حصل موظف على ترقية .. إلتحق طالب بالكليات العسكرية .. عينت فتاة في مؤسسة ضخمة .. مريض يدخل للطبيب قبل غيره .. العديد من المواقف الحياتية واليومية لا يجد المصريون تعليقا عليها الا في كلمة واحدة «كوسة» ، لكن ألم نسأل أنفسنا يوما لماذا الكوسة بالذات هي التى تتعرض لهذا الظلم البين دونما أنواع الخضروات الأخرى ؟ خد عندك يا سيدي .. في العصر الفاطمي كان المزارعون والتجار يستيقظون مبكرا لعرض سلعهم ولكن أبواب السوق تكون مغلقة ويظلون خارجه الى أن يفتح جباة الضرائب الباب ويدخلون فردا فردا بعد دفع الضريبة ، ولأن الكوسة من أكثر الثمار التي تتلف سريعا ، فقد تقرر دخول تجارها في أول الطابور خصوصا في الأيام شديدة الحرارة ، ونتيجة للفهلوة المصرية المعهودة فقد قام بعض المزارعين بالدخول ببضائعم وهم يصيحون «كوسة» فيمرون بينما تكون ثمارهم بلح مثلا أو برتقالا ! وهنا تتضح الرؤية الشبورية اللعنة الفرعونية ، منذ العصور الأبدية ولكن اذا كان كل ما حولنا يتغير حتى المناخ الذي أصيب بلعنة «الاحتباس الحراري» فلما لا نتغير نحن وفقا للنظرية الكونية في المأثورات الخزعبلية ، وما الذي سيحدث اذا كان تعليقنا على ذلك المريض الذي دخل قبل الآخر بأنه أكثر ألما وربما حالته حرجة لا تمكنه من الانتظار ، ولما لا نبارك لذاك الطالب الذي تجاوز اختباراته الطبية والرياضية وكشف الهيئة ونوقن بأنه يستحق ! وما الذي سيحدث لو غمرتنا السعادة لزميل لنا حصل على ترقية فربما كان كفء لها واحتمال أن تكون أدواته وموهبته كانت هي المسببات الفعلية لنجاحه بعيدا عن علاقته بفلان أو علان . والأهم عزيزى القارىء .. لماذا يمنح كل منا نفسه شرف عضوية لجنة التحكيم على سلوك الآخر ؟ فينتفخ الوجه وتحملق الأعين وينطلق اللسان دون تريث او استئذان بالافتكاسات والتكهنات والفتاوي اعمالا بنظرية «أبوالعريف في فنون التأليف « وتشير الأصابع الى عشرات الأسباب الارتجالية الاحتمالية : أصله صاحب فلان .. أصله نسيب علان .. أصله قريب ترتان ، وتنتقل التأليفات والتحريفات الى خيار آخر يضعك في خانة الياك ، حين يخرج التصريح : أصله من شلة السيد المسئول ! تعدد الأسباب والشائعات واللمزات والنتيجة الوحيدة أن يصبح اي شخص ناجح فريسة لأعضاء التحكيم الذين دائما ما يحكمون على النجاح بأنه خاضع لنظرية «الكوسة في مصر المحروسة» لا لشيء الا لأن نظرهم المقصور لن يرى أن ذلك الشخص أنجح منهم وأمهر منهم – فالعين ما تحبش الأحسن منها- وكأن تصريحاتهم تلك ما هي الا مبررات شبه منطقية لتردي أحوالهم الوظيفية وربما الاجتماعية . وإحقاقا للحق فعلينا الا نجزم بتلك النظريات فلكل قاعدة شواذ ، وعليه فإن مرض الكوسة قد استشرى في مناطق عدة داخل الجسد المصري فليست كل الأيادي ناصعة البياض ، وحتى لا نصاب بالإحباط الشديد فلابد من الاعتراف بأن هذا المرض العصري ليس حصريا على الشعب المصري ، واحتمالية معالجته ممكنة من خلال جهاز كشف الكوسة وأتمنى أن يكون بعيدا عن أجهزة الكفتة .. وارجع تاني وأقولك «البلد من غير كوسة تبقى آخر حوسة « ! [email protected]