رصدت أجهزة المخابرات الغربية ارتفاع حركة انتقال قادة تنظيم داعش من سوريا والعراق إلى ليبيا، حيث أصبحت مدينة سرت ليست فقط إمارة داعشية، ولكن أيضا العاصمة الجديدة للتنظيم، ورأت قيادة داعش المركزية فى ليبيا فرصة هائلة لترسخ «الخلافة» خارج نطاق سوريا والعراق لتكون سرت العاصمة بدلا من الرقة. وأصبح هذا المخطط لا يهدد أمن دول الجوار والشمال الإفريقى فقط، بل وعدد من دول العالم كله وبخاصة أوروبا التى تقترب منها ولا يفصلها عنها سوى 004 ميل، وقد بدأ التنظيم فرض قوانينه فى سرت، من ارتداء النساء النقاب وتنفيذ عمليات الإعدام العلنية وإقامة شرطة إسلامية تقوم بدوريات رافعة أعلام داعش ومحاكم شرعية وبناء السجون مع حظر الموسيقى والتدخين والفصل بين الذكور والإناث، كما تم إنشاء مكتب للضرائب وتعيين «وال» سعودى الجنسية لمراقبة تطبيق القواعد المتطرفة بدعوى أنها الشريعة، أما المستشفيات، فقد تم إخلاؤها بسبب الفصل بين الرجال والنساء، ويسود القلق الدول الغربية بشأن تمركز داعش فى ليبيا بالذات، إذ يستطيع التنظيم إطلاق عملياته فى شمال إفريقيا، وها هى تونس تغلق حدودها وتقوم ببناء جدار آمن على طول ثلث حدودها لمنع تدفق المسلحين، خاصة أن داعش ليبيا يجند مئات التونسيين فى صفوفه، وترصد المخابرات قيام عناصر من داعش بالتدريب على قيادة الطائرات باستخدام أجهزة محاكاة الطيران، كما يبدو أنهم حصلوا على طائرة مقاتلة. وقد ساعدت ظروف ليبيا الداخلية فى هذا الزحف الداعشى داخل أراضيها وتمركزه فى سرت، حيث تعددت القوات والميليشيات المتصارعة، فنجد هناك جماعات «فجر ليبيا» و«درع ليبيا» و«أنصار الشريعة» و«مجلس شورى ثوار بنغازى» و«مجلس شورى المجاهدين»، إلى جانب من يقاتلون فى جانب السلطات المعترف بها دوليا، والتى تضم كتائب القوات المسلحة تدعمها فصائل القعقاع والصواعق، وهذا كله فى ظل فراغ سياسي، فالبلد يتنازعه حكومتان إحداهما معترف بها فى طبرق، والأخرى منبثقة عن البرلمان المنحل فى العاصمة طرابلس . ولعل أخطر ما أثاره الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اليونان هو تحذيره العالم من مغبة ترك الأوضاع فى ليبيا لمزيد من التدهور، حين قال: «لقد حذرت منذ عامين من عواقب الأوضاع فى سوريا والعراق، ولم يتحرك المجتمع الدولى، والآن هناك خطر قادم من ليبيا، ونحن فى مصر نبذل جهدا كبيرا لتأمين الحدود البرية التى تمتد إلى 0021 كيلو متر». د. عادل وديع فلسطين عضو اتحاد الكتاب