أستمع إلى الراديو فى السيارة، يتنامى إلي أذنى صوت المطرب الشعبي "أبوالليف"، يعجبنى صوته، ويعجبنى تراقص نغمات الصوت فى إنحناءات رشيقة مع الموسيقي وهو يغنى: "فى التاكسي.. فى عربيتك"... تذكرت أننى منذ زمان وأنا أقود السيارات، ولم أعد أستقل الحافلات أو مترو الأنفاق، نسيت إلى حد ما معاناة البسطاء فى وسائل المواصلات العامة، و نسيت أيضاً معاناتهم فى المستشفيات العامة، بعد أن أصبحت أرتاد المركز الطبي التابع للمؤسسة كلما احتجت لرعاية طبية، وأحياناً أرتاد مستشفي زايد التخصصي ، تلك المستشفى التى تشبه فى أداءها المستشفيات الإستثمارية مع أنها تتبع للأمانة العامة لوزارة الصحة. قررت ان اخوض تجربة الكشف الطبي في مستشفي زايد العام، لأتذكر تلك اللحظات التى مررنا بها، وربما مر بها السيد وزير الصحة ذاته، مررنا بها قبل أن يصيبنا بعض من رغد العيش ونتمكن من ارتياد عيادات الأطباء الخاصة والمستشفيات الإستثمارية، ذهبت إلى مستشفى زايد العام لاستشارة طبيب البسطاء، إذ كنت أرغب فى أتذكر وجوه أولئك البسطاء، تلك الوجوه الملفوحة بألوان الشمس، تلك الوجوه التى يتكون من غالبيتها هذا الوطن... لاحظت أن الرعاية الطبية لا بأس بها هناك، والمستشفي تبدو نظيفة، مع أن المترددين عليها يصل عددهم يومياً إلى ما يقرب من ألف حالة في المتوسط، تتم خدمتهم فى نظام ونظافة، دون اي دعم من وزارة الصحة بحسب كلام الادارة، سواء الدعم المالى أو حتى توفير الأطباء...
كنت قد لاحظت ان السيد وزير الصحة دائم التردد علي مستشفي زايد التخصصي، وقلت في نفسي ربما كان يتردد علي مستشفي زايد العام الا ان احد اطباء المستشفي اكد لي ان هذا لم يحدث وعلله بابتسامة سمحة بمشاغل الوزير...
كنت اظن ويبدو ان بعض الظن اثم، أن اهتمام الوزير يجب ان ينصب علي الغلابة ومستشفياتهم وأن النصيب الأكبر من زياراته يجب أن يكون من نصيب تلك المستشفيات، وأن نموذج زايد التخصصي كان الغرض منه تحسين الخدمات في قطاع الصحة وتعميمه أو على الأقل الإستفادة من مدخوله المادى والمعنوى خصوصاً بعد نجاح التجربة ، بعد أن ثبت انه في الامكان ذلك، ، لكن اتضح أن الحقيقة غير ذلك فلا زلت غير قادر علي استيعاب عدم زيارة الوزير للمستشفي العام لتفقد أوضاعه رغم ان المسافة بين المستشفيين لا يتجاوز عشرة دقائق بالسيارة حيث يقعان في نفس المربع من المدينة.. معالى وزير الصحة، تحتاج مستشفيات الدولة التى تخدم البسطاء بعضاً من وقتك الثمين، ودعم الوزارة التى ترأسها، لأن هذا هو دورك، ومهمتك أن تصل بجودة تلك المستشفيات العامة إلى نفس جودة المستشفي التى يطيب لك زيارتها كثيراً بحسب ما سمعت... تلك رسالتى إليك وإلى كل مسئول فى الدولة، أن يعتنى بالبسطاء وأن يحسن من أوضاع القطاعات التى تخدمهم لأن تلك هى مسئولية الدولة، تلك رسالتى أرسلها إليك قائلاً: نظرة على الغلابة يا معالي الوزير. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد محمود