خيمت أجواء من الصدمة والحزن على الأوساط اللبنانية على الصعيدين الرسمى والشعبى، إثر التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا فى منطقة برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت أمس الأول، وتبناهما تنظيم داعش الإرهابى، وأسفرا عن مقتل 43 شخصا وإصابة 239 آخرين، فى الوقت الذى أعلنت فيه لبنان أمس يوم حداد وطنى. وترأس تمام سلام رئيس الوزراء، اجتماعا طارئا لبحث تداعيات الاعتداء الآثم، بحضور الوزراء وقادة الجيش لاحتواء آثار العمل الإرهابى الذى وقع فى المنطقة التى تعد معقلا لحزب الله، كما يعتبر الهجوم الأول والأكبر ضد حزب الله منذ أكثر من عام، وأحد أكثر الهجمات دموية منذ انتهاء الحرب الأهلية فى لبنان. وأعلن رئيس الوزراء اللبناني أن الجريمة أدمت لبنان بأسره، ويجب البناء على التضامن الوطني الذي تجلى بموجة الاستنكار التي صدرت عن كل الأطراف السياسية، وقال سلام خلال ترأسه الاجتماع إن الجريمة الهمجية التي وقعت في برج البراجنة، لم تدم منطقة بعينها أو طائفة بعينها وإنما أدمت لبنان من أقصاه الى أقصاه». ودعا سلام الى «البناء على لحظة التضامن الوطني التي تجلت في موجة الاستنكار العارمة التي صدرت عن جميع الاطراف السياسية، من أجل شد اللحمة الداخلية وتعميم اجواء ايجابية في حياتنا الوطنية». وأضاف سلام «إن الإرهاب لم يتوقف يوما عن التخطيط لإلحاق الأذية بلبنان واثارة الفتنة بين اللبنانيين. وإذا كان قد بدا لوهلة أن الموجة الإرهابية قد انحسرت، فإن ذلك قد حصل بفضل وعي ويقظة وجهود الجيش وجميع الاجهزة الأمنية التي أحبطت محاولات عدة لضرب لبنان بطرق مختلفة وفي مناطق متعددة». وأشار إلى أن «ما جرى يجب أن يكون دافعا الى مزيد من التنسيق بين الاجهزة الأمنية ورفع مستوى اليقظة لرد الأذى عن أهلنا في جميع مناطق لبنان وإلى أي طائفة انتموا، والى مزيد من الالتفاف الوطني حول الجيش والقوى الأمنية في مهمتها المقدسة هذه». وقال مصدر رسمي لبناني إن المجتمعين استعرضوا « آخر ما وصلت اليه التحقيقات الأمنية والقضائية في العملية الارهابية، واستمعوا الى عرض مفصل للخسائر المادية والانسانية في منطقة برج البراجنة والى تقارير عن أعداد المصابين وأحوالهم فضلا على أوضاع المستشفيات التي تستقبلهم». وتابع المصدر أن سلام أعطى «توجيهاته الى الهيئة العليا للإغاثة للقيام بمسح سريع للمنطقة المصابة تمهيدا للتعويض عن الاضرار». وقرر المجتمعون، بحسب المصدر، «الاستمرار في الإجراءات الأمنية المتخذة في كل المناطق اللبنانية وتشديدها والحفاظ على أعلى مستويات اليقظة، بما يعزز الأمن والاستقرار ويفوت الفرصة على أصحاب المخططات الارهابية لإلحاق الأذية بلبنان». ومن ناحية أخرى، أوضح المدعي العام التمييزي اللبناني القاضي سمير حمود بعد تفقده مكان التفجيرين الارهابيين في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت أن «العملية كانت مزدوجة، وهما تفجيران ولم يثبت إلى الآن أن الانتحاريين كانوا ثلاثة والموضوع قيد المتابعة». وأشار إلى أن «المتفجرة الأولى كانت على الدراجة زنتها 7 كيلوجرامات والثانية على «الخصر» زنتها 2 كيلوجرام ونحن في طور الدراسة وتحديد نوعها. وكان تفجيران انتحاريان هزا منظقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء أمس الخميس وأسفرا عن سقوط 43 قتيلا و239 مصابا. ومن جانبها، كشفت الصحف اللبنانية الصادرة أمس تفاصيل جديدة عن تفجيري برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت، حيث أعلنت صحيفة السفير" أن تنظيم داعش الإرهابي نفذ التفجيرين مستخدما ثلاثة انتحاريين منهما انتحاريان فلسطينيان من مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين بهدف الوقيعة بين منطقة برج البراجنة ذات الغالبية الشيعية ومخيمها الفلسطيني. وأوضحت الصحيفة أن ثلاثة انتحاريين دخلوا إلى واحدة من أكثر المناطق اكتظاظاً في منطقة عين السكّة بالضاحية الجنوبية لبيروت بعد أن ارتدوا ثياباً شتوية لتخبئة الأحزمة الناسفة وحلقوا ذقونهم حتى لا يثيروا الريبة واخترقوا صفوف المواطنين الداخلين إلى «حسينيّة الإمام الحسين». وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما وقع التفجير الأوّل في دراجة ناريّة، هرع المواطنون. وما هي إلا خمس دقائق حتى دوى الانفجار الأقوى. ودقائق أخرى، كان في المكان إرهابي ينتظر دوره لتفجير نفسه ، لكنه قتل.. وربما كان هناك غيره وتمكن من الفرار. ولفتت إلى أن تفجير الأمس هو أعلى حصيلة من بين كلّ التفجيرات التي حصلت في لبنان في السنوات الأخيرة، وبالتالي، صارت الحصيلة أقرب لتكون من حصيلة الانفجارين المزدوجين اللذين وقعا في طرابلس في 23 أغسطس 2014 (مسجدا التقوى والسّلام) وخلّفا 47 قتيلاً. وفى إطار الإدانات الدولية المتعاقبة للعمل الإرهابي، أدان السفير المصري لدى لبنان الدكتور محمد بدر الدين زايدبشدة العملية الإرهابية، وأعرب عن ثقته في أن هذا الحادث سيزيد الشعب اللبناني وحدة وصلابة في مواجهة محاولات دنيئة من قوى الإرهاب والتطرف لنشر الفتنة بين مكونات الشعب والمجتمع الواحد، سواء في لبنان أو في المنطقة أجمع. وأشار إلى أن هذا الإرهاب الأسود الذي يعم المنطقة يتطلب الوحدة في نبذ التفرقة والتمسك بالهوية الوطنية، مؤكدا موقف مصر الثابت بضرورة تبني استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره دون استثناء. وعلى الصعيدين العربي والدولي، أدان الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية بشدة التفجيرات، مؤكدا على التضامن التام مع لبنان حكومة وشعبا في مواجهة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله وصوره. ومن جانبها، اعتبرت واشنطن ان الهجمات الارهابية مثل التي وقعت تسعى إلى تقويض الحرية والامن اللذين جاهد الشعب اللبناني كثيرا لتحقيقهما. واكد بيان للخارجية الأمريكية دعم الولاياتالمتحدة التام للسلطات اللبنانية في التحقيقات التي تجريها بشأن هذا العمل الارهابي. ومن جانبه،دعا بان كي مون اللبنانيين الى مواصلة العمل للحفاظ على امن واستقرار البلاد. كما أعرب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، عن دعم بلاده الكامل للشعب اللبناني في جهوده الرامية لمواجهة وهزيمة الإرهاب. وطالب الوزير المواطنين البريطانيين بمتابعة وزارة الخارجية حول نصائح السفر، ومتابعة الإعلام المحلي، واتباع نصائح السلطات الأمنية المحلية .