من حكمدار العاصمة الى احمد ابراهيم القاطن بدير النحاس لا تشرب الدواء ...الدواء فيه سم قاتل!!!! هذه المقولة من اشهر المقولات فى السينما المصرية من فيلم حياة او موت بطولة عماد حمدى الذى يمرض ويرسل ابنته لاحضار الدواء له يقوم الصيدلي حسين رياض بتحضير دواء وبعد ان يعطيه للابنة يكتشف ان التركيبة التى قام بتحضيرها تركيبة سامة فيسارع الى حكمدار العاصمة (يوسف وهبى) ويستنجد به للوصول للابنة حاملة الدواء السام الى والدها، ويرسل الحكمدار قوة للبحث عن الطفلة كما يبث برقيات عبر الراديو الى احمد ابراهيم يحذره من تناول الدواء يقول فيها :من حكمدار العاصمة الى احمد ابراهيم القاطن بدير النحاس لا تشرب الدواء ... الدواء فيه سم قاتل !!!! تذكرت هذا المشهد، عندما كتبت الأسبوع الماضى تحت عنوان "إنقذوا الدواء المصرى"، ويبدو أن العنوان الصحيح للمقالة يجب أن تكون "إنقذوا الإنسان المصرى من الدواء غير المطابق للمواصفات". فبعد نشر المقالة، إتصل بى الدكتور محمود مطاوع رئيس شعبة الأغذية بهيئة الرقابة على الأدوية، وأعطانى أرقام العديد من القضايا حول الفساد فى هذا المجال، فوجدت أنى لم أشاهد إلا رأس جبل الثلج فى فساد هذه الصناعة الخطيرة. فقد أصدرت هيئة النيابة الإدارية عشرات التوصيات التى لم تنفذ، بعد أن إستعانت بلجان من كليات الصيدلة والطب، وبلجان من الرقابة الادارية لتقصى الحقيقة عن بعض الأدوية التى تأتيها بلاغات عن عدم مطابقاتها للمواصفات منها أدوية مستحضرات مكملات غذائية للحوامل والرضع، ومستحضر مقوى عام، ومستحضر مدعم للكبد، ومضادات حيوية ومضادات السرطان. وثبت عدم مطابقاتها للمواصفات، مع وجود منشور دورى بتحريز وتجميع ما قد يوجد فى الأسواق المحلية منها، طبقا لما ورد من هيئة الرقابة الدوائية من تحليل، ولكن هذه التوصية لم تنفذ. كما طالبت هيئة النيابة الإدارية باصدار تعليمات لهيئة الرقابة على الأدوية بعدم وجود حد أقصى لعدد مرات التحليل للمستحضر الدوائى، والنظر فى تعديل القرار الوزارى 540 الصادر 2007 والذى يسمح بتداول 30% من الأدوية قبل تحليلها فى الهيئة القومية للرقابة على الأدوية. وإذا كان هذا القرار الشاذ يسمح بتداول ثلث الأدوية قبل تحليلها، فإن هناك قرارا آخر أصدره وزير الصحة السابق رقم 151 لعام 2015 يسمح بتداول 50% من مستحضرات التجميل قبل تحليلها، وهى أكثر خطورة على مستخدميها. وإذا أضفنا لذلك أن أدوية السرطان التى لايتم تحليلها بالهيئة، بل يتم تحليلها فى دولة المنبع، دون أن يكون لهيئة الرقابة على الأدوية دور فيما يتناوله المريض منها! وإذا كانت بعض شركات الأدوية المصرية تستورد موادها الخام (المادة الفعالة للدواء) من جنوب شرق آسيا، إسترخاصا، ولا تفكر فى الإستيراد من أمريكا أو أوروبا الأغلى سعرا، فلا أقل من أن يتم تحليل كل ما يدخل الى سوق الدواء المصرى، قبل تداوله حفاظا على صحة المواطن المصرى. نرجو من وزير الصحة مقابلة رئيس شعبة الأغذية بهيئة الرقابة على الأدوية، للإطلاع على ما معه من مستندات فى هذا المجال، والتحرك لتنفيذ كل ما صدر من هيئة النيابة الإدارية، لأن صحة المواطن هى مسئولية الوزارة الأولى والأخيرة. وإذا كان الفيلم قد إنتهى بانقاذ المريض من تناول الدواء، لوجود صيدلى وشرطى من أصحاب الضمائر الحية، فمن ينقذنا اليوم من الأدوية غير المطابقة للمواصفات؟ لمزيد من مقالات جمال نافع