كشف تقرير الأممالمتحدة الأخير عن أن مصر تحتل المركز الأول فى عدد حوادث الطرق وارتفاع القتلى فضلا عن إهدار الثروة البشرية المصرية، وما يترتب عليها من خسائر اقتصادية لاتحصى ، فهى تحصد أرواح نحو 8 ملايين شخص، فضلا عن إصابة واعاقة 38 ألفا سنويا ، منهم 30% أطفالا ، بالإضافة إلى خسائر تقدر بنحو 18 مليار جنيه سنويا، وتمثل 4 % من الدخل القومى ، منها 8 مليارات خسائر شركات التأمين ، خاصة من حوادث سيارات النقل الثقيل والتى تنقلت نحو مليار و 300 ألف طن مواد البناء بأنواعها و96% من البضائع ، فى حين لا يتعدى نصيب السكة الحديد والنقل النهرى 4% ، والتى تشكل عبئا ثقيلا على الطرق وتدمرها فتسبب المزيد من الحوادث. يكشف الدكتور مجدى بدران أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس عن أن نحو 30 % من ضحايا الحوادث من الأطفال تحت سن 15 عاما ، بينما تكشف الدراسات الدولية عن أن مصرت أصبحت الأولى عالميا فى حوادث الطرق والمرور، حيث حصدت أرواح نحو 80 ألف قتيل و 380 ألف مصاب أو معاق خلال السنوات العشر الأخيرة، إضافة لخسائر اقتصادية تبلغ 18 مليار جنيه، فهناك نسبة من السائقين لا يحترمون قواعد المرور والمزلقانات والتقاطعات ، وقدر عدد قتلى حوادث المرور بمصر من 15 إلى 23 ضعفا عن أوروبا ، كما أن قتلى حوادث المرور على الطرق يمثلون 99% من قتلى حوادث النقل بأنواعه (بحرى - برى - جوي) ، وفى حوادث المرور بلغت الإصابات نحو 38 ألفا سنويا فى 46 ألف حادث فى العام، ووفق إحصاءات وزارة الصحة فإن 57% من الضحايا من سن 17 إلى 45 عاما (العمر المنتج) ، و30% أطفال اقل من 15 سنة و13% اكبر من 45 سنة، أما عن الأسباب، فإن خطأ العنصر البشرى يأتى بنسبة 73% تليها السيارات بنسبة 22% والعوامل الجوية بنسبة 3.75% وحالة الطريق بنسبة 1.25% وعن مقارنة الوضع فى مصر مع بعض المؤشرات العالمية نكتشف أن عدد قتلى حوادث المرور فى مصر حوالى 130 قتيلا لكل 100 ألف مركبة مسجلة، فى حين تبلغ 7 إلى 25 حالة فى الدول الصناعية أى أن المعدل فى مصر أكبر بنحو 5 إلى 19 ضعفا عن الدول الصناعية، ويبلغ كذلك 10 لكل 100 ألف نسمة فى مصر مقابل 3 إلى 6 فقط فى الدول الصناعية، وهناك 19 قتيلا لكل 100 مصاب فى مصر مقابل 1 إلى 2 فى الدول الصناعية. هذه الأرقام تكشف عن أن مستوى السلامة على الطرق المصرية يصل إلى مستوى حرج بالنسبة للمعدلات العالمية، وأن هذا القصور مسئولية مشتركة بين النقل ، والأمن ، والصحة ، والتعليم ، والمحليات والإعلام.
السلوكيات السيئة وقال بدران إن المسئولية فى حوادث الطرق تتوزع بين السلوكيات السيئة والتى تسبب (90%) من الحوادث ، ومنها تعاطى المخدرات أثناء القيادة خاصة سائقى النقل والأجرة ، وضعف الرقابة على الطرق لأنها غالبا ما تأخذ شكل الرادار الثابت الذى حفظ موقعه السائقون ، وينبهون بعضهم بجانب ضعف كفاءة الإسعاف على الطرق وتباعد المسافات بينها ، وتداخل اختصاصات إدارة شبكة الطرق بين 3 وزارات هى النقل، وتمتلكها الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى ويتبعها 23 ألف كيلو متر بنسبة 50% من إجمالى شبكة الطرق، ووزارة الإسكان وتمثلها أجهزة التعمير والمجتمعات العمرانية ووزارة التنمية المحلية والمحافظات والمحليات ويتبعها 50% من الشبكة بينما تقع 90% من الحوادث على الطرق التابعة للإدارة المحلية و70% من القتلى و75% من المصابين ، إذ يبلغ حجم أسطول المركبات فى مصر حاليا نحو 3.6 مليون مركبة بخلاف الموتوسيكلات، بينما يشكل أسطول الشاحنات 810 آلاف شاحنة بنسبة 22.5 % منها 80 ألف مقطورة بنسبة 2 % ، وفق البيانات الرسمية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وسجلات الإدارة العامة للمرور، فالمعدل إذن هو 7 حوادث لكل ألف مركبة ، وينتج عنها نحو 8 آلاف قتيل و 38 ألف مصاب ومعاق ، وبمعدل يزيد على 200 قتيل لكل 100 ألف مركبة ، وهو المعدل الأعلى عالميا . وأضاف بدران أن دراسة لمركز المعلومات بمجلس الوزراء أكدت أن نحو 40% من إجمالى أعداد الحوادث على الطرق السريعة تتسبب فيها الشاحنات. وان نسبة القتلى فى تلك الحوادث تصل إلى 50% من إجمالى أعداد القتلي، أى تتسبب حاليا فى نحو 4 آلاف قتيل فى السنة ، وتتسبب المقطورات فى نحو 14% منهما ولأن الشاحنة تعمل على الطرق السريعة على مدار الساعة ، وبمتوسط 14 ساعة يوميا فى مقابل 7 ساعات متوسط العمل لباقى أنواع المركبات ، فإن ذلك يجعل نسبة وجود الشاحنات فعليا أعلى على الطرق ، حيث تعادل 37 % ، وبالتالى فى المقابل تتزايد نسبة احتمال اشتراكها فى الحوادث . بينما معدلات الزيادة فى أعداد السيارات الخاصة والصغيرة بلغت 8.5 % والنقل 4 % والمقطورات 5.8 % خلال الفترة الأخيرة . وأنه على أساس تلك المعدلات وبزيادة معدلات التنمية فى مصر، فإن أعداد المركبات سوف تتضاعف فى فترة محدودة ، وبالتالى تتضاعف الحوادث والقتلى ، وتنتج من إرهاق وضعف تركيز السائقين فى القيادة لفترات ممتدة أطول من قدراتهم الطبيعية ، واضطرارهم لإشراك التباع بدون خبرة فى القيادة ، وكذلك تعاطى المنبهات ، وأن نحو ثلث السائقين يقودون الشاحنات تحت تأثير المنبهات ، كما يعود ذلك إلى ضعف المستوى الاجتماعى والمادى والثقافى والصحى للسائقين ، وقلة التدريب السليم لهم، فضلا عن ارتفاع نسبة الطرق المفردة لنحو 90% من شبكة الطرق المصرية، وتزيد عليها معدلات الحوادث، والذى أظهر تقرير مركز المعلومات أنها تتسبب فى 13% من أعداد الحوادث، وكذلك العيوب فى تخطيط وتصميم الطرق والتقاطعات ، وضعف التحكم فى الدخول والخروج على الطرق الرئيسية، وعدم وجود مسافات الرؤية الآمنة على الطريق فى أجزاء منه ، ووجود عوائق على جوانب الطرق على مسافات غير آمنة، وعدم الإنارة، وكلها تتسبب فى 10% من الحوادث. إضافة إلى سقوط المركبات فى الترع بأنواعها لوجود نسبة كبيرة من شبكة الطرق على جسورها، وتسجل أسباب الوفاة نتيجة الغرق ، كما أن الشبورة والظروف الجوية تتسبب فى نحو 4 % من الحوادث ، لعدم إدارة الحركة على الطرق .
أخطار التلوث. وأكد الدكتور عادل عامر رئيس جمعية الدراسات الاقتصادية ، وجود علاقة وثيقة للتلوث البيئى بحوادث الطرق والمرور، حيث تنتشر عوادم السيارات والضوضاء، والتى تسبب رد فعل عشوائى لدى السائقين وتسبب حادث الطرق، نتيجة الانفعالات العصبية والصداع وعدم التركيز، وبطء ردود الأفعال، وعدم وضوح الرؤية، وأن التعرض لأدخنة وعوادم السيارات يؤثر سلبا على الأوعية الدموية لجسم الإنسان، وينتج عنها تصلب الشرايين كما أن الأشخاص الذين يواجهون التكدس الذى ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية ثلاثة أضعاف غيرهم ، فالتكدس المرورى يزيد احتمالات الإصابة بالمرض بصرف النظر عن وسيلة النقل المستخدمة ، إذ إن مجرد الوجود وسط الزحام يسبب التوتر النفسى أو يزيده ، وأن الحالة السيئة الصحية والنفسية نتيجة كل هذه العوامل تجعل الفترة التى تمضى بين رؤية الخطر وإدراك المخ غير كاف لتجنبه ، ويعنى تأخر فرملة السيارة ، إذ أن متوسط الفرق بين الرؤية والإدراك يكون ثانية ونصف الثانية، ويزداد فى حالات التدخين والتعاطى إلى 3 ثوان، وكذلك مع التعب وقلة النوم، والسرحان، واستخدام الموبايل وقت القيادة، واحتساء الخمر. كما أن زيادة نسبة الطرق المفردة لنحو 90 %من شبكة الطرق المصرية, تزيد من معدلات الحوادث نتيجة التخطى الخاطئ, والذى اتضحت تسببه فى 13 % من أعداد الحوادث, لذا يجب أن تزيد نسبة الطرق المزدوجة عن الطرق المفردة فى شبكات الطرق الحديثة، بالاضافة الى وجود عيوب فى تخطيط وتصميم الطرق والتقاطعات وضعف التحكم فى الدخول والخروج على الطرق الرئيسية, ووجود عوائق على جوانب الطرق على مسافات غير آمنة ودون حماية, وعدم إنارة الطرق. ووجود طرق ضيقة رئيسية وسط التجمعات السكنية خاصة فى الريف . وقال عامر إنه بعد 5 سنوات سيتزايد حجم نقل البضائع بنحو 50 % وفق معدلات النمو فى دراسات النقل القومي، مما يؤكد أن حجم نقل البضائع على الطرق سوف يتزايد عما هو عليه الآن، وسوف يظل هو الوسيلة الأساسية لفترات طويلة قادمة، مما يضع أمام الدولة مهمة وضع إستراتيجية وسياسات جديدة لمواكبة الزيادة ومضاعفة دورت السكة الحديد والنقل النهري، لأن صناعة وخدمة نقل البضائع والتجارة ترتكز على ثلاث دعائم هي: جودة خدمة النقل، وسلامة النقل، وتكلفة النقل، بينما يصرح حاليا للشاحنات التى تحمل أوزانا تصل إلى 90 طنا بالسير على الطرق المصرية، وهى تعادل ضعف الوزن الأعلى المسموح به لاستخدام الطرق، مما يؤدى إلى سرعة تدهور حالة الرصف وزيادة فرص الحوادث.