في الوقت الذي اتجهت فيه كندا يسارا بإطاحتها بالحزب المحافظ اليميني الذي ظل يتولى الحكم بالبلاد 9 سنوات واستبداله بالحزب الليبرالى بزعامة جاستين ترودو، الذى اعلن عن دعمه وتأييده للأقلية بكندا وأن اللاجئين السوريين سيكونون على قائمة اهتمامات حزبه. فإن ما حدث فى بولندا جاء على النقيض تماما، حيث اتجهت يمينا بعدما فاز حزب "القانون والعدالة" فوزا ساحقا بزعامة ياروسلاف كاتشينسكي وحصل على الأغلبية المطلقة فى البرلمان, وذلك بعدما ارتدى عباءة الوطنى, الذى يخشى على هوية بلاده من اللاجئين لاعبا على أوتار الاسلاموفوبيا" . فمنذ انطلاق الحملات الانتخابية فى بولندا، واستطلاعات الرأى تشير إلي فوز حزب "القانون والعدالة", بعدما تدنت شعبية "حزب الوسط" الحاكم، وذلك لعدة أسباب منها الركود السياسى للحزب، وفضيحة التسجيلات لثلاث وزراء ورئيس مجلس النواب، سربتها وسائل الإعلام، العام الماضى، وصف فيها رئيس مجلس النواب آنذاك راديك سيكورسكى، رئيس الوزراء البريطاني، دايفيد كاميرون، ب"عديم الكفاءة"، واعتبر أن علاقة بولندا بالاتحاد الأوروبى "لا قيمة لها"، وشبّه انصياع بلاده للولايات المتحدة بقيامها بممارسات جنسية لإرضاء واشنطن. كما أظهرت تسريبات لوزير الداخلية السابق، طلبه من البنك المركزي البولندى، دعم الاقتصاد حتى يعاد انتخاب الحكومة، علماً بأن القانون البولندي يمنع البنك المركزي من التدخل بالسياسة. ومن ناحية أخرى وصلت شعبية حزب الوسط لأدنى مستوياتها عقب انصياعه لسياسات الاتحاد الأوروبي المرفوضة من قبل العديد من مواطنى بولندا، خاصة الموافقة علي قرار استقبال 7000 لاجئ ضمن خطة الاتحاد الأوروبى لاستقبال اللاجئين. لذا فقد حصل الحزب الحاكم علي 24% فقط من أصوات الناخبين بينما حصل حزب "القانون والعدالة" على 235 مقعدا من أصل 460 أى بنسبة 37,5 %, لينفرد الحزب بحكم بولندا فيعود إلى السلطة مجددا بعد 8 سنوات أمضاها فى المعارضة، وينفرد زعيم الحزب "ياروسلاف كاتشينسكى" بتشكيل الحكومة بعيدا عن الائتلافات للمرة الأولى منذ سقوط النظام الشيوعي عام 1989. وياروسلاف كاتشينسكي "66عاما"، هو الشقيق التوأم للرئيس الراحل ليخ كاتشينسكي، الذى لقي حتفه في حادث تحطم طائرة في مدينة سمولينسك الروسية، في أبريل عام 2010. وقد اعتمد كاتشينسكي, الحاصل علي شهادة الدكتوراه فى القانون من جامعة وارسو عام 1976, خلال حملته الإنتخابية علي أمرين. الأول هو ما عرف عنه أيام شبابه من الدفاع عن حقوق الطبقات الفقيرة ونشاطة خلال انضمامه لحركة «تضامن» المناهضة للنظام في بداية الثمانينات، كما أنه هو وشقيقه أسسا حزب القانون والعدالة, الذى كان يعرف عنه الدفاع عن الطبقات الفقيرة ومعارضة الخصخصة. كما شغل منصب رئيس الحكومة عامى 2006 و2007 خلال فترة رئاسة شقيقه. أما الأمر الثاني, فهو معارضته إستقبال أى لاجئين, منتقدا سياسات المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، بإستقبالها وترحيبها باللاجئين، مدعيا أنه يحافظ علي الهوية القومية في بولندا, مستغلا أيضا "الإسلاموفوبيا" وخوف المجتمع البولندي الكاثوليكي من المسلمين، حيث أخذ يكرر مرارا وتكرارا خلال حملته الانتخابية والمناظرات التليفزيونية أن المهاجرين المسلمين "يحملون الأمراض ويجلبونها إلى أوروبا".. ذلك التصريح الذي انتقده عدد من الساسة, ورؤساء عدد من الأحزاب المنافسة لدرجة وصفه أحدهم بانه تصريح "نازى" يجعله يشبه "هتلر". على صعيد آخر، سعى كاتشينسكى لتوسيع نطاق شعبيته لدى مختلف الفئات العمرية حيث تعهد خلال حملته الا نتخابية بتشجيع الشباب وأصحاب المشاريع التجارية الصغيرة، وتقديم التسهيلات والمساعدات لهم، خفض الضرائب على الأسر المتوسطة والمقاولات الصغيرة، وتخفيض سن التقاعد من 67 سنة إلى 65، إلي جانب تقديمه وعودا برفع التعويضات العائلية، وكذلك مجانية العلاج للأشخاص الذين يفوق عمرهم ال 75 عاما, مضيفا أنه سيجعل الأولوية للمصالح القومية، على حساب المصالح الأوروبية .. وبين تحقيقه الأحلام والوعود التي قدمها لدولته, التي يبلغ تعدادها 38 مليون نسمة, وبين نشر المزيد من الكراهية ومايتبعها من أعمال عنف تجاه اللاجئين .. هل يستطيع كاتشينسكي تطبيق "القانون" وتحقيق "العدالة".