أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى عزم مصر على الإسهام بفاعلية فى الدفع قدما بالشراكة الإفريقية الهندية، بما يحقق مصالح شعوبنا ويلبى تطلعاتها فى إرساء الأمن والاستقرار، وتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. وقال - فى كلمته التى ألقاها أمس بنيودلهى أمام منتدى قمة الهند - إفريقيا 2015 إن التحديات التى يواجهها العالم أجمع والدول النامية بشكل خاص تجعل من خيار الشراكة والتعاون الخيار الأجدى أمام حكوماتنا وشعوبنا. ونوه إلى استضافة مصر لمنتدى الاستثمار والتجارة فى إفريقيا خلال الربع الأول من عام 2016، والذى يستهدف التعريف بفرص الاستثمار والتجارة التى تزخر بها القارة الإفريقية، بما تمثله من سوق ضخمة وما تمتلكه من إمكانات واعدة فى مختلف القطاعات الاقتصادية ومن بينها الصناعة والزراعة والطاقة. وفيما يلى نص كلمة الرئيس السيسى أمام القمة: بسم الله الرحمن الرحيم فخامة رئيس وزراء الهند، فخامة رئيس جمهورية زيمبابوي، ورئيس الاتحاد الإفريقي، أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات، السيدات والسادة، يطيب لى فى البداية أن أتوجه بالشكر والتقدير لدولة رئيس وزراء الهند ولشعب وحكومة الهند الصديقة على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وكذلك على الجهود المبذولة فى الإعداد لهذه القمة المهمة التى تنعقد تحت شعار «شراكة نشطة ورؤية مشتركة»، الذى يجسد جوهر شراكتنا وأساس عملنا المستقبلى .. فى إطار سعينا لترسيخ أركان التعاون بين قارتنا الإفريقية والهند. إن التحديات التى يواجهها العالم أجمع والدول النامية بشكل خاص تجعل من خيار الشراكة والتعاون الخيار الأجدى أمام حكوماتنا وشعوبنا .. وتتميز الشراكة الإفريقية - الهندية بمكانة متميزة باعتبارها أحد أهم نماذج التعاون البناء بين دول الجنوب، إذ تستند إلى تاريخ مشترك فيما يتعلق بالكفاح من أجل التحرر الوطني، كما كان هناك أثر ملموس للشراكة بين الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو فى تأسيس حركة عدم الانحياز، وفى جهود إعادة صياغة أسس النظام العالمى على نحو أكثر عدالة .. يحمى مصالح الدول النامية .. ويلبى تطلعات شعوبها نحو مستقبل أفضل. ومع تغير طبيعة التحديات التى يواجهها الجانبان.. ومجالات التعاون الجديدة التى تنامت أهميتها خلال السنوات الماضية .. كان هناك إدراك لأهمية البناء على الروابط المشتركة .. لإيجاد إطار مؤسسى للدفع قدما بهذه العلاقات فى مختلف المجالات .. حيث تم إطلاق محفل المشاركة بين إفريقيا والهند عام 2008 .. الذى نجح فى تحقيق نقلة نوعية خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادى والفنى .. ونتطلع لأن تدشن قمتنا الثالثة والوثائق الصادرة عنها آفاقا أرحب .. فيما يتصل بجهود مكافحة الفقر .. وتحسين الرعاية الصحية وتطوير التعليم وغيرها من المجالات .. وبما يتواءم مع إستراتيجيات التنمية التى أقرتها القمم الإفريقية وفى مقدمتها «أجندة 2063».. وكذلك أجندة التنمية لما بعد 2015 .. التى شاركنا جميعا فى اعتمادها بنيويورك فى الشهر الماضي. كما أود التنويه إلى أهمية تبنى مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب .. لا تقتصر فقط على الجانب الأمني.. وإنما تمتد لتشمل تجفيف منابع الإرهاب على الصعيدين الفكرى والاقتصادي السيدات والسادة، إننا نتطلع إلى تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين الإفريقى والهندى .. فى مجال تمكين الدول النامية من نيل مكانتها المستحقة .. فيما يتعلق بآليات اتخاذ القرارات الدولية ومن بينها مجلس الأمن .. كأساس لا غنى عنه لتحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية. وأود فى هذا الصدد، تأكيد أهمية الاستجابة لتطلعات وطموحات شعوب إفريقيا .. فى إزالة الظلم التاريخى الواقع عليها .. والحصول على التمثيل العادل الذى تستحقه بفئتى العضوية الدائمة وغير الدائمة بمجلس الأمن .. وفقا للموقف الإفريقى الموحد بجميع عناصره .. بالإضافة إلى أهمية إصلاح النظام الاقتصادى العالمى .. على نحو يعزز من تمثيل أصوات الأسواق الناشئة والبلدان النامية .. فى الهياكل الاقتصادية العالمية. كما أود أن أؤكد، بصفتى منسقا للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول تغير المناخ ..أهمية تكثيف التشاور بين الجانبين الإفريقى والهندى .. فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بشأن تغير المناخ .. وذلك سعيا لضمان أن يتجاوب أى اتفاق يتم التوصل إليه فى هذا الشأن بباريس فى شهر ديسمبر المقبل .. مع احتياجات الدول الإفريقية والدول النامية بوجه عام .. وأن يتضمن توفير الدعم اللازم من تمويل وتكنولوجيا .. وضرورة وفاء كل طرف بتعهداته ومسئولياته .. وفقا لمبدأ المسئوليات المشتركة وتباين الأعباء. السيدات والسادة، لعلكم تشاركوننى الرأى .. فى أهمية إيجاد حلول فعالة للنزاعات القائمة فى العديد من مناطق قارتنا الأفريقية .. التى تعتبر من أهم معوقات التنمية .. وإذ نتأمل التحديات التى تواجه قارتنا اليوم .. فإننا ندرك الحاجة إلى تكثيف الجهود وحشد الموارد لتفعيل مبدأ «الحلول الإفريقية للمشكلات الأفريقية» .. وهو ما نسعى لتحقيقه كذلك فى إطار شراكتنا الطموحة مع الهند .. ونثمن فى هذا الشأن إسهام الهند الفاعل على صعيد عمليات حفظ السلام الأممية فى القارة .. ودعم جهود الاتحاد الإفريقى .. لاستكمال تفعيل المكونات المختلفة لبنية السلم والأمن الإفريقية. وأود الإعراب فى هذا السياق، عن بالغ تقدير بلادى للثقة التى حظيت بها مصر فى الانتخابات التى أجرتها الجمعية العامة منذ أيام .. وأسفرت عن اختيار مصر لتمثيل قارتنا الإفريقية فى مجلس الأمن لعامى 2016 - 2017 .. وأؤكد على أن مصر تعتزم من خلال عضويتها فى المجلس .. التركيز على أولويات قارتنا فيما يتعلق بمسائل السلم والأمن .. والعمل على التوصل لحلول فعالة لما تعانيه دولنا من نزاعات ومشكلات. أؤكد كذلك أهمية تعزيز التنسيق مع شركائنا فى الهند .. فيما يتعلق بالتعامل مع الأنماط غير التقليدية للمخاطر التى تهدد السلم والأمن .. وفى مقدمتها الإرهاب والقرصنة .. والجريمة المنظمة العابرة للحدود .. التى تمتد تداعياتها لتهدد الأمن والاستقرار فى منطقتينا. كما أود التنويه إلى أهمية تبنى مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب .. لا تقتصر على الجانب الأمني.. وإنما تمتد لتشمل تجفيف منابع الإرهاب على الصعيدين الفكرى والاقتصادى .. ولا يفوتنى أن أشير إلى الدور الذى يضطلع به الأزهر الشريف لنشر رسالة الإسلام السمحة ومواجهة الأفكار المتطرفة.. كما يتعين تعزيز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية .. وإيجاد فرص عمل للشباب .. الذين يلجأ العديد منهم إلى تبنى العنف بسبب البطالة وانسداد الأفق الاقتصادي. القادة الأشقاء .. السيدات والسادة، أود أن أؤكد أهمية الدفع قدما بالتعاون الإفريقى - الهندى فى مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية .. وتعزيز جهود الاندماج الإقليمي.. وفى هذا الصدد، فقد استضافت مصر فى يونيو 2015 قمة التكتلات الإفريقية الثلاثة .. التى شهدت التوقيع على اتفاق إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة فى إفريقيا تضم ستا وعشرين دولة..وهو ما يمثل نقلة نوعية على مستوى التجارة البينية الإفريقية .. ويعزز من جاذبية الأسواق الإفريقية للاستثمارات الأجنبية .. وأعرب عن تطلعنا اتصالا بذلك لزيادة الاستثمارات الهندية فى الدول الإفريقية.. للاستفادة بما يتيحه هذا الاتفاق من فرص واعدة. كما أود أن أنوه فى هذا المقام .. إلى استضافة مصر منتدى الاستثمار والتجارة فى إفريقيا .. خلال الربع الأول من عام 2016 .. الذى يستهدف التعريف بفرص الاستثمار والتجارة التى تزخر بها القارة الإفريقية .. بما تمثله من سوق ضخمة وما تمتلكه من إمكانيات واعدة فى مختلف القطاعات الاقتصادية ومن بينها الصناعة والزراعة والطاقة .. وثقتى كاملة فى أن مستقبل التجارة والاستثمار فى إفريقيا .. سيكون واعدا مزدهرا وسيسهم بفاعلية فى بناء مستقبل هذه القارة .. وتحقيق آمال وطموحات شعوبها. من ناحية أخري، أؤكد أهمية تكثيف الاهتمام بقطاع البنية الأساسية .. من خلال مشروعات عملاقة ضمن برامج وخطط متفق عليها وقابلة للتنفيذ .. بهدف تعزيز التكامل الإقليمى .. ويطيب لى التنويه فى هذا الصدد، بقيام مصر منذ شهور قليلة بافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.. هذا المشروع الواعد الذى لا ينظر إلى القناة باعتبارها ممرا ملاحيا عالميا فحسب .. ولكنه يأتى ضمن مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس .. الذى سيجعل من مصر مركزا إقليميا ودوليا للتجارة والاستثمار والخدمات .. وأدعو أشقاءنا الأفارقة وشركاءنا فى الهند للإسهام فى تنفيذ المشروعات المقرر إقامتها فى إطاره .. لمردودها وعوائدها الاقتصادية الواعدة. السيد الرئيس، إن اجتماعنا اليوم ما هو إلا خطوة على مسيرة التعاون الإفريقى الهندى .. وفى هذا الإطار، فإن مصر باعتبارها بوابة إفريقيا نحو الشرق وجسرا للتواصل مع آسيا .. وفى ضوء ارتباط شعبها على مر العصور بعلاقات تاريخية وثيقة مع الشعب الهندى الصديق .. وامتداد التنسيق السياسى والتعاون الاقتصادى والثقافى بينهما فى السنوات الأخيرة إلى آفاق رحبة .. لتؤكد عزمها المساهمة بفاعلية فى الدفع قدما بالشراكة الإفريقية - الهندية .. من خلال الإسهام الفاعل والبناء فى تنفيذ خطة العمل وإطار التعاون .. وبما يحقق مصالح شعوبنا ويلبى تطلعاتها فى إرساء الأمن والاستقرار.. وتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. شكرا لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.