تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    "نقل النواب" تطالب بالجدية في تنفيذ المشروعات: "لسنا في رفاهية الحلول المؤقتة"    توريد 503 أطنان.. انطلاق موسم توريد الأقماح المحلية بالإسكندرية    نشرة التوك شو| انخفاض جديد فى أسعار السلع الفترة المقبلة.. وهذا آخر موعد لمبادرة سيارات المصريين بالخارج    الارتفاع يسيطر.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    رئيس شعبة الدواجن يزف بشرى للمواطنين بشأن الأسعار    بعد 3 أيام من المقاطعة.. مفاجأة بشأن أسعار السمك في بورسعيد    "المالية": تقديم مشروع الموازنة العامة للدولة أمام البرلمان حدث تاريخي    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    إعلام عبري: مخاوف من إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لمسؤولين بينهم نتنياهو    بالأرقام| 200 يوم من الحرب الإسرائيلية على غزة    لازاريني: 160 مقار ل "الأونروا" بقطاع غزة دُمرت بشكل كامل    مسئول أمريكي: خطر المجاعة «شديد جدًا» في غزة خصوصًا بشمال القطاع    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان غزة يعانون من الجوع    شبانة: إمام عاشور لن يشارك أمام مازيمبي وأوباما مطلوب في بيراميدز    الدوري الإنجليزي.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مهيب عبد الهادي يكشف موقف إمام عاشور من الرحيل عن الأهلي    اسكواش - تأهل فرج ونور الشربيني لنصف نهائي الجونة.. ومؤمن يُقصي بطل بيرو    نصار يكشف كواليس مفاوضات الأهلي مع أبو جبل    بوكيتينو: مباراة أرسنال كانت بمثابة إهانة لنا.. وكنا ضعفاء وغير عدوانيين    أكبر قضية غسل أموال، حبس تشكيل عصابي لتجارة المخدرات    تفاصيل إصابة 3 أشخاص بينهم عروسان إثر انقلاب سيارة في ترعة بالبحيرة    3 أشهر .. غلق طريق المحاجر لتنفيذ محور طلعت حرب بالقاهرة الجديدة    أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تحول الصور والمقاطع الصوتية إلى وجه ناطق    القبض على المتهمين بإشعال منزل بأسيوط بعد شائعة بناءه كنيسة دون ترخيص    مصرع سائق سقط أسفل عجلات قطار على محطة فرشوط بقنا    العثور على جثة شاب طافية على سطح نهر النيل في قنا    العثور على جثة سيدة مجهولة الهوية في ترعة الجعفرية بالغربية    برج العذراء.. حظك اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 : لقاءات مثيرة    أجبروا مصور على مشاهدتها، دعوى قضائية ضد ميجان ذا ستاليون بسبب علاقة آثمة    نشرة الفن: صدي البلد يكرم رنا سماحة .. إعتذار أحمد عبد العزيز لصاحب واقعة عزاء شيرين سيف النصر    فريد زهران: الثقافة تحتاج إلى أجواء منفتحة وتتعدد فيها الأفكار والرؤى    "رحلة ونس العمر".. محمود سعد يكشف أسرارا جديدة من حياة صلاح السعدني    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    حكم تنويع طبقة الصوت والترنيم في قراءة القرآن.. دار الإفتاء ترد    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة من الشباب بقيادة المخرج عمرو سلامة    بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 (آخر تحديث)    لا بديل ولا غنى عنه للشعب الفلسطيني.. بوريل يشيد بتقرير الأمم المتحدة حول الأونروا    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    عصام زكريا: الصوت الفلسطيني حاضر في المهرجانات المصرية    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    رئيس هيئة الاستعلامات: الكرة الآن في ملعب واشنطن لإيقاف اجتياح رفح    واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأمريكية بعد هجومين جديدين    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    بعد تأهل العين.. موعد نهائي دوري أبطال آسيا 2024    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤلف والممثل والجمهور فى الإعلام !
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 10 - 2015

السيف أصدق أنباء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب، بيض الصحائف لا سود الصحائف فى متونهن جلاء الشك والريب، والعلم فى شهب الأرماح لامعة بين الخميسين لا فى السبعة الشهب، كانت هذه أشهر أبيات القصيدة الطويلة التى مدح فيها الشاعر العربى الكبير (أبو تمام) الخليفة العباسى (المعتصم بالله) بعد انتصاره على الإمبراطورية البيزنطية وفتح (عمورية) بعد استغاثة المرأة العربية الشهيرة: وا.. معتصماه!
ومن البديهى ألا يكون هدفى من ذكر أبيات (أبوتمام) التباهى بموقعة تاريخية مهمة فى التاريخ العربي، أو كما يفعل الديماجوجون بالتباكى على زمن العز والكرامة الذى ضاع!، ولكن أهمية التاريخ لا تكمن فى وقائعه وأحداثه، ولكن فى فهم مغزى الحدث، والمعنى الذى حرك الوقائع، وهذا المعنى يتكرر مادامت الإنسانية تتفاعل، عكس وقائعه التى لا تتكرر أبدا، فكل أمر مرتبط فقط بزمنه وأشخاصه، وفلسفة العصر التى تحكمهم مهما بلغت عظمتهم!
المعنى الذى مجده (أبو تمام)، وأراه مفيدا فى وقتنا الراهن، هو تمجيد القوة والحسم، ومعرفة الخطر ومنابعه، ومواجهتها بالقوة التى تستحقها لتسحقها، بلا ميوعة أو هروب، تحت دواعى الشك والريبة من المواجهة، فقد واجه (المعتصم بالله) إمبراطورية قوية، وحذره المنجمون من نتيجة الحرب، وإن الشهب السبعة التى اعتمدوا عليها لمعرفة الغيب، تؤكد أن لا قدرة للجيوش العربية بجيوش (توفيل بن ميخائيل) إمبراطور البيزنطيين،الذى هدد البلاد الإسلامية وخرب المدن والقرى الإسلامية المتاخمة لإمبراطوريته، وهتفت سيدة من بلدة (ملطية) التركية (وامعتصماه)، بعد أن قتل وهدم وسبى القرية بكاملها، فلم يلبى (المعتصم بالله) من باب الشهامة العربية النداء من أجل إمرأة، ولكن من أجل الدولة، لم يكن (توفيل) ليقنع بما أخذ، مادام لا يوجد من يقف أمامه، ويوقف زحفه، فإن لم يذهب إليه (المعتصم)، فبلا أدنى شك فإنه سيجيء إليه، ليسيطر على الدولة الإسلامية بالكامل برجالها ونسائها أجمعين وهو ما حدث للدول العربية الواحدة بعد الأخري، حتى أوقف البطل (عبدالفتاح السيسى) الخراب العربى!
فدرس المعتصم الكبير هو معرفة مصدر الخطر عمليا وإلى أين يتجه وماهى أطماعه، وحدود قوته وأهدافه، ثم الدفاع المنظم بتجميع القوى المتاحة، واستخدام ما يتيحه العصر من قوة، واستحضار ما يلزم من عزيمة لدفع الخطر، قبل أن يصل إلى أعتاب منزلك، ونحن الآن نواجه خطرا حديثا لا يتعلق بقوة السلاح فقط، لكن خطر يهدد الهوية الحضارية الجامعة للمنطقة العربية التى تتميز بعوامل مشتركة تاريخية وثقافية!
بعد حرب الهويات المحبوكة، أصبح الحلم العربى الحفاظ على الدول العربية المنقسمة من انقسامات جديدة بإحياء الأيديولوجيات منتهية الصلاحية، أو اللعب على الغرائز الدينية!
كان الإعلام أهم الأسلحة الفتاكة لتدمير الهوية العربية، مثلهم مثل سحرة المعتصم، فيدمر العرب والمسلمون أنفسهم بأيديهم، بعد أن فشل الاستعمار الأمريكى بفرض سيطرته الكاملة على الأرض، فى أفغانستان والعراق وليبيا، بقوة السلاح الغاشم الباطش، فاستخدمت الأيديولوجيات التى تعاديها، لكى تعادى بعضها البعض أولا، فلا يبقى منها إلا القليل، الذى تستطيع تدميره فيما بعد بسهولة، فكانت الوسائل الإعلامية من فضائيات وشبكة التواصل الاجتماعى تعج بالتشكيك عن حق وعن كذب، فاختلطت الأوراق، لتنفجر الأوضاع فى وجه الحكومات العربية وتتساقط واحدة تلو الأخرى إلى غير رجعة، فلا يخفى على أحد أهمية الإعلام فى التدمير أو البناء! فالإعلام أصبح منصة حرب لا قنوات تسلية! ولا يصح فى زمن الحرب أن يترك الجمهور لقوى التلاعب!
مسرح الإعلام أصبح معلوما للجميع من فيه، «المؤلف» الذى يرسم أدوار «الممثل» الذى نراه، لكى يشكل اتجاهات رأى عام معينة، وينتج وعيا زائفا لأهداف المؤلف والمنتج، فلا ننتظر إعلاما ناضجا من أصحاب المصالح الاستعمارية، أو رجال الأعمال أصحاب المصالح الاستثمارية، فأنتج إعلام مشكاح وريمة وما على الاثنين القيمة، لا يقدم قضايا ناضجة، ويكون حلقة وصل بين الرأى العام ومشكلاته الكبرى وبين صانعى القرار فى الدولة ومؤسساتها، بينما يكتفى الإعلام النيء بشكله العام بالإثارة والتركيز على قضايا فردية، ويوجد منها حالة اجتماعية كاذبة، لصناعة اليأس، كما حدث مع طالبة صفر الثانوية العامة، وما أخذته من جدل فى جميع وسائل الإعلام، فإذا كان من مصلحة الأعداء ومصالحهم إغراقنا فى إعلام السخرية والنقورة، الذى يكفى أن يبدأه عميل فى أمريكا ، ليجر وراءه عددا لا بأس به من الهلافيت ليعوموا على عومه، لكسر الأمل فى نفوس الناس، التى تحتاج لمن يقوى عزيمتها للعمل، ويدلها على حل المشكلات والأزمات الاجتماعية، التى تحاصرهم، ويحاصر العادات السلبية، ويبنى تقاليد وقيم إنسانية عميقة، تحتاج لعملية تثقيف مكثفة، لإعادة بناء الواقع وتكوين اتجاهات جديدة، ترفض الهبل والشعوذة، وترتب الأولويات، وتفرح بالإنجاز، أملا فى المزيد، وتوسع نسق المعتقدات وكسر الأغلال الوهمية، كل هذا وأكثر يقع على عاتق الإعلام، ويحتاج إلى «مؤلف» وطنى يرسم الطريق «للممثل» الإعلامى الذى يعى خطورة دوره الناضج فى فترة حرجة لا تحتمل الإعلام النيء المضر بالجمهور الوطنى كله.
لمزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.