تتزحزح مواعيد مشاورات السلام فى اليمن والمقرر عقدها فى سويسرا تحت عنوان " جنيف 2 " يوما بعد آخر وكأنها دهر طويل على اليمنيين الحالمين بالسلام ، فقد تأجلت من 27 نوفمبر حتى موعد آخر لم يتحدد بعد لإتاحة الفرصة أمام الجهود الدولية لتقريب وجهات النظر وإقناع كل الأطراف بجدواها وعدم فرض شروط . وينظر كثير من المراقبين بتشاؤم وقلق إلى إمكانية أن تحقق الجولة القادمة فرص السلام الحقيقى ووقف نزيف الدم اليمنى بسبب التعنت الشديد الذى تبديه جماعة الحوثى والرئيس السابق على صالح فى فهمهما لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216 وإصرارهما على وقف عمليات التحالف قبل أى حديث عن عودة الرئيس الشرعى وحكومته إلى صنعاء أو تسليم أسلحة الحوثيين إلى الجيش اليمنى ، ومع ذلك يبذل مبعوث الأممالمتحدة لليمن إسماعيل ولد الشيخ جهودا مضاعفة عبر جولات مكوكية بين العواصم المعنية لترتيب أجندة مناسبة لإجتماعات جنيف تجعلها تخرج بالنتائج المنشودة منها . وبرر ولد الشيخ تأخر الإعلان عن موعد جلسة المشاورات بين السلطات الشرعية والحوثيين بالحرص على عدم تكرار الأخطاء التى حدثت أثناء جلسة الحوار الأولى بين الأطراف اليمنية فى جنيف، والتأكد من أن كل التوقعات واضحة لدى الأطراف جميعها . الرئاسة اليمنية من جانبها أكدت أنها لم تبلغ بموعد المشاورات وهناك لجنة حكومية شكلت لهذه المهمة ، حيث أكدت مصادر قريبة من الرئاسة أن الحوثيين مازالوا يماطلون فى تعهداتهم ولم يفوا بأى التزامات. لكن الدكتور محمد موسى العامرى مستشار الرئيس اليمنى يرى أن الانقلابيين لا يرغبون بالسلام ولم يتم الاتفاق على جدول الأعمال حتى اللحظة، مشيرا إلى أن السلطات الشرعية حددت محطتين للمشاورات ، الأولى استعادة الدولة وبسط نفوذها وتسليم الأسلحة التى نهبت للدولة ومعسكرات الدولة، وفك الحصار عن تعز وكل المدن اليمنية تتبعها المرحلة الثانية : وهى المشاورات السياسية، مشيراً إلى أن الحوثيين يصرون على ضرورة أن تبدأ المحطة الثانية السياسية قبل الأولى التنفيذية والمتعلقة بإزالة آثار الانقلاب . وعلى الجانب الآخر يسعى الحوثيون وصالح إلى خلط الأوراق لإطالة أمد الحرب ، وذكرت مصادر يمنية أن على البخيتى القيادى السابق فى جماعة الحوثى عرض فى بيروت مبادرات جانبية من الرئيس اليمنى السابق إلى القيادة السعودية وأنه أبلغ السفير السعودى فى لبنان بهذا العرض وتوجه بالفعل إلى الرياض لتقديمه ، وأنه يتلخص فى تأمين عملية خروج صالح من اليمن عن طريق عملية يشارك فيها طيران التحالف العربى وبعيدا عن أعين قوات الحوثى التى شددت عليه الرقابة خلال الفترة الماضية. وتأتى تحركات صالح بعد كشف طيران التحالف العربى لأكبر شبكة انفاق تحت العاصمة صنعاء تربط بين قصور ومعسكرات صالح ، وهو ما يحمل رسالة تهديد وانذار أخير لصالح . وعلى الجانب الآخر إستمرت المواجهات العسكرية بين قوات الحوثيين وبين الجيش والمقاومة اليمنية فى أكثر من جبهة ، وجاءت عودة الرئيس اليمنى إلى عدن بمعية عدد من الوزراء وزيارته إلى قاعدة العند الجوية فى الجنوب ، فضلا عن زيارة نائبه خالد بحاح إلى مأرب بمثابة رسالة واضحة تؤكد تحقيق قوات التحالف نتائج جيدة على الأرض. وعلى الصعيد الإنسانى تسببت الحرب اليمنية والتى دخلت شهرها التاسع فى نتائج كارثية على المستوى الإنسانى والإقتصادى والمعيشى وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون فى رسالته إلى محمد على الحوثى رئيس اللجنة الثورية للحوثيين بصنعاء . وبحسب تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتى تراقب الإنتهاكات فى اليمن تم رصد ثمانية آلاف و11 من الخسائر البشرية من المدنيين بين قتلى وجرحى وبعض هذه الانتهاكات قد يتم اعتبارها جرائم حرب. وذكرت التقارير إن الأممالمتحدة قلقة بعمق بخصوص الأزمة الإنسانية للبلد، والتى طالت نحو 21.2 مليون نسمة أصبحوا فى حاجة لنوع ما من المساعدة الإنسانية، وهذا يتضمن 19 مليون نسمة ممن لا يمكنهم الحصول على المياه الآمنة والصرف الصحي، وأكثر من 14 مليون نسمة لا يجدون الطعام الآمن أو الرعاية الصحية الكافية. ونبهت التقارير إلى أنه لا يوجد أى حل عسكرى للأزمة اليمنية ودعت كل الأطراف للمفاوضات التى ستؤدى إلى الاستفادة الحتمية للشعب اليمنى وتؤسس للسلام والاستقرار.