ما الذى ينقصنا أو نحتاج إليه ليكون عندنا بحق أدب للأطفال نعتمد عليه فى تكوين شخصية ووجدان أطفالنا بدلا من وقوعنا المستمر أسارى فى أيدى الأخوين جريم وهانز كريستيان اندرسون أو جى.كى. رولنج مؤلفة سلسلة كتب مغامرات هارى بوتر الأمريكية الغارقة فى السحر والخرافات والخيال الجامح الى حد الهوس؟ إن خطورة غياب أدب حقيقى للطفل العربى نابع من بيئته وأصوله وتراثه هى أن طفلنا يقرأ أدبا ينبت فى أرض ليست أرضه، متكئا على تراث وقيم غريبة لا يعرفها الطفل العربى الأمر الذى يهدد بتغيير ولاء وانتماء أطفالنا من فكر الى فكر ومن أرض الى أرض فتبهت هويته وتختفى ملامح شخصيته فيسقط تاريخ بالكامل تحت سنابك عولمة لا تعترف إلا بالقوة فى كل المجالات وأولها الثقافة بالطبع. إن مشكلة أدب الطفل تأخذ وجوها متعددة أحدها غياب أدب الطفل عن خطة الدولة. واسألوا أحد أهم من إكتوت أياديهم بنار أدب الطفل الكاتب شهاب سلطان الذى فاز بالعديد من جوائز أدب الاطفال داخل وخارج مصر واسمعوه يقول ان الجائزة وحدها لا تكفى اذ لا تسمع بها إلا دائرة محدودة والمطلوب هو اهتمام هيئة الكتاب ثم الناشر الخاص الذى يبحث عن المكسب عارفا بمحدودية توزيع كتب الأطفال. وسؤال ثان مهم هو ماذا يمكن أن نقدم لأطفالنا فى القرن الحادى والعشرين؟ هل سنظل نقدم لهم حكايات الشاطر حسن وأمنا الغولة أم نتركه لخرافات هارى بوتر والبطة دونالد والفأر ميكى؟ ثم أين الخيال العلمى من أدب الاطفال أم أن الموضوع يحتاج الى لجنة من المتخصصين لبحثه. إن تاريخنا يزخر بالشخصيات الادبية والعلمية والسياسية والعسكرية التى يمكن أن تُقدم لأطفالنا لوصل الماضى بالحاضر. إن الكتابة للطفل فمن صعب يحجم عنه معظم أدبائنا ظانين أنه أدب من الدرجة الثانية لا يليق بأسمائهم والعكس هو الصحيح وعندنا ما كتبه أحمد شوقى أمير الشعراء من قصص الحيوان شعرا للصغار والكبار وحكايات نبوية موسى إحدى أهم رائدات التعليم والحركة النسوية فى مصر، ولعلنا فى هذا المجال لا ننسى أسماء لها وزنها مثل أحمد بهجت ومحمد سعيد العريان وكامل كيلانى وعبد التواب يوسف. والآن ماذا نحن فاعلون؟ وهل سنترك أطفالنا لأدب ملون فاخر الطبع لكنه وهذا مكمن الخطورة مستورد لأبطال وحكايات صنعت فى بيئة لا يعرفونها ووسط ثقافى لا يعرف ثقافتنا وان عرفها لا يعترف بها, والنتيجة واحدة وهى أننا نترك هذا الأدب المستورد يسحب من أطفالنا ولاءهم وانتماءهم لثقافتهم وموروثهم والأخطر الانتماء لأوطانهم التى يرون أنها لم تقدم للأدب شيئاً من تاريخ أبطالها وأبطال تاريخها يستحق أن يكتب أو يروى وتكون النتيجة أن انتماءاتهم تنصرف الى الاتجاه المعاكس وهو ما نراه الآن وبشدة فى شبابنا الذى يقلد الغرب فى كل شىء بل ويتعامل بلغته ويفاخر بها على حساب لغته العربية. إن واحداً من أهم واجباتنا الآن هو أن نربى أطفالنا وهم شباب المستقبل الذين سيعيدون بناء وطنهم. بأن نغرس فيهم حب الأرض والخير والبناء والسلام من خلال ما نقدمه لهم فى أخطر فترة فى حياتهم من نماذج للوطنية والمروءة والايثار والتضحية فى كل الاتجاهات وتاريخنا والحمد لله ملىء بمثل هذه الشخصيات عربيا ومحليا قديما وحديثا. لمزيد من مقالات سامى فريد