"السعادة": حُلم يسعى لتحقيقه الجميع، ويراه البعض في المال أو الصحة أو المنصب أو الشهرة أو النجاح العائلي أو الاجتماعي أو المهني.. فما رأيك فيما يجمع ذلك كله.. إنه "رضي الله"، عز وجل، دليل ذلك من كتابه، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم. فقد وردت كلمة "سعيد"، بلفظها هذا، مرة واحدة في القرآن الكريم، قوله تعالى: "يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ". (هود:105). ووردت كلمة "سُعِدُوا"، أيضا، في قوله: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ". (هود:108 (.
"السعادة" لغة
"السعد والسعادة" هي: "معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخير، ويضاده "الشقاوة".. يقال: سَعِدَ، وأسعده الله، ورجل سعيد، وقوم سعداء، وأعظم السعادات الجنة.. لذلك قال تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ". وقال: "فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ". وقول المرء: "لبيك وسعديك" معناه: "أسعدك الله إسعادا بعد إسعاد، أو ساعدك مساعدة بعد مساعدة ".(الراغب الأصفهاني، "المفردات في غريب القرآن").
قال ابن كثير:" هذا وعد الله تعالى لمن عمل صالحا، وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة".
و"السعادة الحقيقية" هي الحياة الطيبة، وتشمل هذه السعادة وجود الراحة من أي جهة كانت. وقد رُوى عن ابن عباس، وجماعة، أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب. وعن على بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه فسرها بالقناعة، وكذا قال ابن عباس، وعكرمة، ووهب بن منبه. وقال على بن أبي طلحة عن ابن عباس إنها هي السعادة.
وقال الحسن، ومجاهد، وقتادة: "لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة".. وقال الضحاك: "هي الرزق الحلال، والعبادة في الدنيا". وقال الضحاك أيضا: هي العمل بالطاعة، والانشراح بها.
والصحيح أن "الحياة الطيبة" تشمل ذلك كله، كما جاء في الحديث، الذي رواه الإمام أحمد من حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ". (رواه مسلم). [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد