لا أحد يختلف حول الدور المهم والبارز للمجلس التنسيقى للسياسات الاقتصادية من خلال انسجام السياسة النقدية مع السياسات المالية والتجارية ، للحكومة بحيث تحقق الاهداف الاقتصادية العليا للبلاد ، من دفع التنمية المستدامة ،والنمو الاقتصادى المتوازن ، الذى يسهم فى تحفيز الاستثمار، والتشغيل ،وكبح جماح ارتفاع الاسعار،ومعدل التضخم ، ومن ثم تحسين مستويات الدخول ، ودفع الانتاج بغرض معالجة الخلل فى الميزان التجارى ، من خلال احلال المنتجات المحلية محل الاجنبية المستوردة ، مع رفع تنافسية المنتج المحلى للتصدير ، وبالتالى تنمية موراد النقد الأجنبى ، ومعالجة العجز الحالى فى ميزان المدفوعات .
المجلس التنسيقى الذى يرأسه رئيس الوزراء شريف إسماعيل ، ويضم سبعة أعضاء من الحكومة والبنك المركزى هم محافظ المركزى ووزراء الاستثمار و المالية و التجارة والصناعة ، الى جانب نائبى محافظ المركزى ووكيل المحافظ للسياسة النقدية،حدد القانون مهمته الاساسية فى وضع أهداف السياسة النقدية بما يحقق استقرار الأسعار وسلامة النظام المصرفى. وفى هذا الاطار يمكن تفهم الترحيب الكبير بتعيين الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى الاسبق ، بالمجلس التنسيقى للسياسة النقدية ، حيث لاقى هذا القرار ترحيبا كبيرا من قبل المصرفيين ، وخبراء الاقتصاد ، كما لا يقل عنه اهمية واهتماما تعيين الدكتور محمد العريان ، ليس هناك من ينكر الدور البارز الذى قام به العقدة فى اصلاح القطاع المصرفى بمصر، وتطبيق المعايير المصرفية العالمية ، وبناء الكوادر المصرفية ذات الكفاءة والخبرة ، وهى العنصر الاهم فى الصناعة المصرفية ، مما ساهم بشكل رئيسى فى قيام القطاع المصرفى بدور رئيسى وبارز فى تامين الاستقرار المالى للبلاد طوال السنوات السابقة ليس فقط بعد ثورة 25 يناير بل من قبلها مع ظهور الازمة المالية العالمية، فقد سمعت بنفسى اكثر من اشادة من خبراء فى مؤسسات دولية من صندوق النقد والبنك الدوليين بمتانة وملاءة الجهاز المصرفى المصرى عقب الازمة المالية العالمية ، وبعد ثورة 25 يناير ، ويرجع ذلك بالاساس الى برنامج الاصلاح المصرفى الذى قاده العقدة مع فريق من الكفاءات المصرفية الذى تولى كأحد أبرز هؤلاء – طارق عامر – فى قيادة الجهاز المصرفى فى الوقت الحالى بعد ان قام بتجربة - ربما هى الابرزعلى مستوى الدول النامية – فى اعادة هيكلة وتطوير اكبر بنك عام ، ألا وهو البنك الاهلى ،حيث نجح عامر، فى اقناع العاملين باهمية التطوير والتدريب المستمر ، وتغيير منظومة العمل دون صدام ، وقفز بمؤشرات البنك وارباحه الى نحو 10 اضعاف فى بضع سنوات - 2008 الى 2012 - بعد ان نجاحه فى ادارة السياسة النقدية بالبنك المركزى ، كأحد ابرز اعضاء فريق العمل الذى اختاره العقدة لمعاونته فى البنك المركزى ، ولعل اهم انجازات العقدة التى ستظل تحسب له هو العمل بروح الفريق وجذب الكفاءات ، وهو المنهج ذاته الذى دأب عامر على اتباعه وترسيخه فى البنك الاهلى عقب تفضيله مغادرة موقعه فى نهاية 2012 ، وواصل العمل به عند تعيينه فى موقعه الحالى محافظا للبنك المركزى . مايدعو للتفاؤل بتفعيل دور المجلس التنسيقى للسياسة النقدية هو قناعة محافظ البنك المركزى بأن دور السياسة النقدية ، لايجب ان يقتصر على كفاءة ادارة موارد البلاد من العملات الصعبة ، بل يتجاوز ذلك الى المساهمة الفاعلة فى توليد هذه العملات من خلال حفز الصناعة والانتاج والاستثمار الاجنبى ، لدفع الاداء الاقتصادى واحلال المنتج المحلى محل المستورد من جانب ، مع دفع الصادرات من جانب آخر ، بما يحقق رفع معدلات النمو والتنمية المستدامة ، والتشغيل ، وهو ما يصب فى نهاية الامر فى رفع مستويات الدخول، ومن ثم الطلب المحلى لصالح تشجيع الاستثمارات . ولاشك ان تعيين العريان ، لايقل اهمية عن تعيين العقدة ، فالعريان احد الخبراء الاقتصاديين البارزين ، ويتمتع بمكانة عالمية كبيرة ،كما كان رئيسا تنفيذيا لشركة "بيمكو" أكبر صندوق فى العالم لإدارة صناديق السندات،وكم نتمنى ان يكون لدى العريان من الوقت ما يسمح له المشاركة فى الاجتماعات الدورية – كل 3 اشهر – للمجلس التنسيقى ، خاصة ان مشاركته سيكون لها اثر كبير فى تحقيق المجلس لاهدافه. يبقى الاشارة ايضا الى اهمية اختيار الدكتورة عبلة عبد اللطيف، فى عضوية المجلس التنسيقى ، ليس بحكم انها تشغل منصب رئيسة المجلس الاستشارى الاقتصادى للرئيس ،فحسب بل بما تمتلكه من خبرات واسعة فى مجال الاقتصاد الصناعى.