يحتاج العمل من أجل السينما المصرية الكثير من الخيال والطموح. يحتاج أكثر من مجرد أداء الادوار المهمة التى تصبح روتينية بعد وقت قصير. ومما لا شك فيه أن وزارة الثقافة المصرية تقوم بالعديد من الانشطة لصالح السينما المصرية، مثل ادارة مشروع دعم السينما واقامة مهرجانات القاهرة والقومى والاسماعيلية رغم ان هذا الأخير لم يقم هذا العام، وتسهيل اشتراك بعض الافلام فى المهرجانات الدولية ولكن بشكل غير كاف ودعم بعض المهرجانات التى تقيمها مؤسسات مجتمع مدنى، ونشر بعض الكتب السينمائية، واقامة عروض سينمائية متذبذبة بمؤسسات وزارة الثقافة مثل قصور وقصر السينما وتقديم الخدمة التعليمية المجانية للسينما بمعهد السينما الذى يحتاج الى الكثير من التطوير ليواكب الثورة والحداثة فى العالم سواء فى الفكر أوالتكنولوجيا. وتمتلك الوزارة كذلك الادارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية مع طموح تحويلها الى هيئة للملكية الفكرية. وتختار الوزارة لجنة السينما بالمجلس بالأعلى للثقافة التى ظلت لا تجتمع أغلب هذا العام قبل حلها الصيف الماضي، ربما لأن توصياتها لا تنفذ. وتدير الوزارة عدة ملفات سينمائية مهمة مع رئاسة الحكومة والوزارات المعنية منها ما يخص زيادة الدعم للسينما الفنية مع وزارتى المالية والشباب كل منهما من جانب، وكذلك ملف استعادة حق ادارة اصول السينما من وزارة الاستثمار والذى عاد الى وزارة الثقافة وهو ملف مهم وطموح لكنه شائك ويحتاج الكثير من التأنى والبحث وكذلك الخيال. وملف الحرب ضد القرصنة الذى تتعاون فيه الوزارة مع غرفة صناعة السينما ونقابة السينمائيين. ففضائيات بير السلم تسرق الافلام المصرية و تعرضها بعد ساعات قليلة من عرضها بدور السينما. وهذه القنوات تمتلك ترددات رخيصة اقتنتها من قمر نور سات الاردنى المؤجر بدوره حزمته من القمر الصناعى الفرنسى يوتلسات. وقد بح صوت السينمائيين ان هذه القنوات المقرصنة تدمر صناعة السينما المصرية وطالبوا الحكومة أكثر من مرة بالتدخل لدى السلطات الاردنية والفرنسية لوقف بث تلك القنوات واستجابت وزارة الخارجية لكن لم تستجب الدول المعنية ويبدو أن الامر يحتاج لضغط اكبر وتدخل من رئيس الوزراء المصرى شخصيا أو من رئاسة الجمهورية لانها قضية أمن قومى حقا. وتحاول وزارة الثقافة بلا جدوى اقامة متحف السينما والسينماتيك (أرشيف السينما)، ولا يعرف أحد ما العائق أمام اقامة احدهما أو كلاهما رغم ان اقامة المتحف على الاقل لا تحتاج اموالا طائلة وكل مقتنياته متاحة تقريبا، وهناك قصر تم تخصيصه لاقامته من القصور الاثرية ، وهناك رسومات انشائية له تم وضعها بالتعاون مع الجانب الفرنسى المماثل. أما ما تستطيع الوزارة اقامته بدون أى ميزانيات كبيرة هو تطوير الثقافة السينمائية بشكل فعال. فلا أحد يتصور عدم وجود سلسلة للكتب السينمائية تطبع من هيئة الكتاب رغم وجود سلاسل مماثلة فى السابق، ولا يصدر عن مكتبة الاسرة عدد كاف من الكتب عن فن الفيلم. وبشكل عام الكتب التى تطبعها الوزارة فى هذا المجال شحيحة وغير كافية حتى لو وضعنا فى الاعتبار سلسلة افاق السينما التى لا تصدر بانتظام وكذلك الكتب المترجمة المهمة الصادرة مؤخرا عن المركز القومى للترجمة. ولا توجد اى مجلة سينمائية تصدر عن الوزارة رغم اصدار الوزارة لجريدة مسرحنا عن المسرح ومجلة قطر الندى عن الفن الشعبى ومجلتى ابداع للادب وفصول للنقد الادبى ومجلة فنون مصرية فى الفن التشكيلى ومجلات الثقافة الجديدة ومصر المحروسة وجريدة القاهرة. ولا تصدر الوزارة دليلا عن السينما المصرية باللغات الاجنبية وهو الدليل الذى تصدره كل الدول بدون استثناء ونراه موجودا بكل المهرجانات السينمائية. وهدفه التوثيق والترويج للسينما ثقافيا واقتصاديا ووسيلتنا لمخاطبة الاخر، رغم ان طموحنا يصل الى صدور مجلة بلغات اجنبية عن السينما المصرية حتى لو نصف سنوية. ولا تنتبه الوزارة ابدا الى ضرورة انشاء اندية سينمائية أو اقامة عروض سينمائية منتظمة بقاعاتها. من يتصور ان سينما الهناجر او سينما مركز الحضارة بالاوبرا ومراكز الابداع لا تمتلك برنامج عروض سنوى واضحا ذا منهج واضح يطور الثقافة السينمائية و يلاحق السينما العالمية، وأيضا يجعل من يتابعه فى عام بانتظام يكون قد اطلع على أهم كلاسيكيات السينما العالمية والمصرية واتجاهاتها المعاصرة. ومن يصدق أن نادى سينما دار الاوبرا متوقف منذ سنوات.وان مراكز الابداع وقصور الثقافة المنتشرة ليس بها نادى سينما تقليدى به ادارة من الشباب واعضاء ونشرة وندوات يناقش بها الافلام. ومن الممكن أيضا إقامة متحف سينما مصغر بأرض الأوبرا لحين توفير تمويل لمشروع متحف السينما، وعمل سينماتك رقمى (مكتبة سينمائية رقمية) بالمبنى نفسه من خلال نسخ رقمية لكل الأفلام المصرية مهداة من القناتين الفضائيتين المالكتين لتراث السينما المصرية، وعمل منتدى دائم للسينما المستقلة بأرض الأوبرا تابع لصندوق التنمية الثقافية أيضا مزود بكاميرات ديجيتال أجهزة مونتاج للسينمائيين لكى يستعينوا بها فورا بلا تعقيدات روتينية، وعمل وحدة متنقلة لعروض الافلام فى الهواء الطلق فى الأرياف والمناطق العشوائية. ولابد أيضا من تطوير عمل المركز القومى للسينما فى مجالات كثيرة مثل إنتاج الأفلام التسجيلية والقصيرة ووضع آلية شفافة لأشتراك السينمائيين بالمهرجانات الدولية، وتطوير ارشيف الفيلم وتحسين أوضاع العاملين المهنية قبل المالية من خلال تدريبهم. وهناك أهمية لوجود المركز بأسواق العالم السينمائية وعمل بروتوكولات بينه وبين نظرائه بالعالم حيث إنه يكاد يكون غير معروف خارج مصر كمؤسسة سينمائية تمثل السينما المصرية. ولابد من ارساء مشروعات واضحة لتعاون المركز مع معهد السينما ونقابة السينمائيين وجمعيات الثقافة السينمائية. وعمل اعادة هيكلة للمركز ليقوم بأدواره الطموحة. واعلم أن جهاز التنظيم والادارة بمصر وافق على ذلك، لكن متى التنفيذ؟ لمزيد من مقالات احمد عاطف