي وفساد بيروقراطي أو إداري ، وعرف الفساد السياسي بأنه :- ( إساءة استخدام السلطة العامة ( الحكومية ) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية ، لتحقيق مكاسب شخصية ، واهم اشكاله المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الاقارب . لمزيد من مقالات ياسر عبيدو