من آسيا، وتحديدا من العراقوسوريا، بدأ تنظيم داعش الإرهابي في الظهور، ثم توغل وانتشر بأذرع أخطبوتية في عدة مناطق في عمق القارة الصفراء، وتمثلت تلك الأذرع الداعشية في الجماعات المتطرفة التي تعمل في آسيا منذ سنوات والتي أعلنت ولاءها للتنظيم خلال العامين الماضيين، فضلا عن آلاف الأفراد الذين نجحت داعش في تجنيدهم من مختلف الدول الآسيوية لكي ينضموا إلى صفوفها في سورياوالعراق أو لتنفيذ هجمات فردية، أو ما يسمى بهجمات "الذئب المنفرد" في بلادهم. ففي الصين، أعلنت السلطات أن نحو 300 شخص من أقلية الايجور المسلمة في إقليم شينجيانج غرب الصين يقاتلون في صفوف داعش في سورياوالعراق، وأن بعضهم عاد إلى البلاد لتنفيذ هجمات إرهابية بها، وفي العام الماضي تم اعتقال نحو 200 شخص من الأويغور في تايلاند كانوا في طريقهم إلى سوريا. وفي تايلاند، حذرت المخابرات الروسية السلطات التايلاندية أواخر نوفمبر الماضي من أن عشرة من عناصر داعش المقاتلين في سوريا، دخلوا إلى تايلاند للقيام بعمليات إرهابية تستهدف السياح الروس. وفي جنوب شرق آسيا، يحذر نيج إنج هين وزير دفاع سنغافورة من أن تنظيم داعش تمكن خلال الثلاث سنوات الماضية من جذب عناصر من إندونيسيا وماليزياوسنغافورة تفوق في أعدادها ما جذبه تنظيم القاعدة في عشر سنوات من بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. ويضيف أن نحو 150 مقاتلا من ماليزيا انضموا إلى داعش في سورياوالعراق، في حين انضم 500 من إندونيسيا وعشرات من سنغافورة، وقد أعلنت العديد من الجماعات المتطرفة في تلك المنطقة ولاءها لداعش مثل جماعتي "أبوسياف" و"مقاتلي بنجسامورو الإسلامية" في الفلبين، و"الجماعة الإسلامية" في إندونيسيا المسئولة عن تفجيرات بالي عام 2002 التي راح ضحيتها 202 شخص. وفي أفغانستان التي مزقتها الحرب لسنوات طويلة، يؤكد تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" على تنامي نفوذ داعش داخل أفغانستان خلال 2015، ليصبح منافسا شرسا لحركة طالبان التي تتخذ من أفغانستان وباكستان مقرا لها. ويقدر التقرير وجود ما بين ألف وثلاثة آلاف عضو من داعش في أفغانستان، ويشير إلى أن داعش استطاعت انتزاع بعض الأراضي من طالبان في شرق البلاد، وتمكنت من زيادة نفوذها عبر تجنيد مقاتلي طالبان السابقين والمنشقين وكذلك الذين تحالفوا مع الحركة سابقا. وبالنسبة لجمهوريات آسيا الوسطى، فالوضع شديد الخطورة أيضا، حيث كونت داعش تنظيما جديدا تابعا لها في إقليم القوقاز في يونيو من العام الجاري. ويعرف عن داعش تقديرها لشراسة المقاتلين الشيشان الذين يحتلون مراكز مهمة في قياداتها وفي جبهات القتال في سورياالعراق، وتتواجد تلك الجماعة حول المناطق المحيطة بجورجيا وطاجيكستان والشيشان وفي عدد قليل من الأقاليم في جنوبروسيا. ومن آسيا إلى أستراليا التي أعلنت حربها ضد داعش منذ حادثة احتجاز رهائن في إحدى المقاهي بوسط سيدني على يد متطرف أسترالي إيراني الأصل في ديسمبر 2014، ومنذ ذلك الحين والسلطات الأسترالية ترفع مستوى التحذير من الإرهاب ولا تتوقف عن المداهمات الأمنية التي أسفرت بالفعل عن القبض على عشرات المتطرفين وشبكات لتنفيذ هجمات إرهابية في البلاد. والحقيقة أنه على الرغم من أن إعلان الجماعات الإرهابية في آسيا مبايعتها لداعش، فإن توقعات حدوث تحالف حقيقي بينهم تظل ضعيفة وذلك لعدة أسباب منها البعد الجغرافي واختلاف الثقافات والأهداف. ولا تفرق داعش في إرهابها بين المسلمين وغير المسلمين، ولا تعرف أيضا الفوارق بين الجماعات الآسيوية مختلفة العرقيات والتوجهات والأهداف، وهو ما ينذر لتحول الأمر إلى برك من الدماء، وخير دليل على ذلك القتال الوحشي بين داعش وجبهة النصرة في سوريا والمعارك الدائرة بين حركة طالبان ومقاتلي داعش في أفغانستان.