بينما كانت أزمة زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسي الإماراتية المحتلة في بداية تصاعدها, استضافت العاصمة الاماراتية' أبوظبي أعمال الدورة الثالثة لمؤتمر الشرق الأوسط للدفاع الصاروخي والجوي, الذي تركزت مناقشاته حول الأمور الخاصة بالدرع الصاروخية وقدرتها علي التصدي لمخاطر الصواريخ البالستية وصواريخ كروز.وجري تخصيص جزء كبير من النقاش لمشروع'' الدرع الصاروخية الخليجية'' الذي تم طرحه مؤخرا خلال منتدي التعاون الاستراتيجي بين الولاياتالمتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية'' الرياض''. ورغم قرار تأجيل ابداء رأي رسمي من جانب دول الخليج بشأن المشروع حتي يونيو المقبل, لاتاحة المزيد من الوقت لدراسة جوانبه الفنية وأبعاده السياسية في المحيط الاقليمي لدول الخليج, وعلي الأخص فيما يتعلق بايران, اضافة الي المحيط الدولي, فيما يخص رؤية قوي دولية مؤثرة مثل روسيا والصين لهذا المشروع وأهدافه..فإن مؤتمر أبوظبي تضمن رسائل سياسية مهمة تتعلق برؤية دول الخليج لمشروع الدرع الصاروخية حتي إن صدرت بشكل غير مباشر. والي جانب الرسائل السياسية, أظهرت المناقشات الفنية ضرورة تطوير منظومة الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بالدفاع الصاروخي والجوي..ويقول رياض قهوجي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدني والخليج للتحليل العسكري التي نظمت المؤتمر بالتنسيق مع القوات الجوية والدفاع الجوي بالامارات إنه اذا كان هناك احتمال لوقوع مواجهة عسكرية في منطقة الخليج فإن الصواريخ البالستية وصواريخ كروز سوف تشكل التهديد الأهم لدول الخليج, كما أن قدرة هذه الصواريخ التي تحمل رءوسا حربية غير تقليدية ترفع مستوي التهديد ليكون هدفا استراتيجيا. وعما اذا كان هناك توجه سياسي لاقرار مشروع الدرع الصاروخية الخليجية والاتفاق علي مقر القيادة للمشروع, يوضح البوعينين أن المناقشات التي جرت في المؤتمر تتعلق بالامور الفنية بعيدا عن التوجهات السياسية..مشيرا الي أن لديه معلومات تتعلق بنقاشات جادة بشأن المشروع علي المستوي الرسمي, خاصة أن هناك لجنة مشتركة لدول مجلس التعاون مختصة بموضوع الدفاع الجوي وهي قائمة منذ7 سنوات. ويشير الي أهمية المناقشات مع حلفاء دول مجلس التعاون للاستفادة من امكاناتهم للحصول علي أفضل النتائج في التصدي للصواريخ البالستية والكروز, لأن نظم الدفاع الجوي الحديثة تتطلب الحصول علي الانذار المبكر عبر الاقمار الصناعية التي تملكها دول الخليج. فرانك روز, نائب مساعد وزيرة الخارجية الامريكية لشئون الفضاء والسياسة الدفاعية يؤكد خلال حديثه عن رؤية الخارجية الأمريكية للدفاع الصاروخي أن هذا النظام يلعب دورا مهما في استراتيجية أمريكا العالمية الأمنية الواسعة النطاق التي تدعم الردع والدبلوماسية..ويشير الي أن الدفاع الصاروخي يؤكد لحلفاء وشركاء الولاياتالمتحدةالأمريكية أن لديها الإدارة ووسائل الردع اللازمة لمواجهة هجمات الصواريخ البالستية المحدودة الموجهة ضد قواتها أو ضد حلفائها وشركائها إذا لزم الأمر..كما أن الدفاع الصاروخي يساعد في إعاقة الجهات الفاعلة الإقليمية من محاولة منع قدرة الولاياتالمتحدة علي تقديم وسائل الدفاع والمساعدة لحلفائها وشركائها. وبعيدا عن تأييد العسكريين للأهمية الاستراتيجية للدرع الصاروخية الخليجية, يري المراقبون أن الأعباء السياسية التي ستواجه دول الخليج عند قرار اقامة المشروع يجب أن توضع في الحسبان, خاصة أن رد الفعل الايراني الذي جاء علي لسان وزير الدفاع فور الاعلان عن المشروع تضمن تهديدا واضحا لدول الخليج بعدم الدخول في هذا المشروع ال صهيوأمريكي, بينما أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشوري الإيراني أن المشروع مثير للتوتر وان طهران ستتخذ ردا حازما ومناسبا مع أي إجراء يتعارض مع مصالحها. ويشير المراقبون أيضا الي أن زيارة نجاد لجزيرة أبو موسي الاماراتية المحتلة والتصعيد الايراني في هذا الشأن لا يجوز أن ينظر اليه بعيدا عن ردود الفعل الايرانية تجاه مشروع الدرع الصاروخية الخليجية. ويؤكد المراقبون ضرورة أن تعي دول الخليج دروس أزمة الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك ثم أزمة الدرع الصاروخية في تركيا, لأن المشروع المطروح قد يجعل من منطقة الخليج مسرحا لصراع بين روسيا والصين من جانب وأمريكا من جانب آخر لانهما قد يعتبران الدرع موجهة لهما ايضا. وما بين الاحتياجات العسكرية والمواءمات السياسية يبقي القرار الخليجي بشأن الدرع الصاروخية محل دراسة وبحث حتي موعد الاعلان عن الموقف النهائي في غضون أسابيع قليلة.