قدم الناقد السينمائى الكبير على أبوشادى دراسة عن واقع السينما فى مصر «السينما المصرية.. التاريخ، المشكلات، الحلول» والتى شارك بها أخيرا فى المؤتمر الختامى لمشروع دعم التنوع الثقافى والابتكار فى مصر الذى أطلقته مكتبة الإسكندرية منذ عامين بدعم من الاتحاد الأوروبى، وتعتبر الدراسة بمثابة وثقية مهمة لكل المعنيين بصناعة السينما والمسئولين فى هذا البلد إذا أرادوا إصلاحا، فقد كشف الكثير من المشكلات التى لو تغلبنا عليها سيكون للسينما دور تنويرى وثقافى، واخترنا أجزاء من هذه الدراسة لوضعها أمام المسئولين لعلها تكون خريطة طريق لإنقاذ السينما. الرقابة على المصنفات الفنية جاء تعديل القانون عام 1955 لينظم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والأغانى والمسرحيات والمونولوجات والاسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتية، بقصد حماية الآداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام، وهى عبارات مطاطة تخضع للتفسير والتأويل وفق هوى أو رؤية القائمين على تنفيذ القانون لذلك تحتاج الرقابة إلى تطوير أدواتها وتدريب العاملين بها وتطبيق القانون بما لا يضر حرية الفنان فى التفكير والتعبير. أما القانون الحالى للرقابة فيتمتع بالمرونة ليكون مواكبا للمستحدثات فى طرق وأساليب العرض السينمائى، ولكنه يحتاج إلى رفع سن المشاهد فى الأفلام التى تحتوى على مشاهد جنسية (فقط) إلى ثمانية عشر عاما بدلا من 16 سنة، وقد أصدر وزير الثقافة السابق د. جابر عصفور مؤخرا قرارا باعتماد التصنيف العمرى المتدرج من العرض العام أو مع العائلة أو أكثر من 12 سنة ثم 16 سنة تحت ضغط المبدعين، رغم استحالة تطبيق ذلك القرار الذى اتاح أكبر مساحة من حرية التعبير، إضافة إلى أن التصنيف العمرى الذى يُعمل به فى الدول المتقدمة يأتى نتيجة لنوعية الفيلم التى يتلقاها المشاهد الذى يدرس الجنس والسياسة والدين على مراحل تتوافق معها الفئات العمرية المقصودة، وهو غير ما يحدث فى مصر الآن، كما أن التصنيف العمرى فى القرار المذكور اصطدم بنوعيات الأفلام التى قد تحتوى على أفكار إلحادية أو ازدراء للأديان أو مشاهد جنسية صريحة أو رؤى تتعارض مع مصالح الدولة العليا ، لأنه يستبعد أى رقابة على السيناريوهات التى تعنى فى جانب منها الرقابة على الأفكار. كما أنه لا يُجيز حذف أى لقطة من العمل الفنى.. وهو ما دفع المشرع إلى وضع ضوابط لمثل هذه الحالات أفرغت القرار من مضمونه تماما وجعلته بلا معنى وغير قابل للتطبيق العملى، كما أفزعت المنتجين الذين خشوا أن تتعرض أفلامهم للمنع بعد تنفيذها إذا صدّقوا سطور القرار.. دور العرض السينمائي التناقص المستمر لعدد دور العرض فى مصر مشكلة كبرى للمنتجين فبعد أن كان عددها يصل إلى 450 دارا للعرض، وصلت حاليا إلى 80 موقعا فقط تحتوى على حوالى 400 شاشة، حيث يصل عدد الشاشات فى دار العرض الواحدة من 6 إلى 12 شاشة تخدم منطقة واحدة، ومعظمها يتركز فى القاهرة داخل المولات الشهيرة، بينما هناك كثير من المناطق محرومة كليا من أى دار للعرض السينمائى، لذا فمن الضرورى دراسة إعادة توزيع مواقع دور العرض واستعادة مشروع سينما الحى، على أن توفر الدولة مساحات الأرض المطلوبة بأسعار رمزية شريطة ألا يتم على هذه الأرض سوى بناء دار عرض سينمائى. كما يتم تسهيل عملية الاقتراض من البنوك بضمانات قانونية محددة بما فيها دار العرض ذاتها، وتطبيق الإعفاء المقرر من الضرائب لمدة خمس سنوات على الأقل تشجيعا للاستثمار فى هذا المجال. التكنولوجيا فيما تتسارع خطى التقدم التكنولوجى على المستوى العالمى فى مجال الآلات والمعدات المستخدمة فى التصوير أو ما بعده، ما زالت السينما المصرية تعانى مشكلة التخلف التكنولوجى فى المستوى العام مما يُحّجم خيال المبدعين، فالآلات المستخدمة قد لا تلاحق ذلك التطور، فإمكانات استوديوهات هوليوود أو مثيلاتها فى أوروبا أو شرق آسيا واليابان تتوفر فيها آخر المستحدثات التكنولوجية بينما لا يجد المبدع المصرى أمامه سوى آلات متخلفة عن مثيلاتها فى الخارج بمسافات واسعة، وربما يساعد إلغاء الجمارك على الآلات والمعدات ما يسمح لبعض الشركات باستيرادها لتحقيق خدمة أفضل لصناع السينما ومشاهديها. احتكار السوق السوق السينمائية تعانى مشكلة احتكار دور العرض السينمائى التى تستحوذ عليها شركتان كبيرتان مما يجعل المنتج الصغير أو الموزع الذى لا يمتلك دورا للعرض أن يكون تحت مظلة إحدى الشركتين عرضة للخسارة، خاصة أن الشركتين فى حالة تنافس شديد تصل إلى حد الخصومة لذا لا بد من تفعيل قانون منع الاحتكار الذى يوفر للمنتج مساحة أكبر من الشاشات رغم محدودية مواقع تلك الشاشات. معهد السينما رغم كل محاولات عمداء المعهد العالى للسينما عبر هذه السنوات فى ملاحقة التطورات الهائلة فى مجال السينما إلاّ أن الوضع الحالى يحتاج إلى إعادة نظر فقد تقادمت المناهج وتهالكت المعدات والمبانى، وتراجعت مستويات وخبرات هيئة التدريس، لذا يجب الاهتمام بالمعهد العالى للسينما والعمل على تحديث مناهج التدريس وتطويرها وتحسين مستوى هيئة التدريس واستقدام أساتذة السينما من مختلف أنحاء العالم كما كان يحدث فى سنوات المعهد الأولى، وكذا إعادة البعثات الدراسية وتنويعها شرقا وغربا لمواكبة مستحدثات هذا الفن المستمرة. ابتزاز الجهات المسئولة يُعانى منتجو السينما فى مصر الذين يضطرون للتصوير خارج الأستوديوهات سواء فى أماكن أثرية أو فى الشوارع إلى ما يشبه الإبتزاز من قبل الجهات المسئولة، بالإضطرار إلى دفع رسوم عالية جداً مما يُثقل كاهل المنتج، فمن الضرورى تسهيل عمليات تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر بإلغاء الجمارك على المعدات، وإلغاء الضمانات المتعسفة على دخول آلات التصوير وأيضا تخفيض رسوم النقابات الفنية، وكذا توفير الأمن اللازم لطاقم التصوير.