أعلنت لجنة تحكيم جائزة «مان بوكر» العالمية للرواية قائمتها القصيرة لعام 2015 أخيرا، و تضمنت القائمة 6 روايات من أصل 156 رواية، و يعد هذا العام هو الثانى للجائزة, التى تم إطلاقها منذ عام 1969 الذى يُفتح فيه الباب لكتاب الإنجليزية من مختلف الجنسيات. وتتضمن القائمة القصيرة روايات تعكس جوانب إنسانية مختلفة, فرواية » تاريخ مختصر لسبع عمليات قتل« A Brief History of Seven Killings للكاتب الجامايكي مارلون جايمس تتناول محاولة اغتيال المغني بوب مارلي الذى يشار له بالرواية دائما ب«المغنى« - وما تبعها من أحداث في جامايكا خلال السبعينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي, حيث تعكس الرواية الظروف السياسية المحلية والدولية المحيطة بجامايكا في ذلك الوقت، فهى تستكشف ما يمكن أن يحدث عندما يبحث المجتمع عن هويته وسط صراع السلطة وانعدام المساواة الاجتماعية وعنف العصابات ، وكيف قفزت موسيقى البوب لتتحول لأيقونة ثقافية بالمجتمع. وتستوحى الرواية أحداثها من محاولة اغتيال مارلى مع لمحات من سيرته الذاتية ممزوجة بتصورات نسجها كاتبها عن الأشباح والشهود والقتلة، وأعضاء البرلمان، وتجار المخدرات، و ملكات الجمال, تتقاطع جميعا معا خلال أحداث الرواية. وتدور رواية »جزيرة ساتين Satin Island » للكاتب توم مكارثى حول »U »: عالم انثروبولوجيا يعمل فى مجال تقديم الاستشارات لشركات النخبة، وقد حدد مدير »U » له مهمتين للقيام بهما، الأولى تمثلت فى مساعدته فى إطلاق مشروع كبير لا أحد من المهندسين والفنيين المسئولين عنه يفهمه جيدا، وكانت المهمة الثانية بمثابة مهمة مستحيلة, حيث طُلب منه كتابة تقرير عبارة عن انثروبولوجيا وصفية يصف من خلاله تطورات العصر الحالى. وحاول »U » التحايل على ما يعانيه من نقص شديد بالمعلومات من خلال الاستعانة بالمشاهد التى يراها حوله بالحياة والربط بينها بالرغم من كونها قد لا تبدو مرتبطة ببعضها البعض للوهلة الأولى, مثل حوادث تسريبات النفط، حوادث التزلج، وفاة غامضة لأحد هواة القفز بالمظلات، الاختناقات المرورية بإفريقيا. وخلال ذلك تقفز هواجس »U » ليرى الأشياء والأحداث من منظور مختلف عبر موجات من الخيال المتدفق وكأنه يحل لغزاً غامضاً ويسعى لوضع القطع المتلائمة للغز معا. ولا تخلو الرواية من طرح نظريات وتساؤلات فلسفية خلال رحلة »U » لكتابة تقريره. وتأتى رواية »الصيادون The Fishermen » للكاتب النيجيري شيجوزى أوبيوما لتتحدث عن الألم والشقاء والوفاء بين الأشقاء, حيث تروى حكاية مجموعة من الصيادين في بلدة صغيرة في نيجيريا في منتصف 1990 من خلال أربعة أشقاء فى ظل غياب الأب الصارم عن المنزل وذهابه إلى الصيد في نهر ممنوع، ليواجه بعدها الأشقاء نبوءة عنيفة لرجل صوفي تهدد صميم الأسرة المتماسكة ، حيث تتوقع النبوءة مقتل أحد الإخوة على يد أخيه، وتوضح الرواية كيف تؤدى تلك النبوءة إلى أحداث عنف تتسبب فى شرخ العلاقة بينهم وكسر الروابط الأخوية, مما يطلق العنان لمجموعة من الأحداث المأساوية, يسلط من خلالها المؤلف الضوء على نيجيريا بكل تعقيداتها التاريخية والسياسية والثقافية، مازجا فى روايته بين القصص الإفريقية التراثية والأدب المعاصر. بينما تحكى رواية »عام الهاربين The Year of the Runaways للبريطانى من أصل هندى سنجيف ساهوتا, حكاية ثلاثة شباب: توتشي ، رانديب, وأفاتار, يعيشون مع عمال مهاجرين آخرين في منزل بمقاطعة شيفيلد فى بريطانيا، وأفاتار متزوج من امرأة تدعى ناريندار, إلا أنهما لا يعرف أحدهما الآخر جيدا ويعيش كل منهما بعيدا عن الآخر. كل شاب منهم أتى فى رحلة من الهند يائسا بحثا عن حياة جديدة، هاربا من ظروف صعبة؛ فتوتشي أتى إلى بريطانيا فراراً من التعصب بالهند وتصاعد الطائفية الهندوسية . ومابين الهندوبريطانيا يندفع نهر الذكريات والأحداث. وتثار التساؤلات حول الحياة والواقع على لسان أبطال الرواية، فناريندار امرأة تقية, ابنة لرجل دين هندى, منخرطة فى ممارسة الشعائر الدينية، ولكن تتعرض لظروف صعبة تدفعها للتساؤل حول مدى جدوى كونها إنسانة صالحة فى عالم ظالم, وكيف يمكن أن تتعارض الفضيلة مع القانون. هى رواية تناقش قضايا سياسية واجتماعية, ولكنها أيضا رواية عن الأحلام الجريئة والصراع اليومي مع الحياة للنجاة. أما رواية »بكرة الخيط الزرقاء A Spool of Blue Thread » للكاتبة آن تايلر فهى تسرد رحلة عائلة عبر ثلاثة أجيال يحاول أعضاؤها الحفاظ على تماسكها واستمراريتها لدرجة تصل إلى الهوس أحيانا, وذلك بإنكار وفاة بعض أعضائها من أجل الإيعاز بالاستمرارية،ويصبح منزل العائلة الكبير هو محور كل حكاية لأجيالها المتتابعة . وتبرز رواية »حياة صغيرة A Little Life » للكاتبة هانيا ياناجيهارا تحدى الواقع المعاش بالخروج على المألوف, عبر حكاية أربعة شباب كانوا معا خلال الجامعة يشقون طريقهم في مدينة نيويورك: هناك مالكولم، وهو مهندس معماري لا يزال يعيش مع والديه رغم بلوغه 27 عاما، وجى بي وهو رسام صوره تكافح ليبرز وسط أقرانه، و ويليام الممثل الواعد، وجوود المدعي العام الصغير.على مدى عقود تتعمق صداقتهم ليواجه الأصدقاء تحديا لعمق علاقتهم عند مرض صديقهم جوود، حيث تبعث الرواية برسالة قد تبدو مفرطة فى التشاؤم من خلال تجربة جوود لإثبات أنه لا الحب ولا المال يمكن أن يشفي جراح الماضي. جدير بالذكر أن ماكارثى هو الكاتب الوحيد الذى رشح من قبل للجائزة فى عام 2010، كما يعتبر الكاتب أوبيوما، البالغ من العمر 28 عاما، أصغر المرشحين للجائزة على القائمة القصيرة للمان بوكر بروايته الأولى، فى حين يعد مارلون جيمس أول كاتب جامايكى يرشح للفوز بالجائزة. ومن المقرر أن يعلن الفائز بالجائزة التى تبلغ قيمتها 50 ألف دولار فى 13 أكتوبر المقبل.