يضطلع المراسل الحربى بمهمة صحفية وطنية وهو فى الأساس صحفى يغطى أخبار المعارك العسكرية ويتسم هذا العمل بالأخبار المثيرة والتحقيقات وهو يضع صاحبه على شفا حفرة الموت لوجوده عادة بين صفوف القوات المقاتلة والمتمركزة على خطوط المواجهة . ويقوم المراسل العسكرى بموافاة جهات التكليف عبر رسائل قصيرة متتابعة بأخبار الحرب ونقل صورة حية مباشرة عن مجرياتها. يسبح بنا الكاتب عبده مباشر عبر صفحات كتابه الجديد «أنا وعبد الناصر والسادات.. سطور من السيرة الذاتية» ويفتح صندوق ذكرياته مبحرا بالقراء بين سطور من سيرته الذاتية خلال مشواره باعتباره صحفيا ومراسلا حربيا استطاع أن يقترب من زعيمين كبيرين هما عبد الناصر والسادات، ليضيف أبعادا جديدة لشخصيتهما راصدا لمواقف وأحداث فى فترة زمنية مهمة من عمر الوطن وهى فترة الزعيمين بأسلوب متميز ضاربا أروع الأمثال فى الوطنية التى تجلت فى جميع مراحل حياته من فدائى، لصحفى, لمراسل حربى, ثم مواطن غاضب ثائر لوطنه وقد أتاحت ظروف عمله كمحرر عسكرى ومراسل حربى فى بلاط صاحبة الجلالة لأكثر من نصف قرن، فرصا للاقتراب من الزعيمين جمال عبد الناصر وأنور السادات. ويظهرنا الكاتب عبده مباشر فى محكاه أنه اعتمد على عنصر الحقيقة والواقع ولم يزايد على أشخاص أو افتعال مواقف وتحتل كتابة المذكرات أو السير فى عصرنا الراهن حيزا مهما فى حياتنا الثقافية, فبواسطتها يسعى السلف إلى نقل تجاربه الشخصية إلى الخلف وذلك بغرض الاستفادة منها فى استخلاص الدروس والعبر وهو ما فعله الكاتب والذى يشير فى كتابه إلى أن الخطوات قد توالت به وكل خطوة تقود إلى الأخرى حتى وجد نفسه فى الشارع الخلفى للأحداث شاهدا فى كثير من الأحيان على بعضها ومشاركا فى بعض أخر وقد أراد الكاتب أن يوضح أن الأمر ليس أكثر من رؤية ذاتية وليس تاريخا أو حتى محاولة لتصحيحه. ويأتى اسم عبده مباشر «كمراسل حربى» بين كوكبة ممن كان لهم شرف التكليف بهذا العمل الذى أبلوا فيه جميعا بلاء وطنيا عظيما وضعهم فى لوحات الشرف الوطنى (حمدى الكنيسى جمال الغيطانى صلاح قبضايا حمدى لطفى وغيرهم كثير) غير أنه حقق اختلافا نوعيا كونه حمل صفة فدائى مشاركا فى عمليات عسكرية وباشتراكه فى مظاهرة الطلبة وهو بالمرحلة الابتدائية, بعدها كان تطوعه عام 1951 فى عمليات فدائية بمنطقة القناة برغم صغر سنه للضغط على قوات الاحتلال حتى يرحل. يضم الكتاب بين دفتيه خمسة عشر فصلا, بدأها بسفره إلى المملكة العربية السعودية بعد توقيع اتفاقية جدة أغسطس 1965 بين كل من الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل لإنهاء الصراع العسكرى فى اليمن, وإعداده مجموعة من التقارير عن الموقف والأوضاع وعقب هذه الخطوة وبسبب حوار صحفى له مع الملك كان اللقاء مع الرئيس عبد الناصر لأول مرة وكان قراره عدم نشر الحوار ونرى أن اللقاءين (الملك والرئيس) كانا بمثابة عمل فدائى لصغر سنه وحداثة عهده بالصحافة ويحكى الكاتب كيف أنه قطع دراسته بألمانيا موفدا لدراسة الصحافة عائدا إلى مصر حاملا معه أكثر من مليونى مارك حصيلة حملة تبرعات لمصلحة مصر على أثر أحداث يونيو 1967 ساعده فى ذلك صديقا له من ألمانيا , ويذكر أن ما دفعه لهذه الحملة لافتة بالمركز التجارى بألمانيا مكتوب عليها عبارة «ادفع ماركا تقتل عربيا» فرأى أن ينظم حملة مماثلة على أن يكون شعارها «ادفع ماركا تنقذ عربيا» وتم تحويل المبلغ النقدى إلى مستلزمات طبية وأدوية ويأتى بعد ذلك حركة تنقله بين القادة العسكريين وتداعيات الأحداث ولقائه بالمقاتل العبقرى البطل إبراهيم رفاعى وموافقة عبد الناصر على تطوعه بالصفة المدنية بوحدة الكوماندوز التى حملت فيما بعد اسم المجموعة 39 قتال واشتراكه فى العمليات العسكرية خلف خطوط العدو فى سيناء، والكتاب يضم أحداثا مثيرة (السادات وثورة التصحيح السادات وانتفاضة 18-19 يناير) ثم لقاءات تاريخية بقادة عسكريين تركوا بصماتهم تاجا على جبين العسكرية المصرية .
الكتاب: أنا وعبد الناصر والسادات المؤلف: عبده مباشر الناشر: دار المعارف 2015