فى نفس الموعد من كل عام تتعامد الشمس مرتين على معبد ابو سمبل لتضئ وجه الملك رمسيس داخل حجرته فى قدس الاقداس احتفالا بيومى مولده وتتويجه . الرائع فى هذا الامر ليس فقط إضاءة وجه رمسيس بل ما قرأته لعالم المصريات بسام الشماع .
يقول الشماع ان الشمس فى منطقة قدس الاقداس تقطع مسافة 60 مترا، لتضيء وجه 3 تماثيل هي من اليمين إلى اليسار: رع حور آخت اله الشمس (يظهر على شكل إنسان برأس صقر وهو صورة من صور إله الشمس عند المصريين القدماء)، ورمسيس الثاني (حكم من 1279 إلى 1213 ق.م)، وآمون رع (إله الشمس لدى المصريين القدماء)، بخلاف تمثال الرب بتاح (رمز العالم السفلي عند المصري القديم) والذي لا يضيء.
وتتمثل عبقريه المصرى القديم كما اوضحها الشماع في أن الشمس تضيء ثلاثة تماثيل ولا تضيء الرابع لانه تمثال الرب بتاح و (بتاح) يمثل رمزا للعالم السفلي، وهو العالم المظلم في عقيدة المصري القديم، ومن ثم فإن إضاءة هذا التمثال ستكون متناقضة مع وظيفته. ولم يقف اعجاز تلك الظاهرة على إضاءة هذه التماثيل بل في تفصيلة أخرى لا تحظى بالاهتمام الإعلامي وهي لوحة جداريه على يمين المعبد تظهر مجموعة من الجنود وهم يضربون باستخدام العصا جاسوسا من الحيثيين الذين حاربوا الملك "رمسيس الثاني في معركة قادش الثانية. ومعركة قادش الثانية وقعت بين قوات الملك رمسيس الثاني ملك مصر والحيثيين بقيادة الملك مواتللي الثاني بمدينة قادش التي تقع على الضفة الغربية لنهر العاصي في سورياجنوب بحيرة حمص بعدة كيلو مترات ، وهذه المعركة مؤرخة في العام الخامس من حكم الملك رمسيس الثاني، أي حوالي عام 1274 ق.م على وجه التقريب. ويقول الشماع: "من المفارقات أن هذا الجاسوس وهو أول جاسوس في التاريخ قام بهذه المهمة كي يتم القبض عليه ويدلي بمعلومات خاطئة تضلل جيش الملك رمسيس الثاني في حربه مع الحيثيين".
وتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني ظاهرة اكتشفتها عام 1874 المستكشفة الانجليزية إميليا إدواردز والفريق المرافق لها، وسجلتها في كتابها المنشور عام 1899 (ألف ميل فوق النيل).
الجدير بالذكر أن تعامد الشمس على تمثال رمسيس كان يحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام قبل عام 1964، إلا أنه بعد نقل معبد أبوسمبل و تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي في بداية الستينات من موقعه القديم الذي تم نحته داخل الجبل إلى موقعه الحالي، أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، وذلك لتغير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد .
لا اخفيكم سراً اننى لا استطيع ان اتوقف عن الإنبهار بتلك الحضارة الفرعونية التى مازالت وستظل دوما كنزا مملوءاً بالألغاز والانجازات. لمزيد من مقالات نيفين عماره