"قضيت نحو 35 عاماً من حياتى العسكرية بين القنطرة والعريش والإسماعيلية ولذا كنت أحفظ سيناء وأرضها بشكل دقيق ولذا وبعد انتصار أكتوبر المجيد أهدانى أهل سيناء وقواتنا فى تلك المنطقة أول علم رفعه الجنود على الضفة الشرقية للقناة بعد العبور لها يوم السادس من أكتوبر تقديراً منهم لخدمتى فى هذه المنطقة لسنوات طويلة وعرفاناً بعلاقتى الطيبة مع شيوخ القبائل هناك ". هكذا تحدث المشير احمد اسماعيل على وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة المصرية فى الفترة من 62/10/1972 حتى وفاته فى 25 ديسمبر 1974 فى مذكراته وذلك بعد ان عزله الرئيس جمال عبدالناصر فى 9 سبتمبر من عام 1969عقب قيام اسرائيل بالإغارة على منطقة الزعفرانة ولما علم الرئيس جمال عبد الناصرالذى كان مع الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية واللواء أحمد إسماعيل على رئيس الأركان يتابعون أحد الانشطة التدريبية وصلتهم أخبار عن إنزال اسرائيلى فى منطقة الزعفرانة وأستغلت إسرائيل الحدث أعلاميا فأمر الرئيس جمال عبد الناصر اللواء أحمد إسماعيل بالتوجه لموقع الحدث وإدارة المواجهة من هناك مباشرة غير أن إسماعيل عاد للقاهرة لاقتناعه بأن أداءه سيكون أفضل من قلب غرفة العمليات هنا قرر عبدالناصرعزله ومعه اللواء فؤاد ذكرى قائد القوات البحرية والذى فشل فى اعتراض الإنزال الإسرائيلى وعن هزيمة 67 يقول اسماعيل "وأدركت صدق حدسى فى السابق من أننا اندفعنا فى مغامرة عسكرية وسياسية غير محسوبة وغير متوازنة، وأنها لم تُبن على معلومات وخطط دقيقة والأكثر كارثية ويواصل قائلا " أنه لم يكن هناك تكامل بين الرؤيتين العسكرية والسياسية لقد كان كل منهما يسير فى اتجاه رغم الدفع بالحشود العسكرية لسيناءويضيف مستغربا ايضا " ولكم أن تتخيلوا حجم الغموض والكارثية حينما أعترف أننى كرئيس أركان لقوات جبهة سيناء لم أكن أعلم على وجه اليقين مهام القوات التى تم حشدها فى سيناء وهل ستقوم بالدفاع أم الهجوم؟ " ويشير الرجل الموقف عسكريا "ووجدت أننا لم نبدأ الضربة القتالية فى ساحة المعركة العسكرية لكننا كنا البادئين سياسياً وبشكل يوحى لإسرائيل والعالم أننا بصدد المبادرة بتوجيه ضربة عسكرية لها وذلك باتخاذ عدد من القرارات ومنها قرار عبدالناصر لقوات الطوارئ الدولية بترك المنطقة العازلة بيننا وبين إسرائيل منذ عام 1956 فى الوقت الذى لم تحل محلها قوات عسكرية مصرية وبين المشهد السياسى المندفع فى قراراته وبين المشهد العسكرى المرتبك فى رؤيته وأهدافه تعرض المقاتل المصرى لأسوأ عملية عسكرية لم تتح له فيها حتى فرصة الدفاع عن نفسه وسمعته القتالية والدليل ما قامت به القوات العسكرية بالعريش التى لم تتوقف عن قتال العدو إلا بعد صدور الأمر السياسى لها من القاهرة بالانسحاب أثناء عملية القتال كان الانسحاب ذاته كارثة أخرى" فى 14 يونيو القرار بعزله واحالته للتقاعد شعر اسماعيل بالمهانة لأنه ادى دوره على أكمل وجه فقد ارسل خطابا للرئيس عبدالناصر يستفسر عن قرار إقالته وجاء الرد بعودته للخدمه وتعيينه رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة وفى 25 يونيو تقرر تعيينه قائدا للجبهة وعن الأوضاع التى شاهدها اسماعيل عقب تعيينه قائدا للجبهة خلفا للواء صلاح الدين محسن ما الحالة الاستراتيجية فهى رقعة من أرض الوطن يحتلها العدو وجبهة قتال مكشوفة وسيطرة جوية كاملة للعدو على غرب القناة، وقوات ضئيلة جداً ومبعثرة وأسلحة غير صالحة للعمل وروح معنوية منهارة نتيجة الصدمة العصبية التى جعلت اليأس يسيطر على تفكير البعض كنت أتأمل الجبهة فأرى جنوداً فى ملابس مهلهلة لم يغتسلوا منذ أيام طويلة حتى وصل الأمر إلى أن الضبط والربط الذى هو عقيدة أساسية للقوات المسلحة تحول إلى قرار اختيارى باختصار كان الموقف ميئوساً منه تماماً، خاصة أن العدو كان أمامنا يتباهى بقوته وانتصاره على مرأى من أعين جنودنا، ووصل إلى درجة أن أفراد جيش الاحتلال كانوا يسبحون فى قناة السويس، وإذا أطلق أحد جنودنا طلقة واحدة، يردون علينا بالعشرات فى 13 مايو 1971 اصدر الرئيس السادات قراره بتعيين احمد اسماعيل على مديرا للمخابرات العامة وفى 26 اكتوبر 1972 عين اسماعيل وزيرا للحربية وقائدا عاما للقوات المسلحة خلفا للفريق اول محمد صادق يومها بدا الاستعداد للمعركة التى طالما خطط لها حتى وهو بعيدا عن الخدمة لكنه الآن قائد عام للقوات المسلحة ومصر والعالم ينتظر ماذا يفعل هذا الجنرال الذى خلع بدلته العسكرية مرات قبيل العودة وخوض خمار الحرب والأنتصار فيها تخرج برتبة ملازم ثان بعدها التحق بسلاح المشاة وتم إرساله إلى منقباد ومنها إلى السودان ثم سافر في بعثة تدريبية مع بعض الضباط المصريين والإنجليز إلى ديرسفير بفلسطين عام 1945 وكان ترتيبه الأول. أشترك في الحرب العالمية الثانية التى دخلتها مصر رُغما عنها بسبب وقوعها تحت الاحتلال البريطاني كضابط مخابرات في الصحراء الغربية حيث ظهرت مواهبه في هذا المضمار. شارك في حرب فلسطين عام 1948 كقائد سرية وكان أول من ينشئ قوات الصاعقة في تاريخ الجيش المصري كما شارك في إنشاء القوات الجوية. وفي عام 1950 حصل على الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول وعين مدرسا لمادة التكتيك بالكلية لمدة 3 سنوات عندما وقع العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 تصدى له كقائد للواء الثالث في رفح ثم فى القنطرة شرق وكان أول من تسلم بورسعيد بعد العدوان. تولى قيادة قوات سيناء خلال الفترة من عام 1961 حتى عام 1965 وعند إنشاء قيادة القوات البرية عين رئيسا لأركان هذه القيادة وحتى حرب 1967 وبعد أيام من النكسة أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا بإقالة عدد من الضباط وكبار القادة وكان من بينهم أحمد إسماعيل وبعد أقل من 24 ساعة أمر الرئيس عبد الناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسا لهيئة تدريب القوات المسلحة توفى المشير أحمد إسماعيل 25 ديسمبر 1974 عن 57 عاما في أحد مستشفيات لندن بعد أيام من اختيار مجلة الجيش الأمريكي له كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكاً جديدا.