قد لا نتصورأن هناك علاقة وثيقة بين الأزمة المالية فى اليونان والموجة الحارة التى أجتاحت بلادنا ومستمرة منذ أكثر من شهر، وانهيار البنوك فى الأزمة التى شهدها العالم فى عام 2008 وحرق الوقود الطبيعى أو الطاقة غير المتجددة والنمو الاقتصادي. ولكن العلاقة بين كل ما سبق، ليس فقط وطيدة، ولكنها كلها تعكس نتيجة واحدة، وهى فناء الأرض، لذلك كتب جون سكيلز آفيري، أستاذ كيمياء وطبيعة فى جامعة كوبنهاجن فى الدنمارك، وحاصل على جائزة نوبل للسلام مع مجموعة لعملهم المشترك فى تنظيم مؤتمر بوجواش حول العلوم والشئون العالمية، سلسلة مقالات نشرها موقع «مرصد أخطاء الإنسان» على الانترنت، بعنوان «ضرورة وضع نظام اقتصادى جديد» من أجل إنقاذ الكرة الأرضية والبشرية كلها. فى مقدمة تلك المقالات أوضح آفيرى أن النمو الاقتصادى لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية. وإن كان نموا يصل الى 4% يثير غبطة لدى رجال الاقتصاد لأنه بالنسبة لهم، يعكس إزدهارا اقتصاديا، فإنه فى الحقيقة النمو الاقتصادى له حدود، لأن البيئة تفرض قدراتها المحدودة، ولأن كل الطاقات غير المتجددة مثل البترول والغاز الطبيعى والمعادن الى زوال. ولذلك يصبح من الحتمي، حسب قول البروفيسور الدنماركى، وقف استخدام الطاقة الطبيعية خلال بضع عشرات السنين. ما علاقة تباطؤ النمو الاقتصادى مع أزمة البنوك؟ يقول البروفيسور آفيرى إنه عندما انخفضت نسب النمو الاقتصادى، ظهرت بقوة عيوب وظلم النظام المصرفى القائم، خاصة نظام «الاحتياطى الجزئى المصرفى والذى تحتفظ من خلاله البنوك الخاصة بجزء بسيط من الأموال التى أودعها العملاء فيه، وتقرض الجزء الأكبر فى عمليات خارجية، وهو ما وصفه البروفيسور آفيرى بأنه عملية سك نقود يقوم بها البنك الخاص ويضعها للتداول فى الأسواق، وهى مهمة مقصورة فقط على الحكومة. لذلك ففى حين يتعرض الاقتصاد لهزة، ويطالب العملاء بأموالهم من البنوك، لا تستطيع الأخيرة الوفاء بإلتزاماتها. كما ألقى الضوء بشدة على العلاقة غير المريحة بين النظم المصرفية والحكومات. فبناء على النظام «الاحتياطى الجزئى المصرفى» تحصل البنوك الخاصة على أرباح الأموال، بدلا من أن تستخدمها الدولة فى تقديم خدمات اجتماعية للمواطنين. وهو ما اعتبر تزويرا. وبسبب تلك العلاقة الوطيدة قام البنك المركزى الفيدرالى الأمريكى بدفع اكثر من 7 ونصف تريليون دولار من أموال دافعى الضرائب من أجل انتشال بعض البنوك من أزمتها فى عام 2008؛ وهى المشكلة التى تواجهها اليونان والتى تثبت أن النظام الاقتصادى الحالى لا يعمل جيدا؛ وما علاقة كل ما سبق بتدهور البيئة؟ يشير البروفيسور آفيرى الى أن علم الطبيعة يؤكد أنه من الضروري، بل من الملح، استخدام البيئة فى حدود قدراتها الاستيعابية، وإلا ساهمنا فى تدميرها الى أمد بعيد. مثل قطع أشجار الغابات بشكل مستمر بحيث يتجاوز قدرات الغابة فى تجديد نفسها ؛ وكذلك الحال عندما يتجاوز الرعى قدرات المراعى فى النمو؛ كما أن تجاوز حدود الصيد يؤدى الى انقراض أنواع كثيرة من الثروة السمكية، بينما تتدهور الاراضى الزراعية بسبب التجريف او الأملاح الزائدة أو البناء عليها. لمزيد من مقالات ليلى حافظ