إذا كان الإدلاء بالصوت فى صندوق الانتخاب حقا دستوريا لكل مواطن.. فهو فى ذات الوقت واجب حتمي.. عليه أن يؤديه.. فهو فضلا عن أنه واجب وطنى وفرض عين على كل مصرى ومصرية.. لأن من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.. وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. فإن صوت الناخب هو شهادة عليه أن يؤديها ويحظر عليه شرعا أن يمتنع عن آدائها.. وذلك امتثالا لأمر الحق تبارك وتعالي: «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه».. والإثم إذا ما انتاب القلب فهو أشد الآثام وأكثرها نكرا وأقساها ظلما لقوله تعالى : «ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله».. كما أن الإدلاء بالصوت الانتخابى هو أداء لأمانة يؤديها المرء إلى من يستحقها.. انصياعا وامتثالا لأمر الحق تبارك وتعالي: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها».. وإن أداء الأمانة إلى أهلها هو إرضاء لله تعإلى لأن عدم أداء الأمانة إلى أهلها هو خيانة.. وخيانة الأمانة جاءت مقترنة بخيانة الله ورسوله.. وحاشا لمن فى قلبه ذرة من الإيمان أن يخون الله ورسوله أو أن يخون أمانته ذلك أنه يستحضر دائما أمر الله تعإلى له: «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول، وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون».. وفضلا عن ذلك كله فإن الإدلاء بالصوت الانتخابى لمرشح دون مرشح آخر هو حكم يصدره الناخب وكأنه قاض بأفضلية مرشح على غيره مما يجب معه أن يتحرى الدقة فى إصدار هذا الحكم وأن يلتمس طريق العدل الذى لا ظلم فيه.. ذلك قوله تعالي: «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل». هذا من حيث مبدأ وجوب أداء الشهادة وهو أمر حتمى لالبس فيه ولا التواء.. ولكن موضوع الشهادة كما أشرنا إلى أنه بمثابة حكم ينبغى أن يصدر عادلا منصفا لا ظلم فيه.. ومن الظلم البين والإجحاف الالتواء بموضوع الشهادة إذا لم تنصب على اختيار الأصلح والأرضى لله من المرشحين.. فقد جاء فى معنى الحديث الشريف «أنه من ولى من أمر المسلمين شيئا فولى عليهم رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله».. وأن «من استعمل أحدا على عصابة (أى جماعة الناس) وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين».. كما أن الناخب يكون مزورا فى شهادته مضيعا لأمانته ظالما فى حكمه اذا اختار نائبا ليس جديرا بنيابته وآثره على من هو أفضل منه.. فإنه آنذاك يواجه بحكم ما ورد فى معنى الحديث الشريف أن «من ولى من أمر الأمة أحدا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله والملائكة، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم».. كما أن من يسعى إلى النيابة وهو غير مؤهل لها.. إنما نذكره بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابى الجليل أبى ذر حين طلب الإمارة فأشفق عليه الرؤوف الرحيم وقال له: «يا أبا ذر إنها أمانة وهى يوم القيامة خزى وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه منها». وهكذا تنعقد مسئولية الناخب أمام الله.. وطنية وخلقا ودينا، عن صوته الانتخابى إذا امتنع عن أدائه.. أو أداه على غير وجهه الصحيح. لمزيد من مقالات المستشار عبدالعاطي الشافعي