يأخذنا العجب مما تفعله بريطانيا تجاه مصر، والوقوف ضدها والعمل على النيل منها فى كل مناسبة، فهذا هو دأبها منذ احتلال مصر عام 1882م وحتى الآن. إنها ببساطة دولة مجروحة فى عزتها، فبعد أن كانت دولة عظمى أصبحت الآن غير عظمى وبعد أن كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس أصبحت لا امبراطورية بل وغابت عنها الشمس، ومع أن بريطانيا كانت تحتل العشرات من دول العالم فى الزمن البائد ومنهم على سبيل المثال (أمريكا وكندا والهند وباكستان وماليزيا وسنغافورة) إلا أنها لا تتربص بهم كما تتربص بنا.. فما السبب؟ هل لأن معظم هذه الدول أصبحت الآن قوى عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة فلا تستطيع مناطحتها بل وتعمل لهم ألف حساب؟ أم أن مصر بالنسبة لها كانت أهم مستعمرة فأخذت الأحلام تداعبها وتدور برأسها الأمانى لعل وعسى تعود مصر إلى حظيرتها؟ كما تداعب الأحلام رأس أردوغان بعودة الخلافة العثمانية القميئة وتداعب أيضا الأحلام رأس الإيرانيين بعودة الامبراطورية الفارسية!! أم أن تبعية بريطانيالأمريكا حتى أصبحت التابع الذليل كما يقول شعبها الإنجليزى الذى لا يعجبه سلوك حكومته تجاه أمريكا جعلها توافق على كل ما تفعله أمريكا تجاه مصر سلبا وايجابا كما فعلت مع الإخوان بحيث إذا رضيت أمريكا عنا رضيت بريطانيا وإذا غضبت أمريكا غضبت بريطانيا بل إذا أصاب أمريكا برد عطست بريطانيا. والغريب أن أمريكا نفسها كانت يوما ما مستعمرة بريطانية فى القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادى حيث كان لبريطانيا ثلاث عشرة مستعمرة على الساحل الشرقى لأمريكا وتتمتع بحكم ذاتى منذ عام 1607م، واجهت أمريكا خلال هذه العقود تعسفا من قبل قوات بريطانيا أدى فى النهاية إلى نشوب الحرب بينهما بدأت عام 1775م وانتهت عام 1783م باستقلال أمريكا عن بريطانيا تنفيذا لمعاهدة باريس التى وقفت مع أمريكا فى 3 سبتمبر 1783م وجلاء آخر جندى بريطانى فى نوفمبر 1783م. فسبحان مغير الأحوال وسبحان من قال «وتلك الأيام نداولها بين الناس» أصبحت بريطانيا الآن وكأنها مستعمرة أمريكية، تستجدى عطف أمريكا وتتمسح بها. ازاء ذلك لابد من معاملة بريطانيا بالمثل، وأن نحذر منها ومن أمثالها الذين لا يريدون لنا الخير. محاسب صلاح ترجم حلوان